الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

نضال وتاريخ متقارب.. لماذا تساند أيرلندا الشعب الفلسطيني ضد إسرائيل؟

  • مشاركة :
post-title
مسيرة في أيرلندا داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

لطالما برزت أيرلندا كأبرز الدول الأوروبية الداعمة لفلسطين، بإدانة كاملة للاحتلال الإسرائيلي، ويكمن السر في ذلك، لتشابه الأوضاع التي عاشتها "دبلن" تحت وطأة الاحتلال من بريطانيا.

لا تزال أيرلندا - الدولة الأوروبية- واحدةً من أكثر الدول دعمًا لفلسطين، واتخذت موقفًا حاسمًا بعد العدوان الغاشم الحالي على قطاع غزة، وقال رئيس وزرائها ليو فارادكار، إن إسرائيل تمارس عقابًا جماعيًا في غزة، وليس لها الحق في انتهاك القانون الدولي في ردها على الهجمات.

كما دعا "فارادكار" إلى فتح ممر إنساني والسماح بوصول المساعدات إلى الفلسطينيين، مؤكدًا أن القانون الدولي ينص على حظر العقاب الجماعي، بسبب ما يرتكبه الأفراد.

وأعلنت الحكومة الأيرلندية، الخميس، أنّها ستقدّم مساعدات إنسانية إضافية للفلسطينيين بقيمة 13 مليون يورو، وطالبت بالوقف الفوري لإطلاق النار.

وقال وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن، أمام البرلمان: "أعلن هذا المساء عن حزمة فورية بقيمة 13 مليون يورو".

وأوضح أنّ هذه الأموال، تضاف إلى 16 مليون يورو مرصودة أساسًا لإعانة الفلسطينيين خلال العام الجاري، في إطار برنامج المساعدات الإيرلندي، ستُصرف عبر وكالات الأمم المتّحدة.

ودعا "مارتن" سائر دول الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى دول المنطقة على زيادة مساعداتها الإنسانية للفلسطينيين، مؤكّدًا أنّ "هذه أزمة لا يمكن أن تنتظر".

وكرّر وزير الخارجية الدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء ليو فارادكار إلى "وقف إطلاق نار إنساني" في غزة.

التشابه التاريخ

بحسب "فورين بوليسي"، بدأ الدعم الأيرلندي لفلسطين في التشكل، عندما وجد الأيرلنديون أوجه الشبه بين السياسات الإسرائيلية في فلسطين، وما حدث معهم من قبل بريطانيا، إذ تم ضمها إلى بريطانيا عام 1801 بموجب قانون الوحدة لعام 1800، وعندها فقدت "دبلن" برلمانها ووجدت نفسها تحت أوامر برلمان "العاصمة لندن"، لتستمر معارضة القوميون الأيرلنديون، لقانون الوحدة.

المجزرة الأكبر التي يتذكرها الأيرلنديون وقعت بعد تمرد عيد الفصح 24 ابريل 1916، عندما سيطر قادة التمرد وعلى رأسهم باتريك بيرس، بمساعدة أتباعهم على مبانٍ حساسة بالعاصمة دبلن، معلنًا استقلال أيرلندا رسميًا عن بريطانيا، مؤكدًا تشكيل حكومة أيرلندية مستقلة، ووقتها أعلنت بريطانيا حالة الطوارئ، وعقب معارك استمرت 6 أيام، قضت القوات البريطانية على تمرد عيد الفصح الذي انتهى بمقتل وإصابة 2500 شخص معظمهم من المدنيين.

وعقب التمرد أعدمت بريطانيا 15 قائدًا من قادة التمرد، واعتلقت نحو 3 آلاف مشتبه فيهم، بينهم 1800 تم سجنهم قسريًا دون محاكمة في السجون الإنجليزية.

وعلى خلفية ما حدث معهم رأى الأيرلنديون أن إسرائيل أشبه بمستعمرة أنشأتها قوة السلاح البريطانية بشكل غير شرعي، وتسعى للسيطرة على الأرض والسكان الأصليين، بحسب "فورين بوليسي".

ويرى الكاتب باتريك كوبرن في مقال بصحيفة الإندبندنت، إن أبرز أوجه الشبه المهمة بين أيرلندا الشمالية آنذاك وإسرائيل وغزة اليوم، أنه في الحالتين، تستخدم القوة العسكرية المفرطة، لمحاولة حل المشاكل السياسية التي لتم تنجح إلا في مفاقمتها".

القوة المفرطة

ويرى أن التشابه يتجاوز الاستخدام المبالغ فيه وغير المنتج للتفوق العسكري لحل مشاكل سياسية، مضيفًا: "يحتوي البلدان على مجتمعين متعاديين متساويين في الحجم تقريبًا يعيشان متشابكين في مكان صغير".

وقال إن الحكومة البريطانية أخطأت في أيرلندا الشمالية، عام 1971 عندما استخدمت الجيش البريطاني لدعم "الدولة البرتقالية"، ليصبح على الكاثوليك أن يقبلوا وضعًا من الدرجة الثانية في دولة يديرها "البروتستانت"، وقال إنه أمر لن يفعله الكاثوليك أبدًا بغض النظر على قبولهم أو رفضهم للقوة الجسدية، مشيرًا إلى أن حكومة بريطانيا فهمت ذلك بعد 30 عامًا، عندما جرى التوصل إلى اتفاقية الجمعة العظيمة 1998 التي تقاسمت السلطة بين مجتمعين لهويتين وثقافة وولاءات مختلفة تمامًا.

ويرى الكاتب أنه من الجيد التفكير في حدوث العملية نفسها عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وفلسطين، مشيرًا إلى أن ما يكبح وجود أي حل وسط، هو أن ميزان القوى يبدو بأغلبية ساحقة لصالح إسرائيل، وبالتالي لا تشعر بالحاجة إلى التنازل، لتفوقها العسكري، ودعم الولايات المتحدة الأمريكية.

وبحسب "فورين بوليسي"، احتلت القضية الفلسطينية منذ فترة طويلة مكانًا في الوعي الأيرلندي أكبر بكثير مما تستحقه الاعتبارات الجغرافية والاقتصادية والسياسية، إذ ألهمت أوجه التشابه الملموسة مع التجربة الوطنية الأيرلندية ارتباطًا عاطفيًا بفلسطين، وهو ما ألهم النشاط الأيرلندي في المنطقة حتى يومنا هذا".

تسوية الصراع في فلسطين

وفي 1969 وأمام مجلس النواب بالبرلمان الأيرلندي، وصف وزير الخارجية فرانك أيكن، تسوية الصراع في فلسطين بأنه "الهدف الرئيسي والأكثر الحاحًا لسياسة أيرلندا في الشرق الوسط"، مؤكدًا أنه لن يكون هناك سلام دون إعادة أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم والتعويض الكامل، وليس فقط فكرة إعادة التوطين.

ومنذ انضمام أيرلندا للاتحاد الأوروبي في 1973 أخذت الحكومات المتعاقبة في دبلن زمام المبادرة لمناصرة القضية داخل أوروبا، وكانت أول عضو يدعو لإنشاء دولة فلسطينية في 1980، وكانت آخر دولة سمحت لإسرائيل بفتح سفارة في ديسمبر 1993.