مع تزايد ضغط الاحتلال الإسرائيلي، وقيامه برفض تصاريح دخول قوافل المساعدات بشكل مُتزايد خلال الفترة الماضية، أصبح الفلسطينيون يعيشون واقعًا مأساويًا مريرًا، خاصة المقيمين في شمال غزة، حيث لجأوا إلى حيل جديدة؛ من أجل البقاء على قيد الحياة، وسط تحذيرات من الأمم المتحدة بارتفاع سوء التغذية بين الأطفال الصغار بشكلٍ حادٍ.
ودخل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة شهره الخامس، مُخلفًا دمارًا هائلًا في الأرواح والبنية التحتية للقطاع، حيث دُمرت أكثر من 60% من المباني في شمال غزة وجنوبها، واُستشهد ما يقرب من 30 ألفًا، أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، وأُصيب 67 ألفًا، وفقًا لتقديرات الصحة في القطاع، كما نزح بسبب الصراع 80% من السكان البالغ عددهم 2 ونصف المليون فلسطيني في مخيمات وملاجئ، على 20% فقط من الأرض.
تصاريح الدخول
في المناطق الشمالية لقطاع غزة، يعيش ما يقدر بنحو 300 ألف شخص، وفقًا لتقديرات وكالة تنسيق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، ويواجهون خطر المجاعة المُتزايد؛ بسبب حرمانهم بشكل كبير من المساعدات، وبحسب شبكة "بي بي سي" العالمية، فإن ذلك يعود لرفض تصاريح دخول قوافل المساعدات بشكل متزايد من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
وأكدت الوكالة الأممية أن أكثر نصف المساعدات الإنسانية والإغاثية، والتي تخرج من الجانب المصري إلى شمال غزة مُنعت من الوصول خلال الأسابيع الماضية، مشيرين إلى أن هناك تدخلًا متزايدًا من القوات الإسرائيلية في كيفية ومكان تسليم المساعدات، لافتين إلى أن هذا الأسبوع فقط، أوقف الاحتلال 4 قوافل من أصل 5 كانت متجهة للشمال، مما يعني وجود فجوة بين الكميات وعدد المواطنين.
حيل جديدة
بسبب النقص الحاد في الغذاء، أُجبر سكان قطاع غزة على اللجوء إلى حيل جديدة، لمساعدتهم على البقاء على قيد الحياة، خاصة الأطفال والمسنين، حيث قاموا بطحن علف الحيوانات وتحويله إلى دقيق، لكن كما نقلت الشبكة عن السكان، فإن حتى مخزون تلك الحبوب يتضاءل مع مرور الوقت، كما تكافح الأسر؛ من أجل العثور على إمدادات مياه، ويقومون بحفر التربة للوصول إلى أنابيب المياه من أجل استخدامها، مشيرين إلى أن مياه الأنابيب قذرة وتحتوي على رمل وملح، وتسبب التهابات وتآكل لأسنان الأطفال.
كما أصبحت مخزونات المواد الغذائية المعلبة آخذة في الاختفاء، مشيرين إلى أن كل المساعدات المسموح بدخولها إلى شمال غزة قد تم استهلاكها بالفعل حتى الآن، وأصبح الأرز فقط هو الأكل الوحيد للأهالي، مما جعل الوكالة الأممية تطلق تحذيرًا بوصول سوء التغذية الحاد بين الأطفال الفلسطينيين إلى أعلى نقطة من العتبة الحرجة بـ 15%.
خطر المجاعة
ومنع الاحتلال، بحسب الشبكة البريطانية، وصول 56% من المساعدات في يناير الماضي، مقارنة بـ 14% من أكتوبر إلى ديسمبر، ناقلة عن المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمية، استغرابه من قيام الاحتلال في أحيان كثيرة بطلب مبررات لكميات الوقود المخصصة للمنشآت الصحية، كما يفرض تخفيضات كبيرة على حجم المساعدات التي تصل القطاع مثل كمية الطعام.
وحذر المسؤول الأممي، من أن عدم إدخال كميات كبيرة جدًا من المساعدات الغذائية بشكل منتظم إلى القطاع، فإن ذلك سيؤدي إلى خطر حقيقي يؤدي لحدوث مجاعة، كما قدر تقييم مخاطر المجاعة، الذي أجرته عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة، أن ما يقرب من ثلث السكان في المناطق الشمالية قد يواجهون الآن نقصًا "كارثيًا" في الغذاء، على الرغم من أن القيود المفروضة على الوصول إلى المنطقة، تجعل القياسات في الوقت الحقيقي صعبة للغاية.
وبعد أربعة أشهر من الحرب، وفقًا للشبكة، بدأت تلك الحلول المؤقتة أيضًا، لسد فجوات الجوع لأهالي الشمال في النفاد، مع تدمير نصف الأراضي الزراعية تمامًا، أما في الجنوب، وبينما تقصف إسرائيل رفح، قبل الهجوم البري المُتوقع على نطاق واسع هناك، يتنافس أكثر من مليون نازح؛ من أجل الحصول على مساحة مع سكان المدينة البالغ عددهم 300 ألف نسمة.