بعد رحلة مميزة في المحافل الدولية لفيلم Hollywood gate للمخرج المصري إبراهيم نشأت، بدأت بعرضه العالمي الأول في مهرجان فينسيا السينمائي الدولي، ليستمر في انطلاقته بمهرجانات عدة مثل تيلورايد السينمائي، زيورخ السينمائي والذي حاز فيه على جائزة العين الذهبية لأفضل فيلم وثائقي، ومهرجان أديليد السينمائي الذي فاز فيه أيضًا بجائزة أفضل فيلم وغيرها من المهرجانات، كان آخرها عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمهرجان الجونة السينمائي بمصر.
يستعرض الفيلم فترة تاريخية حربية، عندما انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان بعد الحرب التي استمرت 20 عامًا، وسيطرت طالبان على هذا البلد المنكوب، ليعثروا سريعًا على قاعدة عسكرية أمريكية محملة بأسلحة تتجاوز قيمتها 7 مليارات دولار أمريكي.
وأكد المخرج المصري إبراهيم نشأت لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن السبب وراء حماسه لتقديم فيلم " Hollywood gate" يرجع لصدمته الكبيرة عندما رأي الشخصين اللذين سقطا من آخر طائرة تغادر أفغانستان في اليوم الذي استولت فيه طالبان على السلطة، قائلًا: "لقد شعرنا بالسوء حقًا لأن هذا البلد يواجه كابوس طالبان الذي قد يستمر إلى الأبد.. قلت لمنتج الفيلم والذي شارك معي في الكتابة طلال ديريكي: أريد الذهاب إلى هناك وأصور لأعرف ما هو مستقبل هذا البلد؟ وما الذي جعل الناس تهرب بهذا الجنون؟".
ويضيف: "الاستعداد في الفيلم بدأ بمحاولات عديدة للوصول لطالبان من طرق مختلفة، وبعد الكثير من المحاولات وبمساعدة المنتج الفني للفيلم محمد البنا والذي عمل في الصحافة لأكثر من 25 عامًا تمكنّا من الوصول لهم".
وتابع: "الفيلم استغرق عامًا كاملًا في تصويره وعامًا آخر لمونتاجه.. الصعوبات النفسية التي واجهتها خلال التصوير تحولت إلى مغامرة عالية الجودة أثناء مرحلة الإنتاج، فقد عملت بجوار أشخاص لم أكن أحلم يومًا أن أقابلهم وأتحدث معهم بشكل مطول، وأخص بالذكر الفريق الخماسي الذي كان يعمل معي على مدار الساعة من أجل تخريج الفيلم إلى العالم، وهم: المنتجين طلال ديريكي، شين بوريس، أوديسا راي، والمونتيرين أتانس جيورجيف وماريون توور".
التحديات والصعوبات
وحول التحديات والصعوبات التي واجهته لخروج هذا العمل إلى النور، قال: "كل يوم قضيته في أفغانستان كان تحديًا نفسيًا وتثبيطًا مستمرًا للذات.. لقد كان عليّ التخلص من كل المشاعر الإنسانية من أجل أن أتمكن من التواصل للعيش مع الطالبان خلال حياتهم اليومية، وأخذت الكثير من الوقت والعلاج النفسي من أجل العودة لحياتي الطبيعية وطي هذه الصفحة التي احتوت على ضغوط نفسية صعبة".
وأضاف: "منذ اللحظة التي حصلت فيها على إذن التصوير أدركت أنني أصبحت (سیزیف) وأن صخرتي هي الإذن. كان على أن أستمر في دفعها للأعلى إلى أن تسقط عليّ، ثم أبدأ من جديد لم يكن هناك أي شيء آمن في ما يتعلق بإذن التصوير، فقد كان يتم سحب هذا الإذن مني كل يوم، وكان على أن أتعامل مع العديد من أولئك الذين أرادوا إثبات أنفسهم أقوياء وخارقين، في اليوم الذي قررت فيه مغادرة البلاد، تركت الصخرة.. لقد كنت بمرافقة مترجم من أفغانستان وهو شاب رائع ضحى بحياته من أجل أن أتمكن من إتمام رحلتي، لقد أنقذني من أن أوقع نفسي في الخطر في مواقف عديدة".
وحشية الحرب وما تسببه من آلام للأجيال
وفي ما يخص الرسالة التي يسعى مخرج "Hollywood gate" لتقديمها إلى الجمهور، قال:" أتمنى أن يظهر الفيلم فشل حرب العشرين عامًا في أفغانستان، وأن يطهر الطبيعة القمعية المتعطشة للسلطة سواءً أكانت لدى طالبان أو أي قادة من أولئك الذين يجبرون شعبهم على الحرب من أجل مصالحهم الخاصة في استمرار السلطة، بغض النظر عن دينهم أو جنسهم، أولون بشرتهم".
وأضاف: "آمل أن يظهر الفيلم أن الدعاية كانت دائمًا أداة للحرب، وطالبان تحاول استخدمها الآن، وأن يظهر أيضًا وحشية الحرب الذي تسببه لأجيال عديدة. حيث إن الحرب، حتى لو كانت عادلة، ستظل تسبب المعاناة لأجيال كثيرة وتصيب شعوبًا كاملة بالصدمة.. أعيش اليوم في ألمانيا، وأستطيع أن أرى كيف لا تزال الحرب تؤثر على الكثير من الناس، بعد نحو أكثر من 4 أجيال، في النهاية قادة الحرب وحدهم من يستفيدون منها، وكل حرب تؤدي إلى حرب أخرى".
مشاركته بمهرجان فينسيا السينمائي
عبر المخرج المصري عن سعادته البالغة بعرض فيلمه لأول مرة عالميًا بمهرجان فينسيا السينمائي الدولي، قائلًا: "لقد مرت عليّ تلك اللحظات سريعًا ولم أدرك ما الذي كان يحدث من حولي، لقد كان يومًا فريدًا، فقد مرّ أمامي فيه شريط تلك الرحلة التي خضتها لتصوير الفيلم والأيام الطويلة التي خضناها في مونتاجه والتي تخللها رحلة من العلاج النفسي للتعايش مع التجربة الصعبة نفسيًا وأحسست يومها أن كل الآلام التي عشناها كفريق لإنتاج الفيلم قد أتت بثمارها، وكأنه كان فوقي غمامة من المصاعب وذهبت في لحظة".
وأضاف: "كان خبر الفوز بجائزة العين الذهبية لأفضل فيلم روائي أو وثائقي في مهرجان زيورخ السينمائي الدولي بمثابة لحظة تحول من النظر للخلف وكيف كانت رحلة تصوير الفيلم إلى النظر للمستقبل والعمل بجد من أجل إيصال الفيلم إلى العالم.. فقد أثبتت لنا الجائزة أهمية الرسالة التي يحملها الفيلم وأننا لسنا وحدنا من بين صناع السنيما من يرى أن الحرب تولد حربًا".