الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

جهود الوفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. الأبعاد الاستراتيجية الـ3 لجهود الوساطة الأمريكية

  • مشاركة :
post-title
وزير الخارحية الأمريكي أنتوني بلينكن

القاهرة الإخبارية - سمر سليمان

على حد السكين، وسط اضطرابات داخلية في واشنطن، تستمر الولايات المتحدة في مهمتها المكوكية بالمنطقة، للوساطة في وقت شديد الخطورة، بينما بلغ توسيع نطاق التصعيد في غزة حدًا ينذر بحرب إقليمية كبرى.

وتمثلت الاستراتيجية الأمريكية في الوساطة بشأن التصعيد الجاري بين إسرائيل وقطاع غزة، في 3 مهام رئيسية، استعرضها تقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.

وقام وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، منذ الجمعة، بجولة مكوكية في المنطقة شملت توقفًا في إسرائيل والسعودية والإمارات والأردن ومصر والبحرين، وأخيرًا عاد إلى إسرائيل مرة أخرى، اليوم الاثنين، لإجراء مشاورات.

وبدأ التصعيد في غزة، مع هجوم مباغت شنته المقاومة الفلسطينية أطلقت عليه عملية "طوفان الأقصى"، شملت هجمات متزامنة عبر البر والبحر والجو، استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية في القدس وتل أبيب وأشدود، قابلها جيش الاحتلال بتصعيد غير مسبوق تجاه سكان قطاع غزة، تواصلت خلاله أعمال القصف واستخدام أسلحة محرمة دوليًا، والدفع بالفلسطينيين من شمال القطاع إلى الجنوب في محاولات وصفها مراقبون بالتهجير القسري.

كبح جماح إسرائيل

وتمثلت مهمة الولايات المتحدة في المقام الأول، في تحقيق التوازن، بينما تتسع الأزمة بسرعة معقدة للغاية، وسط تخوفات من رغبة جامحة لدى إسرائيل في القضاء على "فصائل المقاومة الفلسطينية" إلى الأبد، قد تؤدي إلى قدر هائل من الدمار والخسائر في الأرواح، الأمر الذي قد ينفر حلفاء أمريكا في المنطقة، بحسب "سي إن إن".

قال "بلينكن" في حديث للصحفيين، اليوم الاثنين: "نتطلع للتأكد من أن إسرائيل آمنة ومأمونة في المستقبل وكذلك أن الفلسطينيين الأبرياء الذين يعيشون في غزة يمكن أن يتمتعوا بحياة كريمة وأمن وسلام في المستقبل أيضًا".

ولم تخف أمريكا مخاوفها من أن من شأن انتقام غير محسوب لإسرائيل أن يفتح جبهة قتال ثانية في الشمال، ويوسع رقعة الصراع، وحذر مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، جيك سوليفان، في وقت سابق، من أن حرب غزة قد تكون مجرد البداية. أضاف "هناك خطر تصعيد هذا الصراع، وفتح جبهة ثانية في الشمال، وبالطبع تورط إيران".

وقال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في وقت سابق، الاثنين، إنه سيكون "خطأ كبيرًا" أن تحتل إسرائيل غزة، ودعا إلى العودة إلى المفاوضات بشأن إقامة دولة فلسطينية.

التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة

على الجانب الآخر، تسعى أمريكا لحشد موقف في جميع أنحاء المنطقة لوقف هجمات المقاومة، ومنعها من أن تتصاعد إلى حرب إقليمية أكبر. الأمر الذي يستدعي الدعوات إلى تهدئة، وهو أمر تتجنب أمريكا الدعوة له في الوقت الراهن.

وقال بلينكن في القاهرة، أمس الأحد، إن هناك تصميمًا في جميع أنحاء المنطقة على منع هجمات حركات المقاومة الفلسطينية من أن تتصاعد إلى حرب إقليمية أكبر.

وقالت وزارة الخارجية إن بلينكن سيعود إلى إسرائيل لإجراء مزيد من المشاورات اليوم الاثنين.

حماية ظهر إسرائيل

ومكمن الاستراتيجية الأمريكية من هذا التدخل يتمثل في حماية ظهر إسرائيل، قال بلينكن في القاهرة: "لا أعتقد أنه يمكننا أن نكون أكثر وضوحًا مما كنا عليه، عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل، فإننا نحمي ظهر إسرائيل".

رغم ذلك حذّر بلينكن من الطريقة التي تدافع بها إسرائيل عن نفسها، إذ قال "يتعين عليها أن تفعل ذلك بطريقة تؤكد القيم المشتركة التي لدينا بشأن حياة الإنسان وكرامته، مع اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إيذاء المدنيين".

ووجه كبير الدبلوماسيين الأمريكيين رسالة ردع أوسع نطاقًا، مضيفًا: "لا ينبغي لأحد أن يفعل أي شيء يمكن أن يصب الزيت على النار في أي مكان آخر. أعتقد أن هذا واضح جدًا."

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن
ممر آمن

على الجانب الآخر، شملت الجهود الأمريكية، التوصل لاتفاق بين مصر وتل أبيب على فتح ممر آمن لخروج الرهائن ودخول المساعدات، بعد أسبوع من الإحباط للمواطنين الأمريكيين العالقين عند المخرج بين غزة ومصر، وسط وتيرة متصاعدة من القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع، زاد وطأته حصار مُطبق، فرضه الاحتلال، وقطع المياه والكهرباء، وإمدادات النفط.

وكانت هناك مؤشرات على نجاح متواضع للمناشدات الأمريكية بشأن السماح بممر آمن لمرور المساعدات وعبور الأجانب العالقين في القطاع، بينهم من يحملون الجنسية الأمريكية.

وقبل أسبوع أكد الرئيس الأمريكي أن "هناك الآن ما لا يقل عن 11 مواطنًا أمريكيًا تأكد مقتلهم في إسرائيل".

وأضاف بايدن، في بيان، أنه "من المحتمل" أن يكون مواطنون أمريكيون من بين الرهائن المحتجزين لدى المقاومة، وأن إدارته "تعمل مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن كل جانب من جوانب أزمة الرهائن".

ووعد بلينكن الأحد، بفتح معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، فيما لاتزال الحدود مغلقة بسبب عدم وجود ضوابط للهجرة على جانب غزة، بينما تدفع إسرائيل بأكثر من مليون فلسطيني قرب القطاع في محاولات وصفها مراقبون بـ"التهجير القسري" لأهل القطاع، إضافة إلى الخوف على سلامة قوافل المساعدات التي تدخل القطاع الذي يتعرض للقصف.

ويأتي ذلك بينما تتراكم الإمدادات الإنسانية عند نقاط التفتيش على الجانب المصري من الحدود، حيث هناك حاجة ماسة إليها.

وفي إطار هذه المساعي، أعلن بلينكن عن تعيين ديفيد ساترفيلد، السفير الأمريكي السابق لدى تركيا، للمساعدة في تنسيق جهود المساعدات، حيث من المقرر أن يصل المبعوث الأمريكي الجديد إلى إسرائيل يوم الاثنين لإدارة الجهود الإنسانية.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين "الأونروا"، اليوم الاثنين، إن أكثر من مليون شخص في غزة؛ أي ما يقرب من نصف عدد سكان القطاع، نزحوا منذ بدء المواجهة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر.

وأشار بيان "الأونروا"، إلى أن هناك نحو 600 ألف نازح في المنطقة الوسطى وخان يونس ورفح بقطاع غزة، من بينهم نحو 400 ألف في مرافق تابعة لها، في وضع صعب يتجاوز بكثيرٍ قدراتها على المساعدة بما في ذلك توفير المساحة في الملاجئ وتقديم الغذاء والمياه.

اصطفاف المساعدات المصرية والعربية والدولية على الجانب من المصري من معبر رفح
سياسة حد السكين

وتسير واشنطن على حد السكين، فبينما تؤكد دعمها الذي لا يتزعزع لحق إسرائيل في محاولة الدفاع عن نفسها، إلا أنها تحاول أيضًا التخفيف من أسوأ رد فعل في الداخل الأمريكي للهجوم القادم، بينما تسعى في الوقت نفسه إلى تحقيق مصالحها الخاصة في تجنب وضع قد يؤدي بها للغرق في مرحلة حرجة، بحسب التقرير.

ودعت إسرائيل بايدن لزيارة البلاد لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ويفكر الجانبان في الزيارة، بحسب مصدر مطلع أكد لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.

ويأتي ذلك فيما ألغى الرئيس الأمريكي بشكل غير متوقع رحلة مخططة إلى كولورادو اليوم الاثنين، حيث كان من المقرر أن يتحدث عن طاقة الرياح.

وبحسب تقارير أمريكية ثمة تخوفات من احتمال قيام الرئيس بزيارة منطقة حرب ووضع هيبته الشخصية على المحك لاسيما في هذه المرحلة، ووصف الأمر بأنه سيكون "محفوفًا بالتعقيدات".

مظاهرات مناهضة للتصعيد الإسرائيل في قطاع غزة بالولايات المتحدة الأمريكية