الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

جسر القرم بين الإرهاب والانتصار.. هل يثير تفجيره حفيظة الدب الروسي؟

  • مشاركة :
post-title
استهداف جسر القرم

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يشهد الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا خطيرًا، إذ شنّت أوكرانيا هجومًا على جسر كيرتش الاستراتيجي الواصل بين روسيا وشبه جزيرة القرم.

وأعلنت روسيا أن الهجوم أسفر عن مقتل مدنييّن وإصابة طفل، فيما لحقت أضرار بالجسر. واتهمت موسكو كييف بتنفيذ "عمل إرهابي" باستخدام قوارب مفخخة.

من جهتها، رحبت أوكرانيا ضمنيًا بالهجوم، مؤكدةً أن الجسر يُستخدم كمحور لوجستي روسي مهم، فيما ردّت روسيا بإيقاف المرور عليه، والتعهد بإصلاحه.

لكنّ الهجوم يشكّل ضربة معنوية لموسكو، وقد يدفعها لتصعيد عسكري جديد.

ويشير سيرجي زجوريتس، المحلل العسكري بموقع ديفينس أكسبريس، خلال مداخلة على قناة "أسبريسيو تي في" الأوكرانية، إلى أن استهداف الجسر ليس مجرد عملية معلوماتية ونفسية، بل هي أيضًا إجراءات تؤثر على اللوجستيات الروسية في منطقة مهمة للغاية.

وأضاف المحلل أنّ هناك فيديو يظهر أجزاء الجسر المدمّرة، ما يعني أنّ الجانب الأوكراني ربما يكون قادرًا على تنفيذ مثل هذه الضربات على جسر القرم، وهو ما لا يتعارض مع مفهوم الجيش الأوكراني.

وأكد زجوريتس.. "لذلك، نقول في أي حالة، إن هذه عملية قوية تهدف لتقييد القدرات اللوجستية للجيش الروسي في الكرم، ومن جهة أخرى، فإنها تؤثر بشكل كبير على قدرة القوات الروسية على الاحتفاظ بالقرم وتوفير الإمدادات للأراضي التي تسيطر عليها روسيا في منطقة زابوريجيا".

هجوم إرهابي

 في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، أعلن حاكم القرم سيرجي أكسيونوف إن حركة المرور على الرابط الرئيسي بين شبه الجزيرة والبر الرئيسي لروسيا قد توقفت، في ذلك الوقت، لم يوضح سبب هذه الخطوة ، مشيرًا إلى "حالة طوارئ" غير محددة.

في وقت لاحق، صرّح حاكم بيلجورود فياتشيسلاف جلادكوف أن الحادث أودى بحياة زوجين من منطقته، مضيفًا أن ابنتهما أصيبت.

وتعليقًا على الهجوم، قال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، إن موسكو "تعرف من يقف وراء الهجوم الإرهابي"، مضيفًا أنه بينما تسعى أجهزة إنفاذ القانون باستمرار إلى تعزيز الأمن، "لا توجد مناقشات" في الوقت الحالي حول تدابير إضافية في هذا الصدد.

وقالت اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب إن جسر القرم استُهدف "بهجوم إرهابي" أوكراني، وذكرت أن الهجوم شمل مسيّرتين أوكرانيتين ووقع الهجوم نحو الساعة الثالثة صباحًا بالتوقيت المحلي.

كما أفادت العديد من وسائل الإعلام الأوكرانية أن الجسر تعرض لهجوم بمسيّرات، ووصف الهجوم بأنه "عملية خاصة" نفذتها أجهزة الأمن والقوات البحرية في البلاد.

امتناع أوكراني

في الوقت الذي امتنع فيه المسؤولون الأوكرانيون عن إعلان المسؤولية، رحبوا بالحادث، إذ كتب ميخائيل بودولاك، أحد كبار مستشاري الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، على حسابه الرسمي بمنصة تويتر، أن "أي هياكل غير قانونية" تستخدمها روسيا لتزويد قواتها "هي بالضرورة قصيرة العمر.. بغض النظر عن أسباب التدمير".

فيما صرّح أندري يوسوف، المتحدث باسم مديرية المخابرات الرئيسية في أوكرانيا، أن جسر القرم هو "بناء زائد عن الحاجة".

وأكد المتحدث باسم مديرية المخابرات الرئيسية الأوكرانية، أنه بسبب تدمير قسم من الجسر "سيواجه الروس مشكلات في الخدمات اللوجستية لأنهم يستخدمون شبه جزيرة القرم محورًا لوجستيًا كبيرًا لتحركات قواتهم نحو العمق الأوكراني".

من جهتها اتهمت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، أوكرانيا بشن الهجوم، مشيرة الى أن "نظام كييف إرهابي وله جميع السمات المميزة لكونه جماعة إرهابية دولية".

وزعمت أن القرارات التي يتخذها صانعو السياسة الأوكرانيون "تُتخذ بمشاركة مباشرة من جانب سياسيين وجهاز استخبارات أمريكي وبريطاني".

آثار الهجوم

وفقًا لوزارة النقل الروسية، فقد تضرر سطح الطريق على أحد مسارات الجسر.

ومع ذلك، أشارت الوزارة إلى أن الهجوم لم يتسبب في دمار أكثر خطورة، موضحة أن "إنشاءات الجسر لا تزال على دعائمها".

كان البيان متسقًا مع العديد من مقاطع الفيديو من مكان الحادث التي أظهرت جزءًا منهارًا جزئيًا من الطريق، ولكن لم يكن هناك أي ضرر مرئي آخر للمبنى.

وبحسب المتحدث باسم الكرملين، فقد أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليمات لنائب رئيس الوزراء مارات خوسنولين بتنظيم إصلاحات للجسر.

وقف الحركة

في أعقاب الحادث، أوقفت السلطات الروسية حركة المرور على الجسر وحثت سائقي السيارات على استخدام طرق أخرى إلى شبه جزيرة القرم، لا سيما تلك التي تمر عبر المناطق الأوكرانية السابقة التي صوتت للانضمام إلى روسيا الخريف الماضي، في حين تمت استعادة خدمة السكك الحديدية في غضون عدة ساعات، على الرغم من تأخر بعض القطارات.

محاولات الاستهداف

وقالت وزارة الدفاع الروسية الأسبوع الماضي إن أوكرانيا حاولت سابقًا ضرب الجسر باستخدام صاروخ دفاع جوي من طراز S-200 معاد استخدامه إلا أنهم فشلوا في اختراق الدفاعات الجوية.

في أكتوبر 2022، اتهمت موسكو أوكرانيا بشن تفجير شاحنة مفخخة على الجسر، مدعية أن أجهزة المخابرات في كييف هي التي دبرتها.

في ذلك الوقت، ردت روسيا بتكثيف الضربات الصاروخية على البنية التحتية العسكرية والطاقة في أوكرانيا.

أهمية استراتيجية

يمثل جسر كريتش أهمية استراتيجية كبرى بالنسبة لروسيا، لعدة أسباب، إذ يربط الجسر بين شبه جزيرة القرم والأراضي الروسية، وبالتالي يسمح بنقل القوات والمعدات العسكرية بينهما بشكل مباشر.

يعتبر الجسر شريانًا حيويًا للإمدادات والموارد بين روسيا وقواتها في شبه جزيرة القرم، كما يمثل أحد المحاور اللوجستية الرئيسية التي تعتمد عليها روسيا لدعم عملياتها العسكرية في جنوب أوكرانيا.

من الناحية الاقتصادية يمثل الجسر أهمية كبيرة، إذ يربط شبه جزيرة القرم بالاقتصاد الروسي ويسهل حركة النقل والتجارة.

كما يمثل رمزًا للسيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم، لذا فإن تعرضه للضربات يمس بالمكانة والهيبة الروسية.