تتوالى الأزمات بين بيكين وواشنطن في ظل الحرب على الصدارة القائمة بينهما، وبين أبرزها قضايا التجسس، ولعل آخرها أزمة المنطاد الصيني، قبل أن تُفجر شركة مايكروسوفت، الخميس، أزمة جديدة تتعلق باتهام الصين بمحاولة التدخل في الانتخابات الأمريكية، باستخدام الذكاء الاصطناعي، لإنشاء شبكة من الحسابات المزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، للتأثير على الناخبين الأمريكيين.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي توجه فيها أصابع الاتهام نحو بكين في ما يتعلق بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، إذ اتهم الرئيس السابق دونالد ترامب الصين بالتدخل في الانتخابات الأمريكية (2020)، قائلًا: "للأسف وجدنا أن الصين تحاول التدخل في الانتخابات المقبلة التي ستجري في نوفمبر ضد حكومتي".
وقال ترامب وقتها، إن الصين لا تريده أن يفوز، لأنه أول رئيس يتحداها على التجارة، مضيفًا: "نحن نفوز في التجارة.. نفوز على كل المستويات. نحن لا نريدهم أن يتدخلوا في انتخاباتنا المقبلة"، وهو نفاه ممثل الصين في مجلس الأمن الدولي، وانج يي، والذي أكد أن بلاده تتبع على الدوام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأنه تقليد للسياسة الخارجية الصينية.
وقال وانج يي، عضو مجلس الدولة الصيني، ووزير الخارجية، تعليقًا على حديث "ترامب"، إن الصين لا تتدخل ولن تتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، معلنًا رفض بلاده لأي اتهامات لا مبرر لها ضدها.
تفاصيل اتهام مايكروسوفت
وأخيرًا، قالت مايكروسوفت، في تقرير بحثي جديد، إن الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي كانت جزءًا فيما يشبه أنها عملية إعلامية صينية، لتشابهها مع النشاط الذي نسبته وزارة العدل الأمريكية إلى "مجموعة من النخبة داخل وزارة الأمن العام الصينية"، إلا أنهم لم يحددوا منصات التواصل الاجتماعي التي يتحدثون عنها.
وكشفت لقطات شاشة عرضها تقرير مايكروسوفت، منشورات يبدو أنها على منصة فيسبوك، أو "x"، تحدثت عن أجواء مشحونة على وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الذي يستعد فيه الأمريكيون للانتخابات الرئاسية لعام 2024، وقدم التقرير عددًا محدودًا من الأمثلة، لكنه لم يشرح بالتفصيل كيف نسب الباحثون المنشورات إلى الصين.
وقال متحدث باسم مايكروسوفت، إن باحثًا من الشركة استخدم "نموذجًا متشعبًا للإسناد" يعتمد على "الأدلة الفنية والسلوكية والسياقية"، فيما أشارت الشركة إلى أن الحملة بدأت باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي في مارس 2023 تقريبًا لإنشاء محتوى شحن سياسي باللغة الإنجليزية و"محاكاة الناخبين الأمريكيين"، بحسب "رويترز".
الصين ترد
قال متحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن إن الاتهامات الموجهة لبلاده بأنها تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي "مليئة بالتحيز والتكهنات الخبيثة" وإن الصين تدعو إلى الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي.
انتخابات 2016
واتهمت الحكومة الأمريكية روسيا بالتدخل في انتخابات 2016 عن طريق حملة سرية على وسائل التواصل الاجتماعي، وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، إن 13 روسيًا تدخلوا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2016، والتي فاز فيها الرئيس دونالد ترامب.
ووجه "إف بي آي"، اتهامات لـ3 روسيين، بالتآمر من أجل التزوير الإلكتروني، بينما يتهم 5 آخرين بانتحال شخصيات وهمية، كما طالت الاتهامات 3 شركات روسية أيضًا، من بينها شركة إنترنت مقرها في سانت بطرسبرج، التي وصفها التقرير بأن هدفها الاستراتيجي كان "زرع الفتنة في النظام السياسي الأمريكي، من بينها الانتخابات الرئاسية لعام 2016"، بحسب "بي بي سي".
وردت روسيا على الاتهامات بقولها: "13 شخصًا ضد أجهزة أمن ميزانيتها مليارات الدولارات، ضد وكالات التجسس ومكافحة التجسس، ضد أنظمة التكنولوجيا المتطورة؟ هذا أمر سخيف، نعم سخيف".