يعد عامل الوقت هو أصعب جزء بالنسبة لبعض المسؤولين الروس والمدونين العسكريين الذين يشعرون "بقلق واسع النطاق" من هجوم أوكرانيا المضاد الوشيك، بحسب ما أفادت تقييمات عسكرية أجراها معهد دراسة الحرب الأمريكي، وسط فرضيات تشير إلى انتظار قوات كييف طقسًا أكثر دفئًا لتصلب الأرض، لإجراء هجوم مضاد، إذ إنها عازمة على إفساد احتفالات مايو بالأمجاد العسكرية الروسية الماضية.
وبحسب صحيفة "نيوزويك" الأمريكية، قال فرانك ماكنزي، الجنرال المتقاعد في مشاة البحرية الأمريكية، القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية، والمدير التنفيذي لمعهد الأمن القومي والقومي بجامعة جنوب فلوريدا: "ستكون الأيام الثلاثين إلى الستين المقبلة من الحرب حاسمة بشكل كبير".
وأضاف "ماكنزي": "استوعبت أوكرانيا إلى حد كبير الهجوم الروسي ونجحت في مقاومته حتى الربيع، الطقس يتحسن نحو الأفضل، وأوكرانيا تضيف قدرات جديدة لقواتها، لديهم فرصة، لكن المخاطر لا تزال عالية".
وعلى الجانب الأخر، أشار رئيس مجموعة فاجنر العسكرية، يفجيني بريجوجين، على قناته على تطبيق تيليجرام، إلى أن أوكرانيا كانت ترسل وحدات معدة جيدًا إلى مدينة باخموت في دونيتسك، التي قاتلت بضراوة منذ شهور، وتوقع أنه عندما يصبح الجو أكثر دفئًا، ستتحرك القوات الأوكرانية.
وأفاد نيك رينولدز، الباحث في معهد رويال يونايتد للخدمات، وهو مركز أبحاث بلندن "أن الأيام قد تبدو مهمة للغاية".
وقال لمجلة "نيوزويك": "الطقس الأفضل يفضي بشكل أكبر إلى الحركة على الأرض، وبالتالي فإن طبيعة العمليات ستتغير، هذا مهم بشكل خاص في دونباس، حيث تؤدي رداءة شبكة الطرق والنقل إلى زيادة تحديات سوء الأحوال الجوية والطين للقوات العسكرية."
مواصلة الدعم الغربي
في اجتماع لحلفاء كييف الأسبوع الماضي في رامشتاين بألمانيا، كانت هناك تعهدات أخرى بتقديم دعم عسكري لأوكرانيا، إذ إنه على مدار الأسابيع القليلة الماضية، وصلت المركبات بما في ذلك دبابات ليوبارد 2 وتشالنجر من ألمانيا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى مركبات قتال المشاة الأمريكية سترايكر.
قال "رينولدز": "ستحصل قوات كييف على بعض المعدات الجديدة، ولكن كما أبرزت التسريبات الأخيرة، لا تزال هناك أوجه قصور خطيرة لم يتمكن الشركاء الدوليون لأوكرانيا من تصحيحها أو غير راغبين في تصحيحها، لا سيما في مجال الدفاع الجوي".
وكشفت وثائق البنتاجون التي سُربت في وقت سابق في أبريل مخاوف بين المسؤولين الأمريكيين من إضعاف شبكة الدفاع الجوي الأوكرانية، بسبب قصف الطائرات الروسية بدون طيار والصواريخ، وعبرت عن الحاجة إلى نقل كميات ضخمة من الذخائر.
أطلقت أوكرانيا هجمات مضادة ناجحة في عام 2022 في نهاية معركة كييف، حول تشيرنيهيف وسومي، نحو إيزيوم وفي خيرسون، ويُبذل الكثير بشأن الخطوة التالية من هذا القبيل والتي من المتوقع أن تستعيد أوكرانيا فيها أراضيها، وتثبت قدرتها على استخدام المساعدة العسكرية الغربية بنجاح، وإظهار أن الحرب ليست طريقًا مسدودًا.
من جهته، قال بوشان دوت، أستاذ الاقتصاد في المعهد الأوربي لإدارة الأعمال "انسياد": "لا يمكن أن تكون المخاطر أكبر، إذ يحتاج الأوكرانيون إلى انتصار كبير لإقناع حلفائهم بمواصلة دعمهم".
وأضاف "دوت": "قد يتحرك العالم قريبًا أو يفقد صبره، لذا فإن الوقت هو أكبر عدو لأوكرانيا، في المقابل، روسيا واثقة من أنها يمكن أن تنتظر انتهاء ذلك".
قال رئيس المخابرات الأوكرانية، كيريلو بودانوف، هذا الأسبوع، إن روسيا تحولت إلى مواقع دفاعية في جميع مناطق القتال باستثناء باخموت، حيث كانت هناك خسائر فادحة لقوات موسكو وخسائر كبيرة لأوكرانيا أيضًا.
تعزيز أعداد القوات
تسببت الجهود المبذولة لتجنيد ما يصل إلى 400 ألف جندي إضافي في إثارة قلق المسؤولين الحكوميين بشأن النقص الحاد في العمالة بروسيا، وفقًا لوثائق استخبارات أمريكية سرية حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست".
هذا الأسبوع، أظهر مسح أجراه البنك المركزي الروسي على 14000 شركة أن هناك نقصًا في العمال، في عدة قطاعات، مع أكبر عجز في التصنيع والنقل.
قالت أولجا بيتشكوفا، الخبيرة الاقتصادية في وكالة موديز، لمجلة "نيوزويك": "لقد تأثر الطلب على العمالة إلى حد كبير بالزيادة في طلب الدفاع عن الدولة".
ووفقًا للصحيفة، فإن دفع بوتين لتجنيد المزيد من القوات سيواجه خطر المزيد من زعزعة استقرار الاقتصاد الروسي تحت ضغط العقوبات، ويخاطر بإبعاد الجمهور الروسي.
ومع ذلك، قال "رينولدز" إنه حتى لو كان الشهر المقبل حاسمًا، "فإن نتيجة الحرب لم تُحسم قريبًا ولن تكون لأشهر أو حتى سنوات".
ويعتقد أن حالة عدم اليقين بشأن استمرار الدعم الدولي لأوكرانيا قد أضر بالتخطيط العملياتي السليم و"أوجد ضرورة سياسية لاتخاذ مخاطر عسكرية غير حكيمة"، على الرغم من وجود خطط دعم عسكري طويلة المدى في الأشهر الأخيرة.
وقال: "إذا كان الشركاء الدوليون جادين في رغبتهم في فوز أوكرانيا، فعليهم أن ينظروا إلى ما وراء الهجوم المضاد".
هذا الأسبوع، قالت حنا ماليار، نائبة وزير الدفاع الأوكراني، إن القوات المسلحة لبلدها تقوم بالفعل بـ"إجراءات" مختلفة وأنه لا ينبغي على الناس توقع إعلان رسمي عن هجوم مضاد، في إشارة إلى طبيعتها المعقدة.