متخصصون: استغلال نجاح مشروع.. وعلى الفنان أن يعرف متى يُكمل المسار أو يتوقف
شهد فيلم "الناظر" الصادر عام 2000 اكتشاف المخرج شريف عرفة للفنان محمد سعد بشخصية حوّلت مسار حياته الفنية، وهي "اللمبي" التي أحبها الجمهور وقتها وتعلّق بها، فقرر محمد سعد أن يستغل هذا النجاح ويحوّل الشخصية إلى فيلم، والحقيقة أن الأمر نجح وكانت انطلاقة كبيرة لمحمد سعد في السينما من خلال هذه الشخصية، لكنه ظل يكرر الشخصية في أكثر من عمل حتى اقترنت به، ورغم أن عددًا من النقاد والجمهور نصحه بالخروج من هذا الإطار إلا أنه على النقيض فضّل تحويلها لمسارات مختلفة، لتنطلق من السينما إلى خشبة المسرح من خلال عرض حمل اسم "اللمبي في الجاهلية" قدمها في المملكة العربية السعودية.
لا يعد محمد سعد النجم الوحيد الذي حقق نجاحات بشخصية سينمائية أو تلفزيونية، فهناك أيضًا الفنان محمد هنيدي الذي قدم للجمهور شخصية رمضان مبروك أبو العلمين حمودة، التي حققت نجاحًا كبيرًا معه، وقرر استغلالها تلفزيونيا، قبل أن يعلن أخيرًا أنه بصدد تحويل الشخصية إلى مسرحية تحمل الاسم نفسه، وهو الأمر الذي تكرر سابقًا مع الفنان هاني رمزي من خلال تقديمه شخصية "أبو العربي" في فيلم يحمل الاسم نفسه، ثم إلى عمل مسرحي قدم منه موسمين.
حول استغلال الشخصيات الفنية الناجحة في السينما والدراما التلفزيونية ثم تحويلها إلى أعمال مسرحية، ومدى عائدها على الفنان، أم أنه استهلاك لشخصيات متكررة، ينبغي على الفنان التحرر منها، يحلل عدد من المسرحيين والنقاد هذه الظاهرة لموقع "القاهرة الإخبارية".
الجودة مقياس
يؤكد الفنان المسرحي يوسف إسماعيل أن الأمر ليس غريبًا ومن الوارد أن يحدث، إذ يقول: "المهم في النهاية هو كيف سيُخرج النجم هذه الشخصية للجمهور مرة أخرى، هل ستكون محكومة دراميًا وتنال إعجاب الجمهور، أم يستغل النجاح ويحوله إلى صورة ليست جيدة لا تنال إعجاب الجمهور، فجودة المنتج الفني هي المقياس في رأيي".
وأوضح أن كل فنان له الشكل الخاص به، وعليهم أن يقدموا أفكارهم على المسرح بشكل مغاير لما شاهده الجمهور في التلفزيون أو السينما حتى لا يملون، وفي النهاية الحكم للجمهور.
استغلال نجاح
المخرج المسرحي المصري الكبير سمير العصفوري أيد رأي الفنان يوسف إسماعيل وقال: "علينا ألا نقسو على الفنانين وننظر إلى الأمر برفق، فهم يستغلون نجاحهم الذي فرضه عليهم الجمهور بشكل مشروع، والأمر يحدث في العالم كله، وليس في مصر فقط، وهناك العديد من الأمثلة على ذلك، وحقق أصحابها نجاحات كبيرة أضافت لهم ولم تنقص من رصيدهم عند جمهورهم".
وتابع: "السينما حالة من حالات الصناعة التي تحوّل العمل المسرحي إلى مُنتج دائم، وحينما يقرر النجوم أن يتجهوا إلى المسرح فهم يرون أنهم نجحوا واستمتعوا في أدوار محددة جدًا في السينما والدراما، لذا يقررون استغلال نجاحها ونقلها إلى المسرح ليتواصل بشكل أكبر مع جمهوره ومحبيه، وأرى أنها فرصة لنجاح جديد للنجم قبل أن يخرج على المعاش، فنهاية العرض المسرحي عند أى نجم هي بمثابة خروج على المعاش".
ويرى العصفوري أنه من الوارد أن يقدم أحد النجوم فيلمًا لا يحقق نجاحًا، لكن يتعلق الجمهور بشخصيته في العمل، ويقول: "قد يستغل البعض هذا النجاح البسيط ويقدم في صورة أخرى أكثر جودة على المسرح ويحقق به النجاح الكبير الذي يُريده، والأهم أن يتجنب أخطاءه ويقدم مُنتَجًا قويًا للجمهور حتى لا يعزفون عن العرض".
ظروف إنتاجية صعبة
يؤكد "العصفوري" أن الظروف الإنتاجية ومواسم أعياد السينما لم تعد تجعل النجوم يبحثون عن مناطق نجاحهم الفارق في تجربتهم، ويقول: "لما لا يتمادون في النجاح الذي قدموه، والجمهور هو من قرر نجاحهم سابقًا وحمّسهم لأن يشبعوا من هذا النجاح الكبير، من خلال إعادة تقديم الشخصية على المسرح، وما دامت كراسي المسرح ممتلئة فهذا نجاح وله أصداء على الفنان والحركة المسرحية".
واختتم "العصفوري": "إحساس النجم بنجاح ونشوة فنية، لا تأتي من خلف الكاميرا ولكن من احتكاكه بالجمهور على خشبة المسرح وتفاعلهم معه، وصنع استجابة بين الفنان والمشاهد على خشبة المسرح أمر ليس سهلًا".
أمر معتاد
أما الناقد المصري طارق الشناوي فيرى أن هذا الأمر معتاد، إذ يقول: "لا يمكن أن نحكم على عمل فني قبل أن نشاهده، فالحكم من خلال المشاهدة، والعمل الجيد يفرض نفسه على الجمهور سواء كان باستغلال نجاح شخصية أو عمل جديد، وعلى الفنان أن يتمتع بذكاء، ويعرف متى يتوقف عن المسار الذي يسير فيه ومتى يُكمل، فالكثيرون اعتادوا نجاح شخصيات فنية وقدموها أكثر من مرة حتى ملّ منها الجمهور، وعادت بالسلب عليهم وسحبت من رصيدهم، لذلك على الفنان أن يستوعب بوصلة الجمهور وجودة العمل الفني الذي يقدمه، ويتابع أدق تفاصيله".