اشتعل الصراع السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة، إذ ألمح كيفن مكارثي، رئيس مجلس النواب الأمريكي، لإمكان فتح تحقيق قد يؤدي إلى عزل الرئيس جو بايدن من منصبه.
ويتزامن تلميح مجلس النواب الجمهوري بمساءلة بايدن، مع تعرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لملاحقات قضائية، قد تزج به في السجن لفترات طويلة، في حال إدانته وتحرمه من خوض سباق الرئاسة الأمريكية العام المقبل.
تحقيقات في الأعمال التجارية لهانتر بايدن
وتتصدر الأعمال التجارية لهانتر بايدن وتورط والده الرئيس الديمقراطي فيها، قائمة تحقيقات مجلس النواب بالكونجرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريين الذين بالفعل بدأوا تنفيذ ما تعهدوا به خلال حملاتهم الانتخابية الأخيرة، وهو التحقيق في أعمال نجل بايدن وأموال عائلة الرئيس الديمقراطي.
وفي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، قال "مكارثي" إنه يتوقع تحقيقات الحزب الجمهوري في مجلس النواب بالأنشطة التجارية الخارجية لعائلة الرئيس بايدن، خاصة نجله أن ترقى إلى مستوى تحقيق العزل.
وأشار "مكارثي" لتصريحات بايدن، خلال حملته الانتخابية السابقة، حين أخبر الأمريكيين أنه لا علاقة له بأعمال نجله التجارية، ولم يتحدث معه بشأنها، قائلًا: "الرئيس قال إن عائلته لم تتلق دولارًا من الصين، وهو ما نثبت أنه غير صحيح".
وتحدث أيضًا، عن اثنين من المبلغين عن المخالفات في مصلحة الضرائب الأمريكية زعموا أن المدعين العامين أبطأوا بالتحقيق في جرائم هانتر بايدن الضريبية، ووجدت تحقيقات مجلس النواب الجمهوري أن ملايين الأموال الأجنبية انتقلت عبر شركات وهمية إلى أفراد عائلة بايدن وشركائها.
وأضاف رئيس مجلس النواب الأمريكى: "لقد تابعنا فقط إذ نقلتنا المعلومات، هذا يرتقي إلى مستوى تحقيق المساءلة، الذي يوفر للكونجرس أقوى سلطة للحصول على بقية المعرفة والمعلومات المطلوبة".
وأضاف "لأن هذا الرئيس استخدم أيضًا شيئًا لم نشهده منذ ريتشارد نيكسون، هو استخدام سلطة الحكومة لصالح عائلته وحرمان الكونجرس من القدرة على الإشراف".
وأكمل: "أعتقد أننا سنتبع هذا على طول الطريق حتى النهاية، وهذا سيرتقي إلى تحقيق المساءلة، بالطريقة التي يخبرنا بها الدستور للقيام بذلك، وعلينا الحصول على إجابات لهذه الأسئلة".
وتأتي تصريحات مكارثي بشأن عزل بايدن، بعد أيام من إصدار السناتور الجمهوري تشاك جراسلي، ورئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب جيمس كومر، نموذجًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي وثق مزاعم لم يتم التحقق منها، بشأن فساد ناشئ عن عمل هانتر بايدن مع شركة الطاقة الأوكرانية بوريسما.
ولم يستخدم مكارثي هذه المزاعم غير المثبتة كأساس لتحقيق المساءلة، لكن الكشف عنها زاد من شكوك الجمهوريين في التعاملات التجارية الأجنبية.
تورط بايدن في أزمات نجله
وذكرت صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية، أن ديفون آرتشر، المساعد السابق لهانتر بايدن، يعتزم إبلاغ لجنة الرقابة والإصلاح بمجلس النواب في جلسة مغلقة هذا الأسبوع، أن هانتر بايدن أجرى مكالمة مع والده، الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس حينها، عن طريق مكبر الصوت خلال اجتماعات مع شركاء أعمال أجانب.
وردًا على تعليق رئيس مجلس النواب، اتهم البيت الأبيض، الجمهوريين في المجلس بالفشل في التركيز على القضايا المهمة.
وقال إيان سامز، المتحدث باسم البيت الأبيض للرقابة والتحقيقات، في تغريدة على "تويتر": "بدلًا من التركيز على القضايا الحقيقية التي يريد الأمريكيون منا معالجتها مثل الاستمرار في خفض التضخم أو خلق فرص عمل، هذا ما يجب على النواب فعله وهو تحديد أولوياته.. إن حماسهم لملاحقة الرئيس بايدن بغض النظر عن الحقيقة لا معنى له على ما يبدو".
وقالت كارين جان بيير، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، إن الرئيس لم يتعامل مع ابنه فيما يخص أعماله التجارية.
فساد هانتر بايدن
وكشف موقع "بيزنس إنسايدر" الإخباري الأمريكي، آخر اتهامات فساد هانتر، أنه حصل على ما لا يقل عن 1.3 مليون دولار، من أحد المانحين الديمقراطيين البارزين الذي عينه الرئيس جو بايدن في لجنة مرموقة.
وأظهرت المستندات أن المشتري هي إليزابيث هيرش نفتالي، مستثمرة عقارية من لوس أنجلوس.
وتظهر شبهة الفساد في أن الرئيس بايدن عيّن إليزابيث هيرش، في لجنة الحفاظ على التراث الأمريكي في الخارج، يوليو 2022؛ بعد 8 أشهر فقط من المعرض الفني الأول لابنه، الذي تلقى في مقابله المبلغ الضخم من المانحة الديمقراطية.
ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان شراؤها للمعروضات الفنية تمت قبل الموعد أو بعده، لكن الأكيد أن إليزابيث هيرش تبرعت بأكثر من 200.000 دولار لصندوق "بايدن فيكتوري"، خلال دورة انتخابات 2020، وأكثر من 30 ألف دولار للجنة الوطنية الديمقراطية ذلك العام، كما بلغت الحد الأقصى لحملة بايدن من خلال تبرعين بقيمة 3300 دولار، أبريل من نفس العام.
وليست نفتالي الوحيدة في ذلك، فتشير المستندات أيضًا إلى مشتر آخر اشترى أعمال هانتر بايدن الفنية مقابل 875 ألف دولار، لكن لم يتم الكشف عن هويته حتى الآن.
في الوقت نفسه، تزداد الشكوك بين الناخبين حول تورط بايدن الأب في أزمات هانتر، إذ أشار استطلاع للرأي أن أكثر من نصف المواطنين الأمريكيين يعتقدون أن بايدن متورط في الصفقات التجارية التي أجراها نجله مع الخارج.
وجاء في الاستطلاع الذي نشرته شركة "راسموسن ريبورتس" أن 58% من المشاركين يدعمون هذا الرأي القائل بتورط بايدن، فيما وصف 44% هذا السيناريو بأنه "مرجح للغاية"، فيما يملك ثلث الأمريكيين فقط وجهة نظر معاكسة، كما اعتبر 10% أنه من الصعب الجزم بمشاركة بايدن في أعمال ابنه.
قضايا ترامب
ويأتي تحرك الجمهوريين نحو مساءلة بايدن، في الوقت الذي ينتظر الرئيس السابق دونالد ترامب المحاكمة في ثلاث قضايا المعروفة إعلاميًا بـ"الوثائق السرية"، شراء الصمت، والتخريب الانتخابي".
ويواجه ترامب الذي أعلن عزمه خوض انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2024، عددًا من التهم الجنائية في تلك القضايا، الذي تصل عقوباتها إلى السجن لفترات طويلة، في حال إدانته، لكن الرئيس الجمهوري السابق ينفي تلك الاتهامات.
كما أن الجمهوريين في مجلس النواب بدأوا التحرك نحو قطع التمويل الفيدرالي عن الفريق المعني بالتحقيق في اقتحام الكونجرس، يناير 2021، وجهود إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 2020، الذي فاز فيها جو بايدن.