قبل يومين، أعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتونى بلينكن، معارضة الولايات المتحدة للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في تصريحات كشفت عن انزعاج إدارة الرئيس جو بايدن، من تصرفات حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، وفق ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي، لم تفصح عن هُويته، أن سياسة البيت الأبيض بوصف المستوطنات بالضفة الغربية على أنها "غير قانونية"، تأتي "ردًا على تقارير تفيد بأن الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين نتانياهو، تخطط لمزيد من التوسع الاستيطاني".
وأول أمس الجمعة، أعلن بلينكن عن تغيير موقف الإدارة الأمريكية السابقة، بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، قائلًا إنها "تتعارض مع القانون الدولي".
وأضاف "بلينكن"، في مؤتمر صحفي من الأرجنتين: "إدارتنا تحافظ على معارضتها الصارمة للتوسع الاستيطاني، وفي رأينا أن ذلك يضعف أمن إسرائيل ولا يقويه".
وقال مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، في غضون دقائق من تصريحات بلينكن، إن قرار إعلان المستوطنات غير قانونية جعل إدارة بايدن في انسجام مع الإدارات الأمريكية السابقة باستثناء إدارة ترامب.
وأضاف "كيربي": "نحن ببساطة نؤكد من جديد الاستنتاج الأساسي المتمثل في أن هذه المستوطنات تتعارض مع القانون الدولي".
وبحسب مراقبين، فإن البيان الذي يصف المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية بأنها "غير قانونية" يعيد السياسة الأمريكية إلى ما كانت عليه منذ عام 1978، عندما أعلن الرأي القانوني لوزارة الخارجية أن هذه المستوطنات "تتعارض مع القانون الدولي".
وجاء في ذلك الرأي، الذي صدر في عهد إدارة الرئيس الراحل جيمي كارتر، أن "الأرض التي تقع تحت سيطرة المحتل لا تصبح بالتالي أراضيه ذات السيادة".
وفي ذلك الوقت، كان هناك ما يقدر بنحو 75 مستوطنة إسرائيلية في غزة والضفة الغربية المحتلة. والآن، هناك ما لا يقل عن 146 مستوطنة سمحت بها حكومة الاحتلال في الضفة الغربية، إلى جانب 144 مستوطنة غير معترف بها رسميًا، وفقًا لمنظمة "السلام الآن" الإسرائيلية.
ولكن في عام 2019، أعلن وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات انتهاكًا للقانون الدولي، على الرغم من أنه لم يوجه أبدًا بإصدار رأي قانوني جديد.
وخلال زيارته الأولى إلى إسرائيل بوصفه وزيرًا للخارجية في مايو 2021، قال "بلينكن" إن إدارة بايدن تعارض "أي خطوات" من شأنها أن تخاطر "بإثارة العنف" أو تقوض "احتمال العودة إلى السعي وراء حل الدولتين"، بما في ذلك المستوطنات الجديدة.
وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، كشف في وقت متأخر من الخميس الماضي، عن خطط للموافقة على بناء 3000 وحدة استيطانية جديدة، معتبرًا أن خطط التوسعة جزء من "تعميق قبضتنا الأبدية على أرض إسرائيل بأكملها"، على حد زعمه.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول سابق في إدارة الرئيس جو بايدن، وصف قرار سموتريتش بـ"الشائن"، خاصّة بعد الدعم الأمريكي الكبير الذي قدمته واشنطن لحكومة الاحتلال، في أعقاب الهجوم على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر الماضي.
وذكرت الصحيفة نقلًا عن مسؤولين أمريكيين، إن قرار توضيح موقف واشنطن بشأن المستوطنات تم بحثه وتخطيطه بالفعل كجزء من الإجراءات الأخيرة "للتعبير عن انزعاج الإدارة المتزايد من التصرفات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية المحتلة".
وكانت تلك الإجراءات الأمريكية بدأت في ديسمبر، بفرض حظر إصدار تأشيرات دخول للولايات المتحدة على المستوطنين الإسرائيليين، الذين نفذوا أعمال عنف في الضفة الغربية المحتلة، وقوضوا الأمن هناك.
وفي فبراير الحالي، أصدر بايدن أمرًا تنفيذيًا يسمح بفرض عقوبات مالية على 4 مستوطنين محددين، أعقبه بعد أسبوع مذكرة تتعلق بالأمن القومي تذكر متلقي الأسلحة الأمريكية بضرورة الامتثال للقانون الدولي.