الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ألمانيا الخاسر الأكبر من الحرب الأوكرانية.. كيف استفادت واشنطن من النزاع؟

  • مشاركة :
post-title
الحرب الروسية الأوكرانية تقترب من عامها الثالث

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

مع اقتراب الحرب الأوكرانية من عامها الثالث، 24 فبراير الجاري، تبخرت أهداف الغرب على الجبهة الاقتصادية، وأصبح الخاسرون يلملمون جراحهم بينما كانت الولايات المتحدة أحد الفائزين من الصراع.

نزاع مفيد لواشنطن

الخبير الاقتصادي الأمريكي ريتشارد وولف قال في مقابلة مع قناة "Dialogue Works" عبر منصة "يوتيوب": "إن النزاع الأوكراني مفيد للغاية لواشنطن، إذ تضطر ألمانيا الآن إلى شراء الموارد منها بأسعار ضخمة".

وأضاف "وولف" أن "أوروبا التي كانت ألمانيا محركها الرئيسي، وتجسد اقتصاد المنطقة، لم يعد من الممكن اعتبارها قوة، فالصناعة الألمانية كانت تعتمد على موارد الطاقة الروسية، وعلى هذا فإن أوروبا تواجه سؤالًا بالغ الأهمية: ما الدور الذي قد تلعبه الآن في الاقتصاد العالمي الجديد؟"

روسيا المستفيد

في الوقت الذي أدت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا إلى خفض الإمدادات العالمية من النفط والغاز الطبيعي، استفادت روسيا من ارتفاع الأسعار، حتى مع انخفاض حجم صادراتها، إذ أفاد صندوق النقد الدولي "IMF" بأن الاقتصاد الروسي انكمش بنسبة 2.2% فقط في عام 2022، مقارنة بانكماش بنسبة 8.5% كان قد توقعه، حسب "ذا أوبزرفر" البريطانية.

الاقتصاد الأوروبي تأثر بالحرب الأوكرانية
ضربة قوية لأوروبا

الاقتصادات الأوروبية أيضًا تلقت ضربة قوية، إذ كانت ألمانيا أكثر اعتمادًا على الطاقة الروسية المستوردة من الدول الأوروبية الكبرى الأخرى، لذلك بعد نموها الضئيل بنسبة 1.9% في عام 2022، وحققت نموًا ضئيلًا بنسبة 0.1٪ في 2023، فيما دفعت الصناعة الألمانية نحو 40% إضافية مقابل الطاقة في عام 2023.

لكن الولايات المتحدة كانت أقل تأثرًا بشكل مباشر من أوروبا، وبالنسبة للغاز الطبيعي، فإن موردي الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة مثل تشينير وشركات مثل توتال التي توزع الغاز في أوروبا، يستبدلون إمدادات أوروبا من الغاز الطبيعي الروسي بالغاز المستخرج من الولايات المتحدة، بنحو أربعة أضعاف الأسعار التي يدفعها العملاء الأمريكيون.

هيمنة الولايات المتحدة

أعادت الحرب خضوع أوروبا لهيمنة الولايات المتحدة على المدى القصير، فإن التأثيرات الواقعية للحرب يمكن أن يكون لها نتائج مختلفة تمامًا على المدى الطويل، إذ قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "في السياق الجيوسياسي اليوم، بين الدول التي تدعم أوكرانيا، هناك فئتان يتم إنشاؤهما في سوق الغاز: أولئك الذين يدفعون غاليًا وأولئك الذين يبيعون بأسعار مرتفعة للغاية.. الولايات المتحدة منتج"، من الغاز الرخيص الذي يبيعونه بسعر مرتفع.. لا أعتقد أن هذا أمر ودود.

وكان العمل الأكثر عدوانية هو تخريب خطوط أنابيب الغاز تحت البحر "نورد ستريم"، التي كانت تنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، وذكر الصحفي الأمريكي الشهير سيمور هيرش، أن خطوط الأنابيب التي تم تفجيرها من قبل الولايات المتحدة، بمساعدة النرويج وهما الدولتان اللتان حلتا محل روسيا كأكبر موردين للغاز الطبيعي إلى أوروبا.

الغاز الأمريكي أحد المستفيدين من الحرب
الاستقلال السياسي

وأوضح "هيرش" أنه إلى جانب ارتفاع أسعار الغاز المُستخرج من الولايات المتحدة، أدى هذا إلى تأجيج الغضب بين الرأي العام الأوروبي، وفي الأمد البعيد قد يستنتج الزعماء الأوروبيون أن مستقبل المنطقة يكمن في الاستقلال السياسي والاقتصادي عن البلدان التي تشن هجمات عسكرية عليها، وهذا يشمل الولايات المتحدة وروسيا.

كما أن الفائزين الكبار في الحرب بأوكرانيا سيكونون بطبيعة الحال شركات تصنيع الأسلحة، التي تهيمن عليها الشركات الخمس الكبرى في الولايات المتحدة على مستوى العالم: لوكهيد مارتن، وبوينج، ونورثروب جرومان، ورايثيون، وجنرال دايناميكس، ومعظم الأسلحة التي تم إرسالها حتى الآن إلى أوكرانيا جاءت من المخزونات الموجودة في الولايات المتحدة.

ألمانيا الخاسر الأكبر

وفي مقال للكاتب "جابور ستينجارت" عبر مجلة "فوكس" الألمانية، قال: "بعد أوكرانيا، من المرجح أن تكون الجمهورية الاتحادية الخاسر الأكبر في هذه الحرب، ونتيجة للتبادل العسكري، تفقد ألمانيا أمنها وازدهارها وسمعتها في العالم، ومع روسيا فقدت مورد الغاز الرخيص والموثوق لعقود من الزمن".

وأضاف "ستينجارت" أن ألمانيا فقدت مناطقها النائية في أوروبا الشرقية، وفي ذروة العلاقات الاقتصادية الألمانية الروسية، بلغ حجم التجارة أكثر من 80 مليار يورو، أو 4% من تجارتها الخارجية، فإن التحالف القوي بين روسيا والصين لا يعني أي شيء جيد لصناعة التصدير الألمانية، وستستمر أمريكا في الدفع باتجاه الانفصال، وهو ما يصب أيضًا في مصلحة صناعتها".

ورأى أنه "كجزء من إعادة التوجيه الجيوستراتيجي للأمريكيين، فمن المحتمل أن تضطر ألمانيا إلى زيادة ميزانيتها العسكرية بشكل كبير، وفي الوضع الحالي فإن القوات المسلحة الألمانية لا تستطيع أن تفعل الكثير في مواجهة أسطوانة بوتين الفولاذية".

ألمانيا تفقد وصاية أمريكا

وبعد الولايات المتحدة الأمريكية، تدعم ألمانيا أوكرانيا أكثر من غيرها، لكن بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي، فهي تدعم أكثر بكثير "0.5%" من الولايات المتحدة الأمريكية "0.3%"، وإذا انتهت إمدادات الأمريكيين، فسيتعين على ألمانيا إنفاق نحو 16% من الميزانية الفيدرالية لعام 2024 لإبقاء الجيش الأوكراني جاهزًا للدفاع من أجل تزويد أوكرانيا بقدر مماثل من الدعم للولايات المتحدة في عام 2023، وإلا فإن الهزيمة العسكرية ستكون حتمية، وفق "ستينجارت".