ثمة مخاوف من أن احتجاجات المزارعين، وإضرابات عمال السكك الحديدية في ألمانيا، تصب مباشرة في صالح اليمين المتطرف، وفق ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وتسببت التخفيضات في دعم الديزل والإعفاءات الضريبية على المركبات الزراعية في احتجاجات العمال الزراعيين، إذ من المقرر أن تستمر في أنحاء البلاد لمدة ثمانية أيام، وتؤدى إلى إغلاق الطرق السريعة، ووصفها رئيس جمعية المزارعين بأنها "لم تشهد البلاد مثيلًا لها من قبل".
والاحتجاجات التي ينظمها المزارعون في ألمانيا، في الأيام الأولى من العام الجديد، تخللتها مشاهد لمشانق تتدلى من إشارات المرور الضوئية على جانب الطرق، في إشارة إلى ألوان الأحزاب الحاكمة الثلاثة في ألمانيا.
نذير شؤم
ويمثل هذا المشهد المروع، نذير شؤم باحتجاجات وإضرابات غير مسبوقة عبر القطاعات، تضرب الطرق والسكك الحديدية الألمانية، بدءًا من غدٍ الاثنين.
ومع اقتراب الانتخابات الرئيسية في ولايات ألمانيا الشرقية هذا العام، يخشى بعض المزارعين أن الروح الثورية الجديدة، يمكن أن تصب مباشرة في أيدي اليمين المتطرف المزدهر، وفق "الجارديان".
وفي علامة على مستويات الغضب التي تحرك الاحتجاجات، منع نحو 100 مزارع، مساء الخميس الماضي، نائب المستشار (أولاف شولتس) ووزير الاقتصاد روبرت هابيك، من النزول من عبارة في شمال ألمانيا، مما دفعها للعودة إلى الجزيرة، التي كان يقضى فيها إجازته.
وحسب "الجارديان"، دعا هابيك بعض المتظاهرين للتعبير عن مخاوفهم على العبارة، لكنهم رفضوا ذلك، وحاصروها، مما دفعه إلى إطلاق بيان، أول أمس الجمعة: قال فيه: "هذا يجعلني أفكر، نعم، حتى أشعر بالقلق، أن المزاج العام في البلاد يسخن إلى هذا الحد".
وتقول شركات الشحن إنها ستنضم إلى احتجاجات المزارعين للتعبير عن فزعهم من ارتفاع رسوم مركبات البضائع الثقيلة التي دخلت حيز التنفيذ في بداية ديسمبر، بدءًا من التجمع في المراكز الإقليمية، والانطلاق في مسيرة للشاحنات في العاصمة الفيدرالية برلين يومي 18 و19 يناير.
ومن غير المرجح أن يكون ركوب القطار هربًا من الفوضى على الطرق خيارًا للمسافرين، بعد أن أعلن عمال السكك الحديدية عزمهم استئناف الإضرابات على مستوى البلاد، بسبب الأجور وساعات العمل، بدءًا من غد الاثنين، بعد هدنة خلال فترة عيد الميلاد.
الأوهام الشعبوية
وترى "الجارديان" أن احتجاجات المزارعين العاملين لحسابهم الخاص وشركات الشحن، والإضرابات في قطاع القطارات المملوكة للدولة، والتي رغم أن مطالبهم مختلفة، وفي بعض الحالات تتعلق بخلافات مع الحكومة الحالية، لكن اتفاقهما أعطى اليمين المتطرف فرصة مثالية لتأجيج الأوهام الشعبوية المتعلقة بالتمرد على الدولة.
ولفتت الصحيفة إلى صورة رسمها "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، ونشرها على قنوات التواصل الاجتماعي، لـ"أشخاص عاديين مدفوعين إلى الخراب من قبل قيادة سياسية غير مسؤولة، كما كان الحال في العصور الوسطى"، وحث الحزب اليميني المتطرف المواطنين على الانضمام إلى ما أسماه "الإضراب العام".
وعلى قنوات المراسلة على تطبيق "تليجرام"، شارك بعض المتظاهرين صورًا تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لمبنى البرلمان السابق في الرايخ الألماني "الرايخ ستاج" المحترق محاطًا بالجرارات، مع عبارة: "تعالوا إلى برلين واطردوا "إشارة المرور.. ألمانيا تتحول إلى اللون الأزرق"، في إشارة إلى ألوان حزب البديل من أجل ألمانيا.
وحاولت جمعية المزارعين الألمان أن تنأى بنفسها عن "الأوهام العنيفة للتمرد" وانتقدت الحصار المفروض على عبّارة هابيك.
وقال كليمنس ريس، الأمين العام لاتحاد صغار المزارعين في ولاية ساكسونيا الشرقية، حيث يتصدر الحزب اليميني المتطرف استطلاعات الرأي قبل الانتخابات المقررة في سبتمبر: "هذه الاحتجاجات هي بمثابة مياه لمطاحن حزب البديل من أجل ألمانيا".
وأضاف أن "الأعباء البيروقراطية المتزايدة وارتفاع التكاليف على مدى السنوات العشر الماضية أدت إلى خلق إحباط هائل يتم بثه الآن.. ثم يشير حزب البديل من أجل ألمانيا إلى واردات الحبوب المعفاة من الرسوم الجمركية من أوكرانيا، ويخبر المزارعين أن الحكومة تحاول إنقاذ العالم ولكنها لا تعتني بعالمها".
وتتكون الصناعة الزراعية في ألمانيا من نحو 256 ألف شركة توظف ما يقرب من 2٪ من القوى العاملة الوطنية، وقد تبدو صغيرة. لكن المزارعين يحرثون نحو نصف مساحة الأراضي الألمانية، ويؤكد المتحدثون باسم الصناعة أن الموقع الجغرافي للبلاد ونوعية التربة يجب أن يعني أن قطاعهم له مستقبل حتى في أوقات الاحتباس الحراري العالمي.