في خطوة نادرة تهدف إلى حماية الفلسطينيين في الولايات المتحدة من الترحيل، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن أمرًا تنفيذيًا يمنح نحو 6 آلاف فلسطيني الحق في البقاء وممارسة العمل بشكل قانوني في البلاد لمدة 18 شهر فقط، في حين جاء هذا القرار وسط انتقادات متزايدة لدعم الولايات المتحدة إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة.
سلطة غريبة
أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى أن بايدن استخدم سلطة -قليلة الاستخدام- تسمى "الإبعاد المؤجل المنفذ" لمنح الفلسطينيين في الولايات المتحدة إعفاءً من الترحيل، وقال في مذكرة حصلت عليها الصحيفة: "لا يزال العديد من المدنيين في خطر في غزة بعد هجمات 7 أكتوبر.. لذلك، أنا أوجه بتأجيل إبعاد بعض الفلسطينيين الموجودين في الولايات المتحدة".
ضغوط على بايدن
يأتي هذا القرار بينما يواجه بايدن ضغوطًا متزايدة بسبب الحرب، وخاصة من الأمريكيين العرب الذين كانوا في السابق من مؤيديه بشكل موثوق، إذ في الأسابيع الأخيرة، نظمت المجموعات المؤيدة للفلسطينيين مظاهرات خارج تجمعات حملة بايدن، جاء ضمن هتافاتها "جو المجرم".
وأدى العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة إلى استشهاد أكثر من 28 ألف فلسطيني، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، ودمر القصف الإسرائيلي للقطاع جزءًا كبيرًا من غزة انتقامًا من عملية طوفان الأقصى التي نفذتها فصائل المقاومة وأدت إلى مقتل أكثر من 1200 شخص في إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي.
ترحيب بالقرار واستثناءات
من جهته، رحب عبد أيوب، المدير التنفيذي للجنة مناهضة التمييز العربي الأمريكية، بقرار إعفاء الفلسطينيين من الترحيل قائلًا: "هناك حاجة ماسّة لهذا، نرى أن الوضع في غزة وفلسطين لا يتحسن، وهذا أمر مرحب به ونحن سعداء برؤيته يتم تنفيذه. نأمل أن تتخذ تدابير أخرى".
وأشارت الصحيفة إلى أنه هناك بعض الاستثناءات لأمر بايدن، إذ لن يتم حماية الفلسطينيين الذين أدينوا بجرائم جنائية أو أولئك "الذين يعتبرون يشكلون تهديدًا لأمن الجمهور" من الترحيل، بحسب تصريحات جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن.
ضغوط جمهورية
في المقابل، دفع بعض الجمهوريين نحو تشديد القيود على الفلسطينيين، إذ قدم النائب ريان زينكي من مونتانا، وهو مسؤول سابق في إدارة ترامب، تشريعًا في نوفمبر لإلغاء تأشيرات الفلسطينيين ومنعهم من الحصول على وضع اللاجئ أو اللجوء في الولايات المتحدة.
وتفيد الصحيفة بأن قرار بايدن بحماية الفلسطينيين من الترحيل قيد الترتيب منذ فترة، إذ وقع أكثر من 100 موظف في وزارة الأمن الداخلي على رسالة مفتوحة إلى أليخاندرو ن. ميوركاس، وزير الأمن الداخلي، في الخريف، يقولون فيها إن الوزارة يجب أن تمدد بعض الحماية للفلسطينيين.
كما دعا بعض الديمقراطيين في الكونجرس الإدارة إلى إيجاد طريقة لحماية الفلسطينيين في الولايات المتحدة، إذ كتبوا في نوفمبر في رسالة وقعها السناتور ريتشارد ج. دوربين من إلينوي، وإليزابيث وارن من ماساتشوستس وآخرون: "في ضوء الصراع المسلح المستمر، لا ينبغي إجبار الفلسطينيين الموجودين بالفعل في الولايات المتحدة على العودة إلى الأراضي الفلسطينية، بما يتماشى مع التزام بايدن المعلن بحماية المدنيين الفلسطينيين".
وجوب حماية الفلسطينيين
وقال النواب إن هذه الفئة يجب أن تكون مشمولة بالإبعاد المؤجل المنفذ أو برنامج مماثل يسمى الحماية المؤقتة، والذي تم استخدامه لمساعدة الأشخاص من فنزويلا وأفغانستان وأوكرانيا وغيرها.
وأشار أهيلان أرولانانثام، مدير مركز قانون وسياسة الهجرة في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا، إلى أن التأثير العملي قصير المدى هو نفسه تحت كلا البرنامجين، قائلًا: "سيحصل كل فرد مؤهل على الحماية من الترحيل وقدرة الحصول على تصريح عمل"،
لكنه حذر من أن الفلسطينيين قد يكونوا أكثر عرضة لخطر انتهاء الحماية لأنها تخضع لتقدير الرئيس.
عقوبات بايدن
في وقت سابق من هذا الشهر، أمر بايدن بفرض عقوبات مالية وسفرية على أربعة مستوطنين إسرائيليين متهمين بشن هجمات عنيفة على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
على الرغم من أن الحرب تركزت في غزة، إلا إن هناك أيضًا عنفًا متزايدًا في الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 ويقطنها أكثر من 2.5 مليون فلسطيني.
وتوضح الصحيفة أن هذه الخطوة من قبل إدارة بايدن تمثل محاولة لتهدئة الانتقادات المتزايدة من قبل الجماعات الفلسطينية والعربية الأمريكية حول الدعم الأمريكي لإسرائيل، ومع ذلك، لا تزال السياسة الأمريكية تميل بشكل واضح لصالح إسرائيل، إذ لا تزال المساعدات العسكرية الضخمة مستمرة دون أي شروط.