أحتفل بثلاثين عامًا على تأسيس فرقة الرقص الحديث المصري بـ"كي لا تتبخر الأرض"
القضية الفلسطينية جزء من تكويني وأعيد تقديم مشاهد من 4 عروض عنها
على مدار أكثر من نصف قرن، حفر المخرج ومصمم الرقص اللبناني وليد عوني، اسمًا بارزًا على الساحة الدولية، ليجوب البلدان ويحصد العديد من الأوسمة والجوائز العالمية من فرنسا وبلجيكا ولبنان وغيرها، إذ نال وسام الشرف برتبة فارس من الحكومة اللبنانية، ووسام الأدب والفن برتبة فارس من الحكومة الفرنسية، ووضع بصمته في مصر بتأسيس فرقة الرقص المسرحي الحديث المصري التابعة لدار الأوبرا المصرية عام 1993.
30 عامًا على الفرقة
كشف وليد عوني، أنه سيقدم عرض "كي لا تتبخر الأرض" بمناسبة مرور ثلاثين عامًا على تأسيس الفرقة، وذلك يوم 18 ديسمبر الجاري، الذي يمثل رؤية جديدة من خلال مزج 10 عروض سويًا، ويقول في حواره لموقع "القاهرة الإخبارية": "سبق أن قدمت 34 عرضًا ناجحًا وأخذت 10 عروض منها مزجتها في عرض يحمل اسم "كي لا تتبخر الأرض"، لنرى من خلاله كيف تطور المسرح الراقص الحديث وتأثيره على الساحة والمسرح الحركي، إذ نلاحظ أن عروض المسرح القومي حاليًا يتخللها رقصات، بينما في التسعينيات كانت الاستعراضات هي المسيطرة في فوازير التلفزيون أو عروض مسرحية مثل " شارع محمد علي" وغيرها".
تأسيس عوني للفرقة، التي يستمر في رئاستها حتى الآن، جاءت من خلال وزير الثقافة المصري الأسبق آنذاك، قائلًا: "طلب مني فاروق حسني وزير الثقافة المصري وقتها تأسيس فرقة للرقص الحديث عام 1993 كاتجاه عالمي، وحرصت على تقديم عروض ترسخ الهوية والثقافة المصرية لأعمال عن نجيب محفوظ وتحية حليم وشادي عبد السلام ومحمود مختار وقاسم أمين وهو ما عكس تأثر أعمالي بمصر وهويتها، والأعمال العشرة التي قدمتها هي عبارة عن "ريبرتوار" أو طريقة مسرح جديدة".
القضية الفلسطينية
تفاعل وليد عوني مع القضية الفلسطينية، فخلال مسيرته سبق أن قدم عدة عروض عنها، ليعيد تقديم مشاهد من هذه العروض في عرضه الجديد، ويقول عن ذلك: "قدمت 4 عروض عن القضية الفلسطينية، وكان أول عرض قدمته منذ سنوات بالتزامن مع مرور 50 عامًا على النكبة في التسعينيات، وحمل اسم "بكاء الحيتان"، الذي يتحدث عن النكبة وقدمته في مصر، والعرض الثاني حمل اسم "لو تكلمت الغيوم" ويتحدث عن الجدار العازل في فلسطين، وبحكم أنني فنان تشكيلي أيضًا صممت حائطًا عازلًا وحصلت عنه على جائزة الحتحور الذهبية، وفي عام 2006 قدمت العرض الثالث عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان وهدم ضاحية في بيروت وأطلقت عليه "فيروز هل زرفت عيونها دمعة"، بينما العرض الرابع سميته "تحت الأرض" عن أطفال الانتفاضة وكان فريق العمل يعملون بأيديهم تحت الأرض، وكانت هذه العروض من بين العروض العشرة التي اخترتها لتقديمها خلال الاحتفال بمرور 30 عامًا على تأسيس الفرقة، فلا يمكن أن نتجاهل وجود كارثة إنسانية كبيرة في فلسطين حاليًا ضد سكان قطاع غزة، ولذلك قمت بمزج عدد كبير من المشاهد في عرض واحد، ووضعت مشاهد تخص غزة والقضية الفلسطينية، بجانب عروض "ريبرتوار" أخرى للفرقة".
تأثر وليد عوني بالقضية الفلسطينية وتفاعله معها لم يكن جديدًا، ليترجم معاناة الواقع في عروضه، إذ يقول: "القضية الفلسطينية بداخلي وكياني منذ ولادتي، وهي تمثل القضية الأولى للشرق الأوسط، ففلسطين والقدس والمسجد الأقصى تمثل كيان أرض وبشرًا وشعبًا وجذورًا، ونشعر بأننا جميعًا فلسطين، وخاصة في هذه الأيام، ولا يمكن الهروب من الواقع ولابد أن نتوحد مع القضية الفلسطينية سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو إنسانية أو ثقافية".
وصول للعالمية
"من العروض المصرية والشرقية وصلت للعالمية".. هكذا فسّر اللبناني وليد عوني بروز اسمه عالميًا وحصده الكثير من الجوائز والأوسمة من البلدان، قائلًا: "عندما بدأت في السبعينيات في بلجيكا من خلال عملي بالإخراج عقب تأسيسي فرقتي الأولى "التانيت للرقص المسرحي الحديث" في مدينة بروكسيل ببلجيكا، وقدمت عروضًا شرقية وموضوعات مهمة وانتقدت عليها كمواطن عربي، حيث طرحت عروضًا عن جبران خليل جبران ورابعة العدوية وموضوعات سياسية مثل حرب لبنان وألمانيا وهيروشيما، وقدمت عرضًا عن عبد الوهاب البياتي في افتتاح المعهد العالمي بباريس، ولفتت هذه الموضوعات الأنظار لي بدون أن أقصد، وكانت العروض الشرقية سببًا في شهرتي عالميًا، بعد ما قدمت عرضًا عن رابعة العدوية والدراويش، بجانب أن الجمهور لأول مرة كان يرى رقصة المولوية، وسافرت بهذه العروض إلى تونس والمغرب والجزائز وأمريكا وإيطاليا وفرنسا".
الجنسية المصرية
على الرغم من وصول وليد عوني للعالمية وترأسه فرقة الرقص الحديث لمدة ثلاثين عامًا، ومكوثه في مصر منذ التسعينيات، إلا أن حلمًا قديمًا لا يزال يراوده ولم يحققه حتى الآن، ليقول عنه: "أتمنى الحصول على الجنسية المصرية، سعيت كثيرًا وراء هذا الحلم، وكان من المقرر أن أحصل عليها عام 2011، لكن حدثت ثورة 25 يناير ولم أتمكن من ذلك، وعندما جئت لمصر ركزت جهدي على تقديم أعمال عن الثقافة والحضارة المصرية، وكنت أسافر للخارج من خلال تبادل العلاقات الثقافية مع الدول، ومن خلال فرقة المسرح الحديث المصري قدمت عروضًا مهمة، مثل محمود مختار وقاسم أمين وشهرزاد والمومياء، وهذا ما أسهم في صنع اسم فرقة الرقص الحديث بالعالم".
يشير "عوني" إلى أنه يستعد لتقديم أوبرا "أنس الوجود" للموسيقار الراحل عزيز الشوان، على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، بجانب تجهيزه للسفر إلى عمان لتقديم عرض "شهرزاد" بدار الأوبرا في عمان.