حذّر عدد من السفراء والدبلوماسيين في واشنطن من أن الانقسام بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي يعرّض الأمن القومي الأمريكي للخطر، كما أن السياسات الأمريكية تضر بأمنها واقتصادها وأصدقائها ومكانتها كركيزة للديمقراطية والاستقرار العالمي، مشبّهين الولايات المتحدة بأنها "جاموس سمين" يحاول أن يرتاح مع اقتراب الذئاب الجائعة.
وفي الوقت الذي يدلي فيه الناخبون الأمريكيون بأصواتهم في المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا، اليوم الاثنين، يرى الكثيرون في الولايات المتحدة أن الانتخابات الرئاسية هذا العام بمثابة اختبار للديمقراطية الأمريكية، لكن صحيفة "بوليتيكو الأمريكية" كشفت أن العشرات من الدبلوماسيين الحاليين والسابقين، يشعرون بأن الولايات المتحدة تفشل بالفعل في هذا الاختبار، بسبب السياسات الأمريكية السامة.
السياسات الحزبية
ويشعر الدبلوماسيون بالذعر من أن العديد من القادة الأمريكيين يسمحون لحماسهم للسياسات الحزبية بأن تحول دون أداء الوظائف الأساسية للحكومة، مشيرين إلى أن السياسة الأمريكية أصبحت غير صحية إلى درجة أن العديد منهم يرفضون العودة مرة أخرى إذا عرض عليهم ذلك.
وعلى الرغم من القواعد والتقاليد التي تثني الدبلوماسيين الأجانب عن التعليق على السياسة الداخلية للدول الأخرى، إلا أن ملامح الحملة الرئاسية هذا العام، والكونجرس الذي بالكاد يستطيع اختيار رئيس لمجلس النواب أو الإبقاء على الحكومة مفتوحة، والمناقشات الأمريكية المثيرة للجدل بين أكبر حزبين بشأن المساعدات العسكرية لأوكرانيا، دفعت وفقًا للصحيفة، بعض الدبلوماسيين إلى التخلي عن قيودهم.
وجاء تدخلهم في السياسة الأمريكية الداخلية بعد أن وصلت - كما تقول الصحيفة - إلى الحضيض، مشيرة إلى أن قلقهم نابع من أن الوضع الذي تعيشه أمريكا يؤثر أيضًا على بلدانهم، مؤكدين أنه عندما لا يكون صوت الولايات المتحدة قويا وغير متوازن، وليس عادلًا كما ينبغي، فإن ذلك يخلق مشكلة للعالم، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية الآن بمثابة "جاموس سمين" يحاول أن يأخذ قيلولة، مع اقتراب الذئاب الجائعة.
اليمين المتطرف
وكشف الدبلوماسيون استياءهم من اليمين المتطرف الأمريكي، الموجود داخل الحزبين، مؤكدين تزايد شعورهم بأن الحجج الأخلاقية أو المتعلقة بالأمن القومي، حول الدفاع عن بلد تم غزوه ومنع حرب أكبر في أوروبا، وحماية الديمقراطية، لا تجدي نفعًا مع اليمين المتطرف الأمريكي، الذين يبدو أنه صاحب القرار.
كما أن الصفقات بين الديمقراطيين والجمهوريين من وجهة نظرهم تضر بالأمن العالمي، حيث يعتقد الحزبان أن إعلانهما لتلك الصفقات يُظهر نجاح النظام، ولكن مجرد إجراء مناقشة متوترة وطويلة وغير ضرورية حول موضوع الأمن العالمي من الممكن أن يؤدي إلى الإضرار بنظرة الولايات المتحدة عالميًا باعتبارها شريكًا يمكن الاعتماد عليه.
وضرب الدبلوماسيون مثلًا بالقضية الأوكرانية، منتقدين ربط المساعدات الأوكرانية بأمن الحدود الأمريكية، التي أدت من وجهة نظرهم إلى تشابك السياسة الخارجية مع قضية داخلية إلى حد كبير فحسب، ما يجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق، وبالتالي تقلص دورها العالمي في القضايا التي تحتاج إلى التزام طويل الأمد ورأس مال سياسي.
قوى بديلة
أيضًا يراقب الدبلوماسيون الأجانب بقلق شديد، كما تشير الصحيفة، إلى سياسات الإجهاض المستقطبة التي أدت إلى تأخير ترقيات ضباط الجيش الأمريكي وهددت بإلحاق الضرر ببرنامج بيبفار، وهو برنامج لمكافحة الإيدز، أنقذ حياة الملايين في إفريقيا، مشيرين إلى أن ذلك تسبب في تساؤلات حول التزام أمريكا تجاه منظمة حلف شمال الأطلسي.
وأكدت الصحيفة أن العالم ليس لديه الوقت الكافي لتعود الولايات المتحدة إلى سابق عهدها، وذلك بعد أن انتقلنا من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب، لكن القطب الرئيسي لا يزال هو الولايات المتحدة، وإذا كان هذا القطب الرئيسي لا يلعب الدور الذي يريده العالم، فسوف نرى قوى بديلة تظهر.