أمس الخميس، حل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضيف شرف في العرض العسكري السنوي للهند، في زيارة تهدف إلى تعزيز علاقات فرنسا الاستراتيجية مع خامس أكبر اقتصاد في العالم.
وكان ماكرون قد استضاف رئيس الوزراء ناريندرا مودي في احتفالات "يوم الباستيل" العام الماضي في العاصمة الفرنسية باريس.
وبينما تُعاني فرنسا من خسارة فادحة لمستعمراتها السابقة في إفريقيا على يد الروس، يدفع ماكرون بلاده نحو مشاركة أكبر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في وقت تتودد فيه واشنطن وحلفاؤها الغربيون إلى الهند، باعتبارها ثقلاً عسكريًا واقتصاديًا موازنًا للصين.
شريك رئيسي
قبل وصوله إلى الهند، قال مكتب ماكرون إن الهند "شريك رئيسي في المساهمة في السلام والأمن الدوليين".
وتم استقبال ماكرون في الهند باستعراض للأفيال ومأدبة استضافها مودي في قصر المهراجا المزخرف، على قمة تل في مدينة جايبور.
بعدها، استمتع الرئيس الفرنسي بمشهد يوم الجمهورية السنوي في قلب نيودلهي، والذي ضم عرض الدبابات، وتحليق الطائرات المقاتلة، والحركات البهلوانية للدراجات النارية، ووحدات أخرى.
كما شاركت وحدات فرنسية في العرض العسكري، إلى جانب عدة طائرات مقاتلة من طراز "رافال"، التي اشترت الهند عشرات منها من شركة "داسو" الفرنسية.
وتأمل فرنسا في تقوية عقودها العسكرية مع الهند، التي تشتري بالفعل طائرات "رافال"، وغواصات من طراز "سكوربيون" في صفقات بمليارات الدولارات.
بدورها، تعمل الهند على تحديث قواتها المسلحة، وتسعى إلى تنويع مكتسباتها الدفاعية بما يتجاوز موردها التقليدي وعدو الغرب، روسيا.
ويشير تقرير لـ "فرانس 24" إلى أن اقتصاد الهند وسوقها الضخمة ساعدا حكومة مودي على تجنب الأسئلة الغربية المتعلقة بسجلها في مجال حقوق الإنسان في الداخل، والخلافات بينهما بشأن الحرب في أوكرانيا، وعلاقاتها التقليدية مع روسيا.
بدلا من بايدن
اعتاد القادة الهنود، في ذكرى الجمهورية، التي توافق 26 يناير من كل عام، على دعوة أحد كبار قادة العالم ليكون "ضيف الشرف" إلى جانب المسؤولين الهنود، بما يعكس متانة وقوة العلاقة بين الهند والبلد المدعو.
وبمناسبة قمة العشرين التي استضافتها الهند في العاصمة نيودلهي، في 8 سبتمبر الماضي، اقترح رئيس الوزراء ناريندرا مودي، على الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن يكون ضيف الشرف لعام 2024. ولكن بعد انتظار طويل، جاء الرد الأمريكي أن "أجندة الرئيس بايدن لا تسمح له بتلبية الدعوة"، ما دفع نيودلهي إلى استبدال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الأمريكي.
وكان باراك أوباما هو آخر رئيس أمريكي يلبي الدعوة الهندية في عام 2015، لكنه لم يترك ذكرى جميلة للهنود.
وبخلاف واشنطن، قبلت باريس الدعوة الرسمية، وقالت أوساط الإليزيه إنها "تشريف قوي لفرنسا، وأنها ستساعد على توفير دعم للعلاقات الثنائية القوية القائمة بين البلدين".
وتأتي زيارة ماكرون -وهي الثالثة بعد زيارة أولى في عام 2018 وثانية في سبتمبر الماضي للمشاركة في قمة العشرين- بعد أيام من افتتاح رئيس الوزراء الهندي معبدًا هندوسيًا، تم بناؤه على أرض مسجد كان قائمًا لعدة قرون، قبل أن يتم هدمه في عام 1992 على يد متعصبين هندوس بتحريض من أعضاء حزبه.
وقال مودي إن المعبد يبشر بـ "حقبة جديدة" للهند بعد احتفال يجسد انتصار سياساته القومية الهندوسية القوية، مما حفز الموالين له قبل الانتخابات هذا العام.
وأهدى ماكرون نسخة مصغرة من المعبد أثناء قيامهما بجولة في جايبور معًا مساء الخميس.
ويشارك رائد الفضاء الفرنسي، توماس باسكيه، ضمن البعثة الرسمية التي سترافق ماكرون، دلالة على التعاون في مجال اكتشاف الفضاء.
أيضًا، يعمل الطرفان على تعزيز التعاون في مجال توفير الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب، وأيضًا مشروعات الطاقة النظيفة.