أفادت تقارير بأن لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، في مدينة فلاديفوستوك الروسية سيكون له آثار كبيرة، مدفوعة باحتياجاتهما المتطورة وظروفهما الجيوسياسية.
تغير صورة بوتين
وبحسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية، عام 2019، كان بوتين يهدف إلى تصوير نفسه على أنه رجل دولة دولي ووسيط محتمل في المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، ومع ذلك، بدءًا من عام 2023 تغيرت صورته بشكل جذري فالاقتصاد الروسي يعاني، ويواجه بوتين عُزلة دولية بسبب الأزمة في أوكرانيا، ولا يستطيع حضور القمم الدولية الكبرى.
ومن ناحية أخرى؛ لم يعد كيم يبحث عن شريان حياة دبلوماسي كما فعل في عام 2019، وبدلًا من ذلك، يتطلع بوتين إلى كيم للحصول على المساعدة دبلوماسيًا وعسكريًا، في الوقت الذي يحاول فيه إعادة تشكيل سياسة روسيا الخارجية.
تعاون موسكو وبيونج يانج
وأشارت فورين بوليسي إلى أن روسيا في حاجة ماسة إلى الوصول للموارد العسكرية لكوريا الشمالية، على الرغم من سنوات طويلة من العقوبات الدولية والعزلة، فإن بيونج يانج عازمة على توسيع برامجها النووية والصاروخية، وكان التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية محدودًا، خاصة فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على البرنامج النووي لكوريا الشمالية، إذ توقف هذا التعاون بعد الأزمة الأوكرانية، ما أثار المخاوف من أن روسيا قد تدعم بشكل غير مباشر البرنامج النووي لكوريا الشمالية، من خلال توفير التكنولوجيا الصاروخية والتدابير المضادة ضد أنظمة الدفاع الصاروخي الغربية.
إعادة تقييم أولويات السياسات
وكانت التحديات التي تواجه روسيا في أوكرانيا سببًا في دفعها إلى إعادة تقييم أولويات سياستها الخارجية، وهي تسعى إلى الابتعاد عن الغرب وتوسيع علاقاتها مع دول مثل الصين، وتلك الموجودة مع دول الجنوب العالمي والمنافسين الغربيين مثل كوريا الشمالية.
ولا تتعلق القمة بالجوهر فحسب، بل بالإشارات السياسية أيضًا، إذ يريد بوتين تأكيد نفوذ روسيا على الساحة الدولية وإبقاء نفسه في دائرة الضوء.
أولويات بيونج يانج
لكوريا الشمالية أولوياتها الخاصة، بما في ذلك طلب المساعدة من روسيا في ثلاثة مجالات رئيسية، أولًا: تحتاج إلى مساعدات غذائية وصحية واقتصادية، وهو ما تفاقم بسبب العزلة التي فرضتها على نفسها في أثناء جائحة كورونا، ثانيًا: قد يضغط كيم خلال الاجتماع مع بوتين على روسيا ضد الصين، التي تتمتع بعلاقة متوترة مع كوريا الشمالية، وأخيرًا، هناك مخاوف من أن روسيا قد تقدم مساعدة عسكرية لكوريا الشمالية في مقابل الأسلحة والذخائر، ما قد يؤدي إلى تصعيد الوضع في أوكرانيا، وتشمل هذه المساعدة تكنولوجيا الغواصات النووية ودعم برامج الصواريخ.
قلق للمسؤولين الغربيين
إن العلاقات العسكرية المتعمقة بين روسيا وكوريا الشمالية تشكل مصدر قلق بالغ للمسؤولين الغربيين، لأنها قد تكون لها آثار كبيرة على الأمن الإقليمي والعالمي، وحذرت إدارة بايدن من مثل هذا التعاون، لكن يبقى أن نرى كيف سيتصرف بوتين وكيم.
ولذا سيكون للاجتماع بين بوتين وكيم آثار بعيدة المدى، مدفوعة باحتياجاتهما المتطورة والظروف الجيوسياسية، فهو يسلط الضوء على رغبة روسيا اليائسة في تجنب الهزيمة من أوكرانيا وسعي كوريا الشمالية للحصول على الدعم الدبلوماسي والعسكري، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب خطيرة على الأمن العالمي.