الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مخرج "المرهقون" المرشح للأوسكار: شعوري بالمسؤولية دفعني لتوثيقي معالم اليمن

  • مشاركة :
post-title
المخرج اليمني عمرو جمال

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

إنتاج اليمن من الأفلام الروائية الطويلة لا يتجاوز 6 أعمال
تعرضنا للحبس في المنازل وانقطاع الاتصالات وواجهتنا الكثير من التحديات
رممّنا كنيسة قديمة دمرت جزئيًا بالحرب لعرض مسرحية.. وأكتب فيلمًا عن التراث اليمني

 لم يكن فيلم "المرهقون" بمثابة فيلم روائي طويل يحمل قصة إنسانية مشوّقة من قلب الحياة الاجتماعية ويحصد جوائز عالمية فحسب، لكنه كان أقرب لمهمة توثيق من جانب المخرج اليمني عمرو جمال للكثير من المناطق ومعالم البلد والتراث اليمني، تحسبًا لاختفائه لاحقًا بسبب ظروف الحرب التي يعيشها اليمن.

يؤكد عمرو جمال أن ظروف وتحديات الحرب كانت دافعًا لتصويره الفيلم بطريقة بها حس وثائقي، وقال في حواره لموقع "القاهرة الإخبارية": "المرهقون" كان مسؤولية على عاتقي وفرصة ربما لا تتكرر بسهولة مرة أخرى، لذا أردت الاستفادة من تصوير فيلم في مدينة عدن بشكل احترافي وتوثيق معالمها، خاصة أن البلد ينزح تحت حرب وظروف صعبة ما يجعل من السهل هدم وإزالة العديد من المباني القديمة وبناء أخرى حديثة دون الأخذ بعين الاعتبار أن هذه البنايات لها قيمة تاريخية وطراز معماري مميز يجعل للمدينة هوية معينة، ومع تجريف الهوية المعمارية للبلد، شعرت أنه من المسؤولية الإسراع بتوثيقها عبر فيلم سينمائي لنلحق ما يمكن اللحاق به".

ترشيح الأوسكار

إنجاز جديد يضاف لما حققه الفيلم، بعد ترشيح اليمن له للمنافسة على جائزة الأوسكار، ورغم قلة الإنتاج السينمائي اليمني إلا أنها ليست المرة الأولى التي يرشح فيها فيلم يمني بهذا المحفل الدولي المميز، ويقول مخرجه عمرو جمال: "للمرة الثانية يرشح لي فيلم بالأوسكار، وحمل الفيلم الأول اسم "10 أيام قبل الزفة" عام 2019، بينما "المرهقون" يمثل ثالث فيلم تقدمه اليمن للمنافسة على هذه الجائزة"، مشيرًا إلى أن اليمن يعاني قلة الإنتاج السينمائي، إذ لم تنتج حتى الآن سوى 5 أو 6 أفلام فقط من الأفلام الروائية الطويلة".

يوجد حاليًا المخرج اليمني عمرو جمال في أمريكا؛ لعرض الفيلم في النسخة 59 لمهرجان شيكاغو السينمائي، ويشارك في المسابقة الرسمية بقسم المخرجين الجدد، ليضاف إلى سلسلة جولاته حول العالم، وحصد الكثير من الجوائز، وعن ذلك يقول: "شارك الفيلم في مهرجان برلين الدولي بقسم بانوراما وحصل على جائزتين هما جائزة منظمة العفو الدولية وجائزة الجمهور متصدرًا المركز الثاني بتصويت 22 ألف مشاهد للعمل، ومشاركته في مهرجان تايوان السينمائي الدولي وحصوله على جائزة لجنة التحكيم السينمائي لأفضل فيلم، وأيضًا مهرجان ديربان السينمائي الدولي بجنوب إفريقيا وحصد جائزة أفضل نص، كما فاز بجائزتي أفضل إخراج وأفضل نص من مهرجان فالنسيا السينمائي الدولي بإسبانيا، إلى جانب مشاركته في مهرجانات بكين السينمائي وسيدني السينمائي الدولي، وهونج كونج للسينما الدولية".

يكشف جمال عن الاستعداد لعرض الفيلم في مهرجان أيام قرطاج السينمائية في أول عرض عربي له، يعقبه مشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته المقبلة، كما عُرض الفيلم جماهيريًا في جميع دور عرض تايوان الشهر الماضي، وسيُعرض مطلع العام المقبل في العاشر من يناير بدور العرض في فرنسا، وأيضًا في سويسرا وجارٍ توزيعه.

مواجهة الظروف

ثمة تحديات كثيرة واجهها عمرو جمال خلال التصوير، قائلًا عنها: "تعيش اليمن وضعًا أمنيًا غير مستقر في ظل ظروف الحرب وتبعاتها، وهناك العديد من الصعوبات التي واجهتنا منها انهيار البنية التحتية، وانقطاع الكهرباء 15 ساعة في اليوم، ونقص الطاقة واختفاء البنزين من كل محطات الوقود لعدة أيام ما يسبب توقف المواصلات، وارتفاع الدولار وهو ما يجعل الميزانيات غير مضبوطة وغير قابلة للسيطرة، وانهيار شبكة الاتصالات، فكان من الصعب الوصول للشبكة التي تستغرق وقتًا طويلًا، وفي حالة تغير جدول التصوير كنا لا نستطيع الوصول بسهولة لفريق العمل، وكانت تحدث خلال التصوير الكثير من الاحتجاجات بسبب ارتفاع الأسعار والغلاء، فكان من الصعب التصوير في الشارع، وحدوث مواجهات عسكرية وتعرضنا للحبس في البيوت لأيام متواصلة، فكل هذه الظروف وغيرها الكثير صعّبت من التصوير في اليمن".

ترميم كنيسة

شعور عمرو جمال بالمسؤولية المجتمعية، دفعه لترميم جزء من كنسية باليمن لتقديم أحد عروضه المسرحية بها، وهو ما ترتب عليه استجابة اليونسكو لترميم دار عرض سينمائي كبير في مدينة عدن، فيقول عن ذلك: "قمنا بعمل مبادرة شخصية مطلع يناير عام 2023 لعرض مسرحية "هاملت" للكاتب وليم شكسبير من إخراجي في كنيسة قديمة بمدينة عدن، تدمر جزء منها بسبب الحرب، فأخذنا جزءًا من ميزانية المسرحية وسلمناها للجهات المختصة لترميم المبني، وبالفعل عُرضت المسرحية بداخلها، فكانت هذه المبادرة بمثابة رسالة للمنظمات الدولية لترميم الآثار والمباني".

ساهمت هذه المبادرة في لفت أنظار اليونسكو لهم، ويقول "جمال": "نجحت بالفعل في لفت أنظار اليونسكو إلينا، والتقينا بهم وسألونا عما نريده وكان مطلبنا ترميم إحدى دور العرض القديمة في مدينة عدن والمملوكة للحكومة حتى نستطيع عرض فيها فيلم "المرهقون" ولتصبح ساحة عرض سينمائي تستفيد منه كل المدينة ونعاود من خلاله النشاط السينمائي في مدينة عدن، وبالفعل وافقت اليونسكو على طلبنا، ويجري حاليًا ترميم السينما لعرض الفيلم بها".

يجري عمرو جمال كتابة سيناريو فيلم جديد سيقوم بإخراجه، ويقول عن ذلك: "أكتب فيلمًا جديدًا سأصوره في اليمن، نصنع حكاية من مجتمعنا ونحمل على عاتقنا مسئولية إبراز الأماكن التي نصور فيها من خلال السينما وأن نقدم للعالم صورة مختلفة عن بلدنا وأماكن لم يروها من قبل وإبراز عادات وتقاليد يمكن أن تتعرض للاندثار إذا لم نبادر بتوثيقها".