الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"طريق مسدود".. كيف فشلت سياسة ألمانيا في الشرق الأوسط؟

  • مشاركة :
post-title
أنالينا بيربوك وزيرة الخارجية الألمانية في زيارة لإسرائيل -أرشيفية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

رغم الرفض الشديد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تشكل فكرة "حل الدولتين" بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حجر الزاوية في الجهود الرامية إلى إحلال السلام بالمنطقة، حتى أن أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية الألمانية، وصفت حل الدولتين بأنه "الحل الوحيد".

وقالت "بيربوك" في بيان صدر ديسمبر الماضي: "لن تتمكن إسرائيل أبدًا من العيش في أمان إذا لم يتم التغلب على الإرهاب، وعلى نفس المنوال لا يمكن لإسرائيل أن تتمتع بالأمن إلا إذا كان لدى الفلسطينيين أيضًا آفاق للمستقبل".

لكن حتى الآن، وفي تحدٍ لأقرب حلفائه الدوليين، رفض نتنياهو بشكل صريح إمكان التوصل إلى حل يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة الاحتلال.

ويشكل هذا الموقف مشكلة كبيرة بالنسبة للسياسة الألمانية في الشرق الأوسط، التي تعتمد بشكل كبير على الاستعداد للتسوية، رغم دعم برلين إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة المحاصر. حسب تحليل لـ"DW".

حل الدولتين

وينقل التحليل عن هانز جاكوب شندلر، محلل شؤون الشرق الأوسط في "مشروع مكافحة التطرف" - منظمة غير ربحية - قوله: لا يمكن لألمانيا إلا أن تستمر في إثارة هذا الأمر بشكل متكرر.

ويعتقد شندلر أن خطط إعادة التوطين الإسرائيلية في قطاع غزة، التي يدعمها وزيران متطرفان في الحكومة الإسرائيلية، علنًا ستكون "الطريقة الأضمن لترسيخ التطرف في المستقبل بغزة، وربما بين الفلسطينيين بشكل عام"، وفق تعبيره.

ودعا "بيربوك" تل أبيب إلى حماية المدنيين، إذ استشهد أكثر من 26 ألفًا في العدوان الإسرائيلي حتى الآن، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية.

وأشار المؤرخ مايكل وولفسون إلى أن التمسك بفكرة حل الدولتين يتجاهل الواقع تمامًا.

وتساءل في مقابلة مع الإذاعة العامة الألمانية "SWR": "كيف سنحقق حل الدولتين؟".

واقترح وولفسون إنشاء اتحاد فيدرالي محتمل بين غزة والضفة الغربية والأردن كبديل، وهو الاقتراح الذي لم تعرب أي دولة عن دعمها له.

في الوقت نفسه، جعلت المزاعم الإسرائيلية الأخيرة ضد وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بأن بعض موظفيها شاركوا في عملية "طوفان الأقصى" أو دعمها، الأمور أكثر تعقيدًا بالنسبة للدبلوماسية الألمانية في الشرق الأوسط، إذ علقت برلين والعديد من الدول الغربية الأخرى تمويلها للمنظمة.

ويقول المنحازون إلى جانب إسرائيل إن الحكومة الألمانية "فشلت في مراقبة كيفية إنفاق الأموال التي قدمتها لمنظمة الأمم المتحدة".

لكن لا أحد ينفي أن المنظمة الأممية تمثل البنية التحتية الإنسانية الوحيدة الموجودة في قطاع غزة، إذ لا توجد منظمة أخرى تمتلك الموظفين أو التمويل أو الخبرة التي تتمتع بها الأونروا.

في الوقت نفسه، لم تحدد إسرائيل ما المنظمة التي يمكن أن تحل محل العمل الإنساني الذي تقوم به الأونروا في غزة.

وبينما اتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين بغزة، تدخلت ألمانيا في القضية كطرف ثالث نيابة عن إسرائيل.

وفي مطلع الشهر الماضي، قال شتيفن هيبستريت، المتحدث باسم الحكومة الألمانية: "بسبب ماضينا، وبسبب المحرقة، نرى أنفسنا ملزمين بشكل خاص بدراسة هذه القضية عن كثب، ولسنا مقتنعين بأن الحجج المقدمة تبرر هذا الاتهام"، قاصدًا الإبادة الجماعية.

تحتاج لإسرائيل

مع تجمد المواقف في الشرق الأوسط، تضاءلت الأجواء أمام الجهود الدبلوماسية الغربية في المنطقة.

ويدل على هذا اللجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط، التي تتكون من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، التي سعت لسنوات للتوسط في المنطقة.

ويقول التحليل: "لقد فقد الغرب - بما في ذلك الولايات المتحدة - عمليًا كل نفوذه على إسرائيل لتحقيق حل الدولتين".

ومنذ فترة طويلة توقفت الدبلوماسية الألمانية عن لعب أي دور مهم في المنطقة "وهذا لا يتعلق بدعم إسرائيل بقدر ما يتعلق بألمانيا التي امتنعت عن القيام بالعمل كوسيط"، حسب شندلر.

ونقل عن وولفنسون خلال حديثه لـ"SWR": إن الشرق الأوسط هو لبنة بناء جيوسياسية وجيواقتصادية أساسية للغاية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى"، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي "لديه إمكانات محدودة فقط".

وأكد أن أوروبا تحتاج إلى إسرائيل من أجل "التكنولوجيا العسكرية".