في خطوة قانونية غير مسبوقة، تقدمت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بدعوى قضائية ضد شركتي "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت"، تتهمهما بانتهاك حقوق الطبع والنشر.
وتُبرز الدعوى استخدام الشركتين للمحتوى الصحفي لتدريب الذكاء الاصطناعي، مع اتهام بأنهما يعتمدان بشكل خاص على محتوى "نيويورك تايمز" دون إذن، مما يعرض الجريدة للخسائر المالية والتهديدات المحتملة لخدمتها الصحفية.
وأشارت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية إلى أن الدعوى لا تحتوي على مطالب مالية محددة، ولكنها تدعو إلى تحمل "أوبن إيه آي"، التي تُقدر قيمتها بنحو 80 مليار دولار، ومايكروسوفت، التي تبلغ قيمتها 2.8 تريليون دولار، مسؤولية "تريليونات من الدولارات" كتعويض قانوني وفعلي.
تمتلك شركة "أوبن إيه آي" منصة "شات جي بي تي" والتي انطلقت في عام 2021، وهي شركة بحثية في مجال الذكاء الاصطناعي مقرها في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، وتطوّرت بسرعة لتصبح واحدة من أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي شعبية في العالم، مع قدرتها على إجراء محادثات ذكية والرد على الأسئلة وكتابة النصوص بلغات مختلفة.
تهديد للمصداقية
تتزايد الأصوات المنددة بنماذج اللغة الاصطناعية، ويتنامى قلق وسائل الإعلام من انتشار المعلومات الخاطئة التي يمكن أن تُرجع إليهم بدون حافز للبحث عن المصدر الأصلي، إذ طرحت "نيويورك تايمز" مخاوفها بشأن انتشار الشائعات والتي يمكن أن تضر بسمعتها، مشيرة إلى مثال على تحديد مادة في محرك البحث "بينج شات" باعتبارها محتوى للجريدة، بينما لا تتناسب مع القصة الأصلية.
وتأتي هذه الخطوة في سلسلة من القضايا المماثلة ضد شركات التكنولوجيا، إذ سبق أن رفع 13 كاتبًا دعوى ضد أوبن آي إيه، كما رفعت أرشيفات الصور دعاوى من نوع مشابه.
وأثارت نماذج الذكاء الاصطناعي لتعلم اللغات جدلًا متزايدًا، خصوصًا بعد انتشارها الواسع خلال العام الماضي، ما دفع الصحف للقلق من انتشار المعلومات المضللة واستخدام محتواها دون عائد.
وتوضح الصحيفة البريطانية أن الدعوى تركز على أهمية الصحافة المستقلة في دعم الديمقراطية، مُبرزة أن دور الصحافة كصانعة للرأي والتوجيه يعتبر "نادرًا وقيّمًا". هنا يتم التأكيد على أن استخدام الذكاء الاصطناعي لتكوين منتجات بديلة يُشكل تهديدًا للخدمة التي تقدمها الصحيفة.
الصراع داخل "أوبن إيه آي"
تأتي الدعوى في ظل صراع داخلي في "أوبن إيه آي"، إذ يُثار جدل حول اتجاه الشركة القيّمي في ظل نموها السريع، في حين يشير التقرير إلى أن التوتر داخل الشركة لم يُحسم بعد بين الالتزام بمبدأ "السلامة أولًا" الذي تأسست عليه الشركة، وبين متابعة استراتيجية أقل قيودًا من أجل النمو.
وتشير الدعوى إلى أن استخدام المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر في تدريب نماذج اللغة يمكن أن يؤدي إلى ما يعرف بـ"هلوسات الذكاء الاصطناعي"، حيث يُظهر النظام معلومات خاطئة يمكن تسجيلها بالخطأ لمصدر غير موجود، مشيرة إلى أنه يتعين على الشركات المسؤولة عن هذه النماذج التعامل بحذر لتجنب الإضرار بسمعة الصحف والمصادر الأخرى.
تترك الدعوى مصيرها في أيدي القضاء، ولكنها تشير إلى حاجة ملحة لوضع حدود وقوانين تنظم استخدام المحتوى الأدبي في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
وأشارت "ذا جارديان" إلى أن هذا النزاع يلقي الضوء على تحديات متزايدة في توازن القوانين مع التطورات التكنولوجية، وكيف يمكن تحقيق تقدم دون التأثير السلبي على الحقوق الأدبية والإعلامية.