قالت أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، إن الساعات الأربع والعشرين الماضية، كانت الأكثر دموية منذ بدء العملية الروسية داخل أراضيها، إذ تواصل موسكو هجومها الشتوي المكثف في الشرق ونشرها عشرات آلاف الجنود الذين تم حشدهم حديثًا لساحة المعركة، وفقًا لوكالة "رويترز".
وقالت "رويترز" إنه لم يتسن التحقق من مزاعم أوكرانيا من مصادر مستقلة، فيما قالت روسيا إنها قتلت أعدادًا كبيرة من القوات الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة.
وأعلن الجيش الأوكراني زيادة عدد القتلى العسكريين الروس بمقدار 1030 الليلة الماضية، ليصل إلى الإجمالي 133190، ووصف الزيادة بأنها الأعلى في الحرب حتى الآن. من جهتها، قالت روسيا إنها أسقطت 6500 أوكراني بين قتيل وجريح في شهر يناير الماضي.
ووصلت الحرب التي أوشكت على دخول عامها الثاني إلى نقطة محورية إذ تحاول موسكو استعادة زمام المبادرة بينما تتطلع كييف للحصول على دبابات من الغرب لشن هجوم مضاد في وقت لاحق هذا العام.
وبعد أن فشلت روسيا في الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية العام الماضي، ومنيت بخسائر في النصف الثاني من عام 2022، أصبحت تعتمد بشكل كبير الآن على مئات الآلاف من أفراد القوات التي استدعتها في أول تعبئة لها منذ الحرب العالمية الثانية.
وتقول كييف والغرب إن روسيا بدأت في إرسال قواتها ومرتزقيها إلى شرق أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة، على أمل أن تتمكن من تحقيق مكاسب جديدة في وقت قريب من الذكرى الأولى لعمليتها الشاملة التي تحل في وقت لاحق هذا الشهر.
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية تفاخر روسيا بأول مكاسبها منذ نصف عام، لكن التقدم لا يزال بطيئًا، إذ لم تتمكن موسكو بعد من السيطرة على مركز سكاني رئيسي واحد في حملتها الشتوية على الرغم من مقتل الآلاف.
ويتركز القتال منذ شهور حول باخموت التي تسيطر عليها أوكرانيا في إقليم دونيتسك شرق البلاد، وهي مدينة كان عدد سكانها قبل الحرب نحو 75 ألف نسمة. وأحرزت روسيا تقدمًا واضحًا نحو تطويقها من الشمال والجنوب، لكن كييف تقول إن حاميتها صامدة.
وشنت موسكو أيضا هجومًا على فاهليدار جنوب مدينة دونيتسك، وهي معقل يسيطر عليه الأوكرانيون على أرض مرتفعة عند التقاطع الاستراتيجي بين خطوط الجبهة الشرقية والجنوبية.
انتظار الدعم الغربي
ومنذ بداية العام الجديد، تعهدت دول غربية بإرسال مئات الدبابات والمركبات المدرعة إلى أوكرانيا لدعم أسلحتها وقدرتها على إحراز تقدم لاختراق خطوط القوات الروسية واستعادة الأراضي الأوكرانية، في وقت لاحق هذا العام.
ومن المتوقع أن تتضمن حزمة أسلحة أمريكية جديدة صواريخ بعيدة المدى ستمنح أوكرانيا القدرة على ضرب خطوط الإمداد الروسية في جميع الأراضي التي تحتلها في بر أوكرانيا الرئيسي وأنحاء من شبه جزيرة القرم.
لكن الأمر سيستغرق شهورًا قبل وصول تلك الأسلحة، وفي غضون ذلك تواجه أوكرانيا قواتًا روسية جرى تجديد دمائها ودعمها باستدعاء موسكو لجنود الاحتياط. وتقول موسكو إن إمدادات الأسلحة الغربية لن تؤدي سوى لتوسيع الصراع وإطالة أمده.
إطالة أمد الحرب
وقال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، اليوم الثلاثاء، في مؤتمر عبر الهاتف مع مسؤولين عسكريين: "الولايات المتحدة وحلفاؤها يحاولون إطالة أمد الصراع لأكبر فترة ممكنة".
وأضاف "ليفعلوا ذلك، بدأوا في توفير أسلحة هجومية ثقيلة وحث أوكرانيا علانية على الاستيلاء على أراضينا. في الواقع، مثل هذه الخطوات تجر دول حلف شمال الأطلسي إلى الصراع ويمكن أن تؤدي إلى مستوى لا يمكن التنبؤ به من التصعيد".
ويبدو أن تلميحه إلى "أراضينا" يشير إلى أربع مناطق في شرق أوكرانيا وجنوبها، هي دونيتسك ولوجانسك وزابوريجيا وخيرسون، التي تقول روسيا إنها ضمتها بعد استفتاءات أجرتها في سبتمبر الماضي وأدانتها كييف وحلفاؤها الغربيون ووصفوها بأنها غير شرعية، وكذلك شبه جزيرة القرم التي استولت عليها من أوكرانيا عام 2014.
افتقار إلى الذخيرة
وفي إفادتها المخابراتية اليومية، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن الجيش الروسي يحاول منذ أوائل يناير استئناف العمليات الهجومية الرئيسية للسيطرة على الأجزاء التي تسيطر عليها أوكرانيا في منطقة دونيتسك، لكنه لم يحرز حتى الآن سوى قليل من التقدم ميدانيًا.
وأضافت أن الروس "يفتقرون إلى الذخيرة ووحدات المناورة اللازمة لهجوم ناجح".
وقالت الوزارة: "سيستمر القادة الروس على الأرجح في المطالبة بإحراز تقدم كاسح. ولا يزال من غير المرجح أن تتمكن روسيا من حشد القوات اللازمة لتحقيق أثر كبير في نتيجة الحرب في غضون الأسابيع المقبلة".
هجوم أكبر خلال الأسابيع المقبلة
ويقول مسؤولون أوكرانيون إن موسكو ربما تحشد الأسلحة وجنود الاحتياط إلى أن تبدأ في شن هجوم أكبر خلال الأسابيع المقبلة. وتوقع حاكم منطقة لوجانسك الأوكراني هجومًا روسيًا كبيرًا هناك يمكن أن يبدأ في منتصف الشهر الجاري تقريبًا.
في غضون ذلك، شهدت الأسابيع القليلة الماضية عملية تطهير لمسؤولين أوكرانيين في حملة لمكافحة الفساد، وهي أول هزة كبيرة للقيادة الأوكرانية منذ بدء الحرب.
وفي خطابه مساء أمس الاثنين، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن التغييرات في الأفراد على الحدود وخط المواجهة ستعزز جهود أوكرانيا العسكرية.
لكنه لم يشر إلى مصير وزير دفاعه أوليكسي ريزنيكوف. وكان زعيم فصيل برلماني من حزب زيلينسكي قال يوم الأحد الماضي إنه سيتم تعيين وزير جديد خلفًا لريزنيكوف، لكنه قال أمس إنه لن يتم إجراء أي تغييرات هذا الأسبوع.