في سياق تصاعد التوترات الجيوسياسية في أوروبا الشرقية، أكدت واشنطن التزامها بالدفاع عن بولندا في حال تعرضها لهجوم خارجي. هذا التأكيد يأتي في ظل الأنباء المتداولة حول توجه مقاتلين من مجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية، الذين يتمركزون حاليًا في بيلاروسيا، لشن هجمات على الدولة المجاورة بولندا، بعد التمرد الفاشل الذي قاموا به في يونيو الماضي.
وفي الوقت نفسه، تتزايد التوترات بين بولندا وروسيا بشأن تحركات القوات والنشاطات العسكرية على الحدود، في فجوة سوالكي، التي تُعد المنطقة الواقعة بين بيلاروسيا وبولندا وكالينينجراد الروسية.
الوعد الأمريكي
في هذا الصدد أكدت واشنطن أنها ستدافع عن بولندا في حالة هجوم من الخارج، حسب ما أعلنه، ماثيو ميلر، المُتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، للصحفيين أمس الاثنين، وذلك تعليقًا على الأنباء المتداولة التي تقول إن مقاتلين من فاجنر الذين يتمركزون حاليًا في بيلاروسيا يرغبون في "الذهاب في جولة" في الدولة المجاورة، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست".
خلال المؤتمر الصحفي اليومي، تم سؤال "ميلر" عن تصريحات الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، الذي ادعى أن أعضاء فاجنر كانوا يتلهفون لتسوية الحسابات مع أولئك الذين قدموا لأوكرانيا الأسلحة، واقترح أنهم قد يذهبون "في جولة إلى وارسو".
قال ميلر: "لا أعرف كم يجب أن تقرأ في ذلك.. أود فقط أن أكرر أن تحالفنا مع بولندا قوي، بولندا عضو في الناتو، بالطبع، وسندافع، إذا لزم الأمر، عن كل شبر من أراضي الناتو".
تهديد جديد
تم نقل الآلاف من مقاتلي "فاجنر" إلى بيلاروسيا خلال الشهر الماضي، بعد فشلهم في التمرد في روسيا، والذي انتهى بتوسط "لوكاشينكو".
زار الزعيم البيلاروسي موسكو خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه كان قلقًا من رغبة فاجنر الظاهرة في العبور إلى بولندا، بحسب شبكة "يورو نيوز".
ذكر لوكاشينكو على وجه التحديد مدينة رزيسزو، وهي مركز لجهود الناتو لتزويد أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة والمعدات والإصلاحات.
الرد الروسي
قال بوتين الأسبوع الماضي إن أي هجوم على بيلاروسيا من بولندا سيتم معاملته كهجوم على روسيا نفسها، مُشددًا على أن موسكو ومينسك لديهما معاهدة دفاع، والقوات الروسية موجودة في بيلاروسيا، بحسب ما أشارت وكالة الأنباء الروسية "تاس".
كما نشرت روسيا رؤوسًا نووية في بيلاروسيا الشهر الماضي، مستشهدة بالتوترات المستمرة مع الناتو بشأن أوكرانيا.
اقترح الرئيس الروسي أن وارسو تقوم بتشكيل "تحالف" مع ليتوانيا للاستيلاء على أجزاء من غرب أوكرانيا تحت غطاء حفظ السلام، وأن بعض الأشخاص في كييف قد يتعاونون مع هذا المشروع، إلا أن المسؤولين البولنديين نفوا أي خطط لاحتلال الأراضي الأوكرانية.
كانت شريحة من الأراضي التي تنتمي حاليًا إلى أوكرانيا وبيلاروسيا وليتوانيا تحت سيطرة بولندا بين عامي 1919 و1939.
تم تسليم هذه "الحدود الشرقية" إلى الاتحاد السوفيتي في نهاية الحرب العالمية الثانية مقابل بروسيا الشرقية وبوميرانيا وسيليزيا، حيث تم ترحيل الألمان المحليين.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد أكد خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي، أن المناطق الغربية في بولندا الحالية كانت "هدية من الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين" للبولنديين في نهاية الحرب العالمية الثانية.
استنكار بولندي
من جانبه استنكر ماتيوش موراويتسكي، رئيس الوزراء البولندي، وصف بوتين للحدود الغربية الحالية لبولندا بأنها "هدية من ستالين"، بحسب ما أشارت مجلة نيوزويك الأمريكية.
ووصف الزعيم السوفيتي الراحل بأنه "مجرم حرب" وتعهد باستدعاء السفير الروسي احتجاجًا.
تعزيزات عسكرية
عززت وارسو وجودها العسكري على الحدود مع بيلاروسيا في أوائل يوليو، مستشهدة بالتهديد من فاجنر.
وأعلن وزير الدفاع ماريوش بلاشتشاك، يوم الاثنين، عن إنشاء وحدة جديدة ستتمركز بالقرب من الحدود مع ليتوانيا في فجوة سوالكي، التي تفصل بيلاروسيا عن كالينينجراد، الجزء المنفصل من روسيا على بحر البلطيق، والتي تعد المعبر البري الوحيد بين أوروبا الوسطى ودول البلطيق.