تتنافس 5 دول هي مصر، تونس، العراق، اليمن، والمغرب - حتى الآن- في سباق جوائز النسخة 96 للأوسكار، بترشيح أفلامهم للمنافسة ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي، لعلها تحقق إنجازًا بالوصول إلى القائمة القصيرة لأفضل فيلم روائي أجنبي لعام 2023، واللافت في تلك الترشيحات أن هناك رابطًا بين تلك الأعمال، المأخوذة جميعها من قصص حقيقية أو معايشات لصنّاعها لأحداث واقعية، في ظل ميل قطاع عريض من الجمهور لهذه النوعية من القصص الإنسانية والانحياز لها.
ڤوي! ڤوي! ڤوي!
رشحت مصر عبر تاريخها نحو 35 فيلمًا منذ انطلاق جائزة الأوسكار عام 1947، من بينها "أريد حلًا، على مَن نطلق الرصاص، إسكندرية ليه، أهل القمة، إسكندرية كمان وكمان، أرض الأحلام، المصير، أسرار البنات، سهر الليالى، بحب السيما، عمارة يعقوبيان"، وغيرها، وأخيرًا وقع الاختيار على فيلم "ڤوي ڤوي ڤوي" بطولة محمد فراج، وتدور أحداثه حول شاب بسيط يسعى للسفر للخارج فيخطط للانضمام لفريق كرة قدم من المكفوفين للمشاركة معهم في بطولة تقام بأوروبا مستغلًا وجوده معهم للهرب وتحقيق حلمه بالسفر للخارج.
منتج الفيلم محمد حفظي علّق على ترشيح فيلم "فوي! فوي! فوي!" لتمثيل مصر في جوائز الأوسكار، وقال: "أبارك لكل المشاركين في الفيلم، وفخور أن يكون هناك فيلم مصري ضمن الترشيحات، وألا تحجب الجائزة مثلما حدث من قبل، كما أهنئ كل من اشتركوا معنا في هذا العمل، الذي بذلنا فيه جهدًا كبيرًا ليخرج إلى النور".
وأضاف: "الحقيقة أنه منذ عرضه في السينما، حصلنا على ردود فعل قوية من الجمهور سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو ممن شاهدوا العمل في دور العرض، كما أنني أحببت الفكرة وتحمست لها منذ البداية، وأشكر محمد فراج والمؤلف والمخرج عمر هلال على ما قدماه من أجل هذا العمل وأيضًا باقي الفريق الذين لم يتأخروا في تقديم كل ما لديهم من أجل وجود عمل مصري مشرف".
جنائن معلقة
تشارك العراق بفيلم "جنائن معلقة" الذي حقق نجاحًا لافتًا في المحافل الدولية، إذ تدور قصته حول طفل يبلغ من العمر 12 عامًا يجد دمية في النفايات، لكنه لم يعرف أن مصيره سيتحول ويجد نفسه أمام العديد من الصراعات، فهل سينجو من العواقب التي ستواجهه بسبب تلك الدمية؟.
العمل الذي يشارك في بطولته وسام ضياء، وجواد الشكرجي، وحسين محمد جليل، وأكرم مازن، شارك في العديد من المهرجانات الدولية، ويسلط الضوء على الخراب في العراق وما حدث نتيجة الحروب، حسبما يؤكد المخرج في تصريحاته لموقع "القاهرة الإخبارية" ويقول: "أردنا أن ننقل الواقع، خصوصًا أن القصة وقعت مع أحد أصدقائي وأردت أن أنقلها للعالم مع إضافة الخطوط الدرامية المناسبة".
العراق كان حريصًا منذ عام 2005 أن يرشح أفلامًا لجوائز الأوسكار ووصل عدد ترشيحاته على مدار الأعوام الماضية 11 فيلمًا، من بينها "ابن بابل، أحلام، الرحلة، أوروبا"، وغيرها.
بنات ألفة
من تونس وقع الاختيار على فيلم "بنات ألفة" للمخرجة كوثر بن هنية، التي اختارت أن تنقل معاناة سيدة تونسية لديها 4 بنات ومع ظروف فقرها الشديد، يقع بناتها في مشكلات مع التطرف والإرهاب، فتحاول أن تهرب بهن لكنهن يواجهن السجن بعدما هربن إلى ليبيا.
ترشيحات تونس للأوسكار ليست كبيرة، إذ شاركت من قبل 7 أفلام من بينها "السحر، صندوق عجب، على حلة عيني"، لكن استطاعت أن تحقق إنجازًا عام 2021 حينما وصل فيلم "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة كوثر بن هنية، للقائمة القصيرة في سباق الأوسكار أفضل فيلم أجنبي 2021.
كذب أبيض
المغرب اختار الفيلم الوثائقي "كذب أبيض" ليمثله في الأوسكار، وهو إخراج أسماء المدير، والفيلم يطرح أسئلة من المخرجة عن سبب امتلاكها صورة واحدة فقط من طفولتها، ولماذا الفتاة التي في الصورة ليست هي.
المغرب له مشوار في الأفلام المرشحة للأوسكار تخطى الـ 11 فيلمًا خلال السنوات الماضية، ومن بين الأفلام المرشحة "السيمفونية المغربية، القمر الأحمر" وغيرهما من اللأعمال.
المرهقون
وللمرة الثالثة ترشح اليمن فيلمًا للأوسكار، فبعد أن قدمت فيلم "أنا نجوم عمري 10 سنوات ومطلقة" عام 2016، وفيلم "أيام الزفاف" عام 2018، وقع الاختيار هذا العام على فيلم "المرهقون" للمخرج اليمني عمرو جمال، الذي يحكي قصة واقعية عن أسرة يمنية تحاول أن توفر لنفسها قوت يومها في ظل ظروف صعبة تدفع الأم لإجهاض نفسها.
الفيلم الذي حصل على جائزتين من خلال مشاركته في الدورة الـ73 لمهرجان برلين السينمائي الدولي، بعد ما حصد جائزة منظمة العفو الدولية، كما حصل أيضًا على المركز الثاني كأفضل فيلم روائي في قسم البانوراما بتصويت الجمهور، يؤكد مخرجه في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية" أنه أراد أن يسلّط الضوء على الفقر والأزمات الاقتصادية في بلاده من خلال قصة أحد أصدقائه.
ثلاثة أفلام ومنتج مصري
ثمة رابط جمع بين أفلام "ڤوي ڤوي ڤوي"، و"جنائن معلقة" و"بنات ألفة"، بجانب القصص الإنسانية، والرابط هو مشاركة المنتج المصري محمد حفظي في إنتاج الأفلام الثلاث، وأكد فخره لترشيحها إلى الأوسكار، وقال في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية": "منذ قراءة السيناريوهات الخاصة بتلك الأعمال وأنا أتنبأ لها بالوصول لمراتب جيدة، خاصة أنها أفلام واعدة في قصصها، كما أننا نركز في القصص التي نختارها للإنتاج على السيناريو وحبكته، وليس نوعية بعينها من الأفلام واختياراتنا حققت انتشارًا في المهرجانات الدولية وإشادات من الجمهور والنقاد، وبالفعل هذه الأفلام إضافة إلى مشواري وتتويج بالنجاح".
الاستمرار مهم
يؤكد الناقد طارق الشناوي أنه من المهم أن يكون هناك ترشيحات للأوسكار سواء من مصر أو من الدول العربية، ويقول في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية": "الأهم هو القدرة على الاستمرار والمواصلة، فدائمًا نسمع عن ترشيحات كثيرة لكن لم نحقق الإنجاز ولم يحدث أخيرًا إلا من خلال الفيلم التونسي "الرجل الذي باع ظهره"، أما بالنسبة للقصص الحقيقية التي تربط بين تلك الأعمال فمن الطبيعي أن ينقلوا للعالم الصورة التي يريدون التعبير عنها، فهناك بلاد تسيطر عليها فكرة الحرب، وربما ارتبط المخرج أو المؤلف بقصة لأحد المقربين وقرر نقلها، والقصص الإنسانية صادقة وتصل أفكارها إلى كل العالم مهما كانت لغتهم.
فن عالمي
هناك أفلام تجارية تنتج من أجل جذب الجمهور البسيط والمعايير الخاصة بها هو السوق، وهدفها الإمتاع والترفيه، وأخرى تحمل بُعدًا فنيًا ومتعة جمالية"، هكذا يرى الناقد المصري عصام زكريا ترشيحات الدول العربية للأوسكار، ويوضح قائلًا: "الأفلام الجمالية التي تشارك في المهرجانات يكون لها هدف أكبر وهو أن تمس جمهور مختلف في كل مكان بالعالم لذلك لها معايير خاصة، ومتع مختلفة عن الأفلام التجارية".
وأضاف: "هناك أفلام حققت نجاحًا كبيرًا العام الماضي في شباك التذاكر منها أفاتار وسبايدر مان وغيرهما، لكن في النهاية نصيبها محدود من الترشح لجوائز الأوسكار، والسبب أنها لا تحتوى على القيمة الفنية التي تحتاجها هذه الجائزة، حتى إذا وصلت يكون نصيبها جوائز تقنية خاصة وليس الجوائز الكبرى".
منافسة صعبة
يشير "عصام زكريا" إلى أن الأفلام المرشحة من الدول العربية لن تصل إلى القائمة القصيرة، وأوضح أسبابه قائلًا: "أصعب الجوائز في الأوسكار هي التي ترشح فيها الأفلام العربية - أفضل فيلم أجنبي- خاصة أن تلك القائمة بها خلاصة السينما العالمية، ويرشح لها أفلام ذات جودة عالية".
وأضاف:" ما بالك بأفلام أمريكا اللاتينية والمكسيك التي تنافس السينما الأمريكية في عقر دارها، يجب أن نفتح الباب لوجود فن عالمي لا يعترف بالحدود".