يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحديات كبيرة في بداية العام الجديد 2024، في وقت يسعى إلى إحياء زخم حكومته وإعادة كسب ثقة الشعب الفرنسي بعد سنة 2023 شهدت العديد من الإصلاحات والقوانين المثيرة للجدل، مثل قانون التقاعد وقانون الهجرة.
وفيما تتصاعد التكهنات بإجراء تعديل وزاري، وعد "ماكرون" بلقاء مع الأمة الفرنسية خلال الشهر الجاري؛ لوضع نقطة انطلاق جديدة. لكنه لا يبدأ العام الجديد وهو يملك رصيدًا كبيرًا لدى الرأي العام، إذ انخفضت نسبة الثقة به بنقطة واحدة إلى 27٪ فقط في استطلاع رأي شهري أجراه معهد "إيلاب" لصالح صحيفة "ليزيكو".
ولم يعد ماكرون يتمتع بأي ديناميكية، على حد قول رئيس المعهد برنار سانانيس، الذي وصف الوضع بأن "الرئيس عالق في طريق مسدود دون أن يكون هناك رياح مواتية في الشراع تدفعه للأمام".
وضع صعب
تشير الصحيفة الفرنسية إلى تذبذب معدل ثقة الفرنسيين بماكرون عند هذا المستوى المنخفض منذ نهاية الإصلاحات الكبرى، مثل إصلاح نظام التقاعد في ربيع العام الماضي. ولا ينجح ماكرون في إعادة تنشيط نفسه وكسب ثقة الناخبين، فعلى الرغم من ارتفاع شعبيته قليلًا لدى الناخبين المحافظين ويمين الوسط بفضل تمرير قانون الهجرة المثير للجدل، إلا إنها تراجعت لدى الناخبين اليساريين.
وهو ما أكده "سانانيس" أن ماكرون لا يزال يعاني من "تبعات سياسة الوسطية" التي اتبعها.
تراجع الثقة لدى الطبقة الوسطى
ارتفعت نسبة الثقة بماكرون بثلاث نقاط لدى فئة الأثرياء وكبار المسؤولين لتصل إلى 35٪، في استطلاع "إيلاب"، إلا إنها هبطت بنحو 8 نقاط إلى 19٪ فقط لدى ذوي الدخل المتوسط والوظائف شبه المهنية، وهي أدنى نسبة يحققها ماكرون بين هذه الفئة منذ توليه الرئاسة في 2017.
وذكر "سانانيس" أن الطبقة الوسطى التي تمثل نسبة كبيرة من الفرنسيين لديها "شعور بأنها تسهم في بناء الدولة دون الحصول على أي مقابل، وأن إجراءات الحكومة تستفيد منها الفئات الأكثر ثراءً أو الأشد فقرًا"، في وقت تشهد فيه الخدمات العامة تدهورًا كبيرًا، لا سيما في مجالات الصحة والأمن.
انتقادات لتردد ماكرون
وسلطت "ليزيكو" الضوء على انتقاد الفرنسيين لماكرون بشدة بسبب تردده وغياب القرار لديه في بداية العام، فقد أعطى الرئيس انطباعًا لدى الناس بأنه لا يعرف بالضبط إلى أين يتجه بعد إقرار العديد من الإصلاحات الصعبة خلال 2023 مثل قانون التقاعد وقانون البطالة وقانون الهجرة.
وحاول ماكرون تفنيد ذلك الانطباع خلال كلمة رأس السنة، مؤكدًا عزمه ورغبته في مواصلة مسار الإصلاحات في البلاد، وكأنه يدرك تمامًا وجود استفهام كبير لدى الشعب الفرنسي حول ذلك.
وينطبق الوضع ذاته على رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، التي ما زالت تواجه معدلات عالية من عدم الشعبية، إذ هبطت نسبة الثقة بها بثلاث نقاط هذا الشهر في استطلاع "إيلاب" لتصل إلى 23٪ فقط، بعد أن ارتفعت بثلاث نقاط في ديسمبر الماضي.
وقال "سانانيس" إن "بورن" لم تنجح أبدًا في تترك علامة خاصة بها في فترة توليها لرئاسة الحكومة، مشيرًا إلى أنها لا ترتبط في أذهان الناس إلا مع تطبيق المادة 49.3 من الدستور الفرنسي، التي تتيح الحكومة تمرير القوانين دون الرجوع إلى البرلمان.
تكهنات باستبدال بورن
وتشير الصحيفة إلى أنه على الرغم من تأكيد بقاء بورن في منصبها بعد تكهنات برحيلها الصيف الماضي، إلا إنها لا تشكل أي دعم لماكرون، مما يؤجج التكهنات مؤخرًا باستبدالها بشخصية أكثر سياسية قبيل الانتخابات الأوروبية المقررة في يونيو.
وتم إلغاء اجتماع مجلس الوزراء المقرر يوم الأربعاء الماضي، هذا بالإضافة إلى توجيه ماكرون الشكر بشكل خاص إلى بورن وفريقها خلال رسالة رأس السنة على الجهود المبذولة خلال العام الماضي، إذ يرى البعض أوجه تشابه مع الشكر الذي وجه لإدوار فيليب قبل استبداله بجان كاستكس في يوليو 2020.