تتجه أنظار الأوساط الاقتصادية نحو الولايات المتحدة الأمريكية في ظل تطورات جديدة تهم القطاع المصرفي والأوضاع المالية، بعد تحذير صادر عن محلل في وكالة التصنيف الائتماني البارزة "فيتش"، يُنبِّه إلى وجود أزمة قادمة قد تؤثر بشدة على القطاع المصرفي الأمريكي، تتمثل في خطر خفض التصنيف لعشرات البنوك الأمريكية، بينها أكبر بنك في العالم وهو "جي بي مورجان".
تحذير وكالة فيتش، يأتي بعد أن خفّضت تقييمها للقطاع في يونيو الماضي، وهي خطوة "مرت دون أن يلاحظها أحد، لأنها لم تؤد لخفض التصنيف الائتماني للبنوك"، بحسب المحلل كريسف وولف، الذي قال إن تخفيض درجة واحدة أخرى للقطاع، إلى A+ من AA-، سيجبر فيتش على إعادة تقييم التصنيفات لنحو 70 بنكًا أمريكيًا، وفقًا لـ"CNBC".
وحذّر وولف، من أن خفض التصنيف إلى A+، سيعيد معايرة جميع تدابيرهم المالية وربما يترجم إلى إجراءات تصنيف سلبية، موضحًا أن الوكالة عازمة على إرسال إشارات إلى السوق هذه المرة بأن تخفيضات البنوك، تشكل مخاطرة حقيقية.
الوضع المالي في الولايات المتحدة
تحذير وكالة فيتش من خفض التصنيف الائتماني للبنوك، يأتي بعد أن حذّرت سابقًا من تدهور الوضع المالي في الولايات المتحدة الأمريكية على مدى الثلاث سنوات المقبلة، وأيضا بعد أن خفّضت وكالة موديز تصنيف 10 بنوك صغيرة ومتوسطة الحجم طويل الأجل للولايات المتحدة، بسبب "الخلل السياسي وأعباء الديون المتزايدة".
وجاءت أبرز الأسباب في تداعيات انهيار البنوك الأمريكية، التي حدثت مارس الماضي، رغم إظهار البنوك الأمريكية، خلال النصف الثاني من العام الحالي، أن هناك استقرارًا، بمستويات الودائع، بعد تكبدها خسائر، كبيرة، إثر الأزمة المصرفية في مارس.
دفع المزيد مقابل الودائع
لكن أجبرت البنوك فيما بعد على دفع المزيد للعملاء مقابل الودائع بوتيرة تفوق النمو، وهو ما يؤثر في خفض التصنيف الائتماني لهذه البنوك، إضافة إلى ارتفاع تكاليف التمويل، فارتفاع معدل الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، دفع الشركات إلى سداد المزيد من الأموال مقابل الودائع، إضافة إلى المخاطر المتزايدة المرتبطة بقروض العقارات التجارية، بحسب "سي إن بي سي".
المعدلات المرتفعة للفائدة أدت إلى تآكل قيمة أصول البنوك وجعلت من الصعب على مقترضي العقارات التجارية إعادة تمويل ديونهم، وهذا من الأسباب التي تؤدي إلى توقع خفض التصنيف الائتماني للمزيد من البنوك الأمريكية.
وسبق أن خفّضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية من AAA إلى AA+، وتوقعت تدهور الوضع المالي على مدى الثلاث سنوات المقبلة للاقتصاد الأمريكي.
إجراء يونيو الماضي، أدى إلى خفض درجة "بيئة التشغيل" في الصناعة، إلى AA- من AA بسبب الضغط على التصنيف الائتماني، وبالتالي فإن الأزمة الناتجة عن تخفيض آخر إلى A+ هي أن درجة الصناعة ستكون بعد ذلك أقل من بعض المقرضين ذوي التصنيف الأعلى، وبالتالي خفض تصنيف البنوك، إذ إنه لا يمكن أن يكون تصنيف البنوك أعلى من البيئة التي تعمل بها، بحسب "إنفستنج".
الفائدة
ويعد العامل الأكبر الذي يمكن أن يدفع "فيتش" إلى خفض تصنيف الصناعة، هو مسار أسعار الفائدة، إذ إن معدلات الفائدة الأعلى لفترة أطول من المتوقع أن تضغط على هوامش ربح الصناعة، كما أن هناك قضية أخرى ذات صلة، وهي ما إذا كان التخلف عن سداد قروض الصناعة يرتفع إلى ما هو أبعد مما تعتبره وكالة فيتش مستوى الخسائر الطبيعي تاريخيًا، وهنا أعربت الوكالة عن قلقها من التأثير الخاص بالتخلف عن سداد قروض المكاتب على البنوك الصغيرة، بحسب "وولف"، الذي أكد أن التخفيض ليس حتميًا، لكنه إذا تم ستكون هناك عواقب.