خلّف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي دخل يومه الـ79، دمارًا واسعًا ليس له مثيل في أي حرب نُشبت خلال القرن الـ21، وفق تحقيق نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
واستندت الصحيفة في تحقيقها إلى تحليل صور الأقمار الصناعية، إضافة إلى بيانات الغارات الجوية وتقييمات الأمم المتحدة للأضرار، وأجرت مقابلات مع أكثر من 20 فردًا من موظفي الإغاثة ومقدمي الرعاية الصحية وخبراء الذخائر والحروب الجوية، الذين اتفقوا على أن هذه الحرب هي الأكبر خلال القرن الجاري.
وذكرت الصحيفة أن الأدلة تُظهر أن جيش الاحتلال نفذ حربه على غزة بوتيرة ومستوى عالٍ من الدمار، ومن المرجح أن يتجاوز جميع الصراعات الحديثة، مشيرة إلى أن الاحتلال دمر عددًا هائلًا من المباني السكنية في مدة قياسية لم تتجاوز 3 أشهر.
الموصل والرقة
ووفقًا للصحيفة، فإن الدمار الذي أصاب غزة، خلال 79 يومًا، فاق الدمار الذي خلفته الحملة التي قادتها الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم "داعش" في الموصل بالعراق، 2016، والرقة بسوريا عام 2017.
بالمقارنة مع مدينة الموصل في العراق التي تبلغ مساحتها ضعف ونصف مساحة شمال غزة، التي شهدت هجومًا أواخر عام 2016، دام نحو 9 أشهر استهدف تنظيم "داعش" الإرهابي، عدد المباني التي تدمرت في غزة جراء العدوان الإسرائيلي في أسابيع، ضعف ما تم في الموصل خلال أشهر.
وفي الرقة بسوريا، إذ تمت ملاحقة تنظيم داعش لـ8 أشهر في عام 2017، كان عدد المباني التي تدمرت في غزة أكثر بضعفين ونصف في أسابيع مما شهدته الرقة.
29 ألف ذخيرة على القطاع
وخلال أكثر من شهرين، قصف جيش الاحتلال غزة بأكثر من 29 ألف ذخيرة جو-أرض، نحو 45% منها لم تكن موجهة، بحسب تقييم صادر من مكتب مدير الاستخبارات الأمريكي، ما يكشف عن معدل قصف أعلى بنحو ضعفين ونصف عن ذروة الضربات التي شنها التحالف الدولي الذي قادته واشنطن لهزيمة تنظيم داعش، بحسب بيانات "أير وارز".
ويظهر تحليل البيانات الذي أجرته "واشنطن بوست" أن القصف الإسرائيلي ألحق الأضرار بالمباني على مسافة 180 مترًا من جميع مستشفيات شمال غزة البالغ عددها 28، إذ ظهرت دلائل مرئية أن الاحتلال أطلق النار على مستشفيات وقصفها وحاصرها وداهمها.
قنابل تزن طنًا
وكشفت صور الأقمار الصناعية، عشرات الحفر بالقرب من 17 مستشفى من أصل 28 شمال غزة، وأكدت الصحيفة أن عددًا من الصور يظهر أن 10 حفر تشير إلى استخدام قنابل تزن ألفي رطل، أي نحو طن.
خلال الفترة الممتدة ما بين 7 أكتوبر وحتى 26 نوفمبر الماضي، دمر جيش الاحتلال أكثر من 38 ألف مبنى في غزة، نحو 30 ألفًا منها في شمال القطاع وحده، وفق "واشنطن بوست".
ونقلت الصحيفة ما قالته ميرينا سبولجياريك إيجر، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عن الوضع في غزة بعد زيارتها مطلع ديسمبر: "لا توجد منطقة آمنة، لا تمر بشارع واحد إلا وترى فيه تدمير البنية التحتية بما في ذلك المستشفيات".
كما نقلت الصحيفة عن مايكل لينك، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية الأسبق، إن حجم الشهداء المدنيين الفلسطينيين في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن، هو أعلى معدل للضحايا المدنيين في القرن الحادي والعشرين.
وأدى القصف الإسرائيلي بآلاف القنابل برًا وبحرًا وجوًا، إلى استشهاد 20258 شخصًا في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 53 ألفًا آخرين، وفق السلطات الصحية في غزة.
أكبر نزوح منذ 1948
ومنذ بداية العدوان على غزة وحتى الآن، أجبر الاحتلال ما يقارب من 1.9 مليون شخص، أي أكثر من 85% من سكان القطاع على ترك منازلهم، وهو أكبر نزوح منذ عام 1948.
وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية، كشفت في وقت سابق الشهر الجاري، أن حملة القصف الجوي التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة، هي الأكثر عشوائية من حيث سقوط ضحايا مدنيين في السنوات الأخيرة.
وأشارت إلى أن نسبة الشهداء بين المدنيين في غزة، أعلى مما كانت عليه في جميع الصراعات التي حدثت في القرن الـ20.