منذ إعلان إسرائيل الحرب على غزة، اتخذت جنوب إفريقيا موقفًا داعمًا لفلسطين، بل واتهمت إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وقدمت طلبًا إلى محكمة العدل الدولية للحصول على أمر عاجل يعلن أن إسرائيل انتهكت التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948.
وبعد أيام من إطلاق سراحه بعد 27 عامًا سجنًا، في فبراير 1990، قام أيقونة مكافحة الفصل العنصري نيلسون مانديلا بعناق قوي للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، ما يرمز إلى تبنيه لقضية يواصل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في جنوب إفريقيا الدفاع عنها، وما أشبه اليوم بالبارحة، وتتبلور اليوم في دعم جنوب إفريقيا للقضية الفلسطينية.
وعملت بريتوريا على حشد الدعم الدولي ضد إسرائيل، بعقدها قمة افتراضية لقادة "بريكس" لمناقشة العدوان الغاشم للاحتلال في قطاع غزة.
علاقات تاريخية
هناك أسباب عميقة لتضامن جنوب إفريقيا مع غزة. مثل العديد من البلدان التي تحملت عبء الاستعمار والاحتلال - مثل الهند - كانت جنوب إفريقيا عادة متعاطفة مع معاناة الفلسطينيين. وأقامت علاقات دبلوماسية مع فلسطين بعد فترة قصيرة من إلغاء حكومة الفصل العنصري الخاصة بها في عام 1990، حسبما ذكر موقع "إنديان تايمز".
وينبع تضامن جنوب إفريقيا مع فلسطين من أسباب عديدة. أولًا، تجربتها الخاصة بالتمييز والتهميش، ما جعلها حساسة لما يحدث للفلسطينيين الذين يهيمن عليهم الإسرائيليون، ولعل أكبر دليل على الدعم التاريخي بين البلدين حين أعرب نيلسون مانديلا بشكل قوي عن حقوق الفلسطينيين.
قطع العلاقات الدبلوماسية
وبعد أيام من العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة واستشهاد آلاف المدنيين الأبرياء، أعلنت جنوب إفريقيا إغلاق السفارة الإسرائيلية في بريتوريا وقطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب حتى توافق على وقف إطلاق النار والمشاركة في المفاوضات، وفقا لما نقلته وكالة "رويترز" للأنباء.
وكل ذلك، في حين أن جنوب إفريقيا هي أكبر شريك تجاري لإسرائيل في القارة الإفريقية، إذ بلغت التجارة بين إسرائيل ودول جنوب الصحراء الإفريقية أكثر من 750 مليون دولار، بتصدير إسرائيل الآلات والإلكترونيات والمواد الكيميائية إلى القارة الإفريقية. ومن هذا المبلغ، تم تداول ما يقرب من ثلثيها مع جنوب إفريقيا.
اتهامات تطول إسرائيل
من جانبه، وصف سيريل رامافوزا، رئيس جنوب إفريقيا الأعمال الإسرائيلية في قطاع غزة بأنها إبادة جماعية وجرائم حرب.
وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، أكد "رامافوزا"، أن جنوب إفريقيا حثت على وقف إطلاق النار في قطاع غزة واستئناف الحوار بين الجانبين، مشيرًا إلى ضرورة نشر قوات أممية في فلسطين لمراقبة ومراعاة نظام وقف إطلاق النار وحماية المدنيين.
وأعلن الرئيس الجنوب إفريقي، أن بلاده قدمت شكوى للمحكمة الجنائية الدولية "من أجل التحقيق في جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة".
ليست هذه هي المرة الأولى التي تنتقد فيها جنوب إفريقيا إسرائيل. ففي أكتوبر الماضي، عندما شنَّ جيش الاحتلال عدوانًا على قطاع غزة، ألقى الرئيس سيريل رامافوزا وقيادات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي كلمة متلفزة وهم يرتدون أوشحة فلسطينية تقليدية، وتحدثوا "عن الفظائع التي تحدث في الشرق الأوسط بسبب جيش الاحتلال".