الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

جريمة حرب وإبادة جماعية.. إسرائيل تجوّع الفلسطينيين عمدا

  • مشاركة :
post-title
طفل يحاول شرب مياه نظيفة في رفح الفلسطينية – وكالات

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

قال مايكل فخري، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، إن إسرائيل تقوم بتجويع الفلسطينيين عمدًا، ما يشكل جرائم حرب وإبادة جماعية، يجب محاسبتها عليها.

وأكد "فخري" في حديث لصحيفة "الجارديان" البريطانية، إنه "لا يوجد سبب لعرقلة مرور المساعدات الإنسانية عمدًا، أو تدمير سفن الصيد الصغيرة، والبساتين في غزة، بخلاف حرمان الناس من الوصول إلى الغذاء".

وقال: "من الواضح أن حرمان الناس من الطعام عمدًا يعد جريمة حرب. لقد أعلنت إسرائيل عن نيتها تدمير الشعب الفلسطيني، كليًا أو جزئيًا، لمجرد كونهم فلسطينيين".

وأضاف: "من وجهة نظري، كخبير في مجال حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فإن الوضع الآن هو حالة إبادة جماعية. وهذا يعني أن دولة إسرائيل بأكملها مذنبة ويجب محاسبتها، وليس فقط الأفراد أو هذه الحكومة أو ذلك الشخص".

ولفت "فخري" إلى أن سرعة سوء التغذية لدى الأطفال الصغار مذهلة "إن القصف والقتل المباشر للناس هو أمر وحشي، لكن هذه المجاعة -وهزال الأطفال وتقزمهم- أمر معذب وحقير".

وأشار "فخري"، أستاذ القانون في جامعة أوريجون، إلى أن التجويع سيكون له تأثير طويل المدى على السكان جسديًا ومعرفيًا ومعنويًا، مؤكدًا "كل الأمور تشير إلى أن هذا كان مقصودًا".

استهداف الأطفال

منذ أن أطلق الاحتلال وحشيته الكاملة في عدوانه على قطاع غزة، ينتشر الجوع وسوء التغذية الحاد على نطاق واسع، حيث يواجه نحو 2.2 مليون فلسطيني نقصًا حادًا، نتيجة قيام إسرائيل بتدمير الإمدادات الغذائية، والقيود الشديدة على تدفق الغذاء والأدوية والإمدادات الإنسانية الأخرى.

كما تتعرض شاحنات المساعدات، والفلسطينيون المنتظرون للإغاثة الإنسانية فيما يفترض أنها ممرات آمنة، للنيران الإسرائيلية.

ووجدت فحوصات التغذية في المراكز الصحية والملاجئ في شهر يناير الماضي، أن ما يقرب من 16% من الأطفال دون سن الثانية -أي ما يعادل طفل واحد من كل ستة رضع- يعانون سوء التغذية الحاد أو الهزال في شمال غزة، حيث يوجد 300.000 فلسطيني محاصرين دون السماح بأي مساعدات غذائية تقريبًا من قِبل إسرائيل.

ومن بين هؤلاء، يعاني ما يقرب من 3% من الهزال الشديد، ويواجهون خطر الإصابة بمضاعفات طبية أو الوفاة دون مساعدة عاجلة، وفقًا لتقرير صدر أخيرًا عن الأمم المتحدة.

كما أشارت تقارير إلى قيام آباء بإطعام أطفالهم العلف الحيواني، فقط على أمل إبقائهم على قيد الحياة.

وفي رفح الفلسطينية في الجنوب، حيث تركز إسرائيل حاليًا هجماتها العسكرية، يعاني 5% من الأطفال دون العامين من سوء التغذية الحاد.

وأكدت "الجارديان" أنه من المرجح أن يكون الوضع أسوأ اليوم، حسبما حذرت اليونيسف -التي مُنعت من الوصول إلى شمال القطاع- على الرغم من تقديمها طلبات يومية للاحتلال اليومية منذ 1 يناير.

جوع ومرض

يُعّد تجويع المدنيين عمدًا، من خلال حرمانهم من أشياء لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك تعمد إعاقة إمدادات الإغاثة، جريمة حرب، وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وتشمل الأشياء التي لا غنى عنها الغذاء والماء والمأوى، التي تحرمها إسرائيل بشكل منهجي من الفلسطينيين.

ويعتبر التجويع جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف وميثاق روما.

كما تم الاعتراف بالتجويع العمدي كجريمة حرب، وانتهاك عام للقانون الدولي، من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2018.

وفي جميع أنحاء غزة، هناك 95% من الأسر التي تقيد وجبات الطعام، مع استشهاد كثير من البالغين القائمين على إطعام الأطفال الصغار.

في الوقت نفسه، فإن الطعام القليل الذي يحصل عليه الأطفال يفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية اللازمة.

وفي المتوسط، كان لدى الأسر -التي شملتها الدراسة الأممية- أقل من لتر واحد من المياه الصالحة للشرب للشخص الواحد في اليوم.

كما يصاب ما لا يقل عن 90% من الأطفال دون سن الخامسة بمرض معدٍ واحد أو أكثر.

وتشير سرعة أزمة سوء التغذية إلى حقيقة أنه حتى قبل هذه الحرب، كان نصف سكان غزة يعانون انعدام الأمن الغذائي وكان ما يقرب من 80٪ يعتمدون على المساعدات الإنسانية بسبب الحصار المستمر منذ 16 عامًا.

سياسة التجويع

تضييقًا على الفلسطينيين، اعتبرت إسرائيل البحث عن الأعشاب البرية المحلية مثل الزعتر، والعكوب، والمريمية، جريمة جنائية يعاقب عليها بالغرامات والسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.

كما يتعرض الصيادون الفلسطينيون منذ سنوات لإطلاق النار والاعتقال وتخريب مراكبهم من قِبل القوات الإسرائيلية، في انتهاك لاتفاقيات أوسلو لعام 1995، التي تسمح لهم بالوصول إلى مسافة تصل إلى 20 ميلًا بحريًا.

وفي عام 2019، أشارت دراسة أجريت حول الزراعة الصغيرة في الأراضي الفلسطينية أن "الاحتلال الإسرائيلي هو أهم محرك منفرد لانعدام الأمن الغذائي".

وقبل العدوان، كان الوضع هشًا للغاية بالفعل، بسبب تضييق الخناق الذي تفرضه إسرائيل على ما يدخل إلى غزة ويخرج منها. ثم امتد العنف الحالي ضد الفلسطينيين وإمداداتهم من الغذاء والمياه، إلى الضفة الغربية المحتلة.

بعد عملية "طوفان الأقصى"، تُرك 24 ألف فدان من الزيتون دون حصاد في الضفة الغربية بعد أن منعت إسرائيل المزارعين من الوصول إلى بساتينهم، ما أدى إلى خسارة 1200 طن متري، أو ما يعادل 10 ملايين دولار، من زيت الزيتون.

وقال فخري: "عندما بدأت الحرب، تمكنت إسرائيل بسهولة شديدة من جعل الجميع يعانون الجوع لأن معظم الناس كانوا على حافة الهاوية".

وأضاف: "لم نر قط سكانًا مدنيين يُجبرون على الجوع بهذه السرعة وبهذه الدرجة الكاملة، هذا هو الإجماع بين خبراء المجاعة".

وأكد: "إسرائيل لا تستهدف المدنيين فقط، بل تحاول تدمير مستقبل الشعب الفلسطيني من خلال إيذاء أطفالهم".

وسوم :