الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كيف حول نقص الدواء في فرنسا حياة المرضى إلى كابوس؟

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

منذ سنوات طويلة تُعاني فرنسا من مشكلة مُتزايدة ومستمرة في نقص العديد من الأدوية الحيوية المهمة لعلاج الأمراض الحادة والمزمنة، وقد تفاقمت هذه المشكلة كثيرًا خلال الفترة الأخيرة؛ لتصبح كابوسًا يهدد صحة آلاف المرضى الفرنسيين. ورغم التقارير والتوصيات المتكررة من قبل الخبراء والمهتمين بقطاع الصحة، إلا أن الحكومة الفرنسية لم تتخذ حتى الآن خطوات جادة لمعالجة جذور هذه الأزمة.

تفاقم الأزمة

شهدت صيدليات فرنسا في الفترة الأخيرة ندرة متزايدة في العديد من الأدوية الأساسية مثل المضادات الحيوية، وأدوية علاج أمراض القلب والضغط والسكري، بالإضافة إلى أدوية علاج السرطان والأمراض النفسية، إذ بحسب إحصائيات نقابة الصيادلة الفرنسية فقد شهدت نسبة الأدوية غير المتوفرة ارتفاعًا ملحوظًا، بلغت 10% من إجمالي الأدوية الموصوفة عام 2016 مقابل 6.5% عام 2010، وفق تقرير لصحيفة لوفيجارو الفرنسية.

وفي الوقت نفسه، لوحظ أن مشكلة ندرة الأدوية تتسع لتشمل أدوية جديدة سوقت حديثًا، بالإضافة إلى أدوية كانت متوفرة بشكل مستمر لعقود سابقة، ما جعل الأزمة أكثر خطورة. وقد ترك هذا الوضع المئات من المرضى الفرنسيين في مواجهة مخاطر صحية خطيرة.

أسباب تفاقم الأزمة

تُشير الصحيفة إلى عدة أسباب وراء تفاقم أزمة الدواء في فرنسا، مرجحة أن ارتفاع الطلب على الأدوية بنسبة 3% سنويًا بسبب تزايد عدد المرضى المزمنين الذي يقدر بحوالي 20 مليون مريض، يعد من الأسباب الرئيسية لهذه المشكلة، فيما أوضحت أن الأزمة بدأت منذ 2010 بعد بداية انخفاض أعداد الأدوية المتاحة في السوق بنسبة 15%.

فيما لوحت الصحيفة إلى أن الدولة عليها مسؤولية في هذه المشكلة، إذ إن انخفاض أسعار الأدوية التي تدفعها الدولة للشركات المصنعة يعد وراء تفاقم الأزمة، حيث تدفع فرنسا أقل الأسعار في أوروبا بنسبة 30% عن المتوسط، كما تراجعت استثمارات الشركات الدوائية في البحث والتطوير بنسبة 24% خلال العقد الماضي.

أوضحت التقارير اعتماد فرنسا بنسبة 60% على الأدوية المستوردة من الصين والهند ما يعرّض سلاسل التوريد للانقطاعات.

وسلطت التقارير الضوء على مشكلة غلاء تكاليف إنتاج الأدوية الجديدة، خاصة الأدوية النادرة وأدوية الأمراض الخبيثة، مما يؤدي إلى شُحها في الأسواق.

تداعيات الأزمة

وفقًا لما أشارت الصحيفة، تسببت أزمة نقص الأدوية في فرنسا في صعوبة وصول آلاف المرضى إلى العلاجات اللازمة وتأجيل العديد من الحالات الطارئة، كما أدت الأزمة إلى زيادة الضغط على المستشفيات؛ بسبب تفاقم حالات المرضى نتيجة انقطاع العلاج. ووفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن هذه الأزمة تتسبب في الآلاف من حالات الوفاة سنويًا، فضلًا عن تكاليف صحية إضافية تصل إلى 2 مليار يورو سنويًا؛ بسبب اللجوء إلى بدائل علاجية. ويُقدر أن حوالي 10% من المرضى شهدوا تفاقمًا في حالتهم الصحية بسبب توقف علاجاتهم أو تغييرها بشكل مفاجئ نتيجة نقص الأدوية.

حلول الأزمة

أشارت لوفيجارو إلى حزمة من الحلول والتوصيات لدعم قطاع الأدوية وتأمين إمداداتها المستمرة، إذ أوصت برفع أسعار الأدوية تدريجيًا بنسبة 15-20% خلال 5 سنوات لزيادة هامش ربح الشركات، كما دعت إلى تقديم حوافز مالية قدرها 500 مليون يورو؛ لتشجيع الأبحاث والاستثمار في الأدوية الحيوية، ومنها دعم إنتاج 30 دواءً حيويًا محليًا بقيمة 1.5 مليار يورو، هذا إلى جانب التنويع في مصادر الاستيراد وإنشاء احتياطي طارئ من الأدوية وتطوير آليات التنسيق بين قطاعي الصحة والصيدلة.