انتهاكات دولة الاحتلال لا تزال تنهك الوجود الفلسطيني، سواء بإزهاق الأرواح في غزة أو تقييد الحرية بالاعتقال أو التوسع في انتزاع الأراضي غير القانوني في الضفة، وهذه الأخيرة نبهت إليها إحدى المنظمات الإسرائيلية، إذ استغل عدد من المستوطنين اليهود الأحداث، للتوسع غير المسبوق في إنشاء البؤر الاستيطانية.
منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، أصدرت تقريرًا سلطت فيه الضوء على زيادة غير مسبوقة في بناء البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، منذ بدء حرب السابع من أكتوبر التي تدخل يومها الثاني والتسعين، إضافة إلى الطرق والأسوار والحواجز التي بناها مستوطنون يهود على حساب الوجود الفلسطيني في تلك المواقع.
نطاق غير مسبوق
التقرير الإسرائيلي أشار إلى أنه "خلال الثلاثة الأشهر من الحرب في غزة، شهدت الضفة الغربية نطاقًا غير مسبوق في بناء المواقع الاستيطانية، حيث يواصل المستوطنون سيطرتهم على المنطقة (ج) في الضفة الغربية ويطردون الفلسطينيين من تلك الأراضي، إلى جانب استمرار عنف المستوطنين، وإنشاء حواجز الطرق التي تمنع الفلسطينيين من مغادرة قراهم إلى الطرق الرئيسية، وإنشاء سياج على طول الطرق لمنع عودة الفلسطينيين أو وجودهم في مناطق الرعي المختلفة".
وأسس المستوطنون اليهود ما لا يقل عن 11 بؤرة استيطانية جديدة منذ حرب 7 أكتوبر، واخترقوا ما لا يقل عن 18 طريقًا غير قانوني، كما عاد المستوطنون إلى منطقة "عمونا" وهي بؤرة استيطانية على أرض خاصة مملوكة لفلسطينيين، تم إخلاؤها بأمر من المحكمة عام 2017، وفي المقابل حصل المستوطنون على تعويضات مالية وأقيمت مستوطنة "عميحاي".
التقرير يوضح أن المستوطنين يصرون على مواصلة تنقلاتهم داخل قرى فلسطينية، ويغلقون طرقًا رئيسية في تحدٍ للقرارات الرسمية، إضافة إلى إنشاء أسوار على مناطق واسعة، ومنع وصول المزارعين والرعاة الفلسطينيين إلى قراهم، كما أن الجزء الكبير من البؤر الاستيطانية والطرق تقع على أراضٍ فلسطينية خاصة.
هياج جامح
المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية، وصفت ما يحدث في الضفة الغربية بـ"هياج المستوطنين الجامح"، موضحة أن المستوطنين استغلوا فترة الحرب في غزة إلى أقصى حد للسيطرة على مساحات واسعة من الأراضي دون توقف مع تجاهل القانون والانتهاكات مع عزل مناطق كاملة ويمنعون حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، مشيرة إلى أن ذلك يؤدي إلى تغيير في الضفة الغربية ويجب وقف هذا "الهياج" الآن.
وعددت المنظمة أسماء البؤر الاستيطانية الجديدة، وذكرت منها "أصايل الشمالية، غرب عميحاي، جفعات هكتورات، سدي يوناتان، أو مئير، طوبا، يحش صهيون، عامونا، غرب بتير"، إضافة إلى "بؤر استيطانية" تقام فيها خيام أو وجود جزئي للمستوطنين الذين لم يتم إدراجهم في القائمة.
إنشاء طرق سريعة
وتتواصل أعمال تعبيد الطرق من قبل المستوطنين بأقصى سرعة، فيما ذكرت المنظمة أنه لا توجد أي حالات قامت فيها الإدارة المدنية بمنع أو إلغاء الطرق المعبدة، ولم تكن هناك حالات تمت فيها مصادرة الأدوات الثقيلة المستخدمة في رصف الطرق، وهذا على النقيض من ظاهرة مصادرة الأدوات الثقيلة المنتشرة على نطاق واسع عندما يقوم الفلسطينيون بالبناء دون ترخيص.
ووثقت المنظمة ما لا يقل عن 18 طريقًا جديدًا شقها المستوطنون، وهو ما يجعل من الممكن الاستيلاء على مساحات جديدة واسعة على طول الطريق، ويشكل منطقة لن يقترب منها الفلسطينيون بسبب وجود المستوطنين وسهولة وصولهم إلى المنطقة.
تشييد أسوار
ووفق المنظمة الإسرائيلية، فإن هناك وسيلة أخرى للسيطرة على مناطق مفتوحة واسعة وهي بناء الأسوار بطول مئات الأمتار وحتى الكيلومترات، مشيرة إلى أنه منذ 7 أكتوبر أغلق الجيش مئات المداخل والمخارج للمستوطنات على طول طرق المرور الرئيسية في الضفة الغربية، ومع نهاية أكتوبر، وأنه في كثير من الحالات، ينزل المستوطنون كعائلات أو نساء وأطفال، إلى جانب المراهقين والشباب ويغلقون الممرات المرورية، وفي معظم الحالات، يقوم الجيش بتأمين القرى".
وقالت منظمة "يش دين" الإسرائيلية غير الحكومية هذا الأسبوع، إن أعمال العنف التي ارتكبها مستوطنون ضد فلسطينيين في الضفة الغربية سجلت رقمًا قياسيًا عام 2023، وسجلت الأمم المتحدة من جهتها أيضًا 1225 هجومًا شنه مستوطنون ضد فلسطينيين خلال العام نفسه.