الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ميزانية فرنسا 2026.. ليكورنو محاصر بين القانون المؤقت والتمرير الأحادي

  • مشاركة :
post-title
رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تدخل الحكومة الفرنسية مرحلة حرجة لم يتبق فيها سوى ساعات قليلة لحسم مصير ميزانية 2026، في ظل فشل البرلمانيين في التوصل لاتفاق، وبحسب صحيفة لوموند الفرنسية، يواجه رئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو، معضلة سياسية معقدة تضعه أمام خيارين لا ثالث لهما، وهما إما إصدار قانون خاص مؤقت، وإما استخدام المادة الدستورية 49.3 لتمرير الميزانية بشكل أحادي دون تصويت.

48 ساعة حاسمة

أقل من 48 ساعة تفصل البرلمان الفرنسي عن الموعد النهائي للبت في مشروع قانون المالية، بعد فشل اللجنة المشتركة في التوفيق بين نسختي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.

وكشفت مصادر مطلعة لصحيفة لوموند، عن أن مجلس وزراء طارئاً سينعقد، مساء اليوم الاثنين، فور عودة الرئيس إيمانويل ماكرون من زيارته السنوية للقوات المنتشرة في أبو ظبي، على أن تبدأ المناقشات البرلمانية فورًا للتصويت في الجمعية الوطنية ثم مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء.

ورسميًا، يرفض ليكورنو استخدام المادة 49.3، ويستعد لتقديم قانون خاص يمنح الحكومة صلاحية الإنفاق مؤقتًا وفق ميزانية 2025، لحين إقرار ميزانية جديدة؛ وذلك لتفادي الشلل المالي الكامل للدولة.

سابقة محفوفة بالمخاطر

يستحضر السياسيون الفرنسيون تجربة العام الماضي حين لجأت الحكومة للقانون الخاص بعد سقوط حكومة ميشيل بارنييه، وتمت الموافقة عليه بإجماع سياسي نادر لضمان استقرار البلاد.

لكن تكرار هذا السيناريو حاليًا يبدو أكثر تعقيدًا ومحفوفًا بالمخاطر، خاصة بعد ثلاثة أشهر مضنية من المفاوضات لإقرار ميزانية الضمان الاجتماعي.

ويحذِّر ليكورنو، من أن تجميد الميزانية سيضرب قطاع الدفاع بشدة، ويهدد مصداقية فرنسا أمام الأسواق المالية والشركاء الأوروبيين.

وتزداد الصورة قتامة مع اقتراب الانتخابات البلدية في مارس 2026، ما يجعل التوصل لتسوية في يناير شبه مستحيل بعد فشلها في ديسمبر، فضلًا عن أزمة مرض العقيدات الجلدية للأبقار التي تهز الحكومة، وإرهاق الرأي العام من مسلسل الميزانية المعقد.

ويعلق مسؤول من حزب الرئيس ماكرون بالقول إن القانون الخاص سيجعلنا "ندور في حلقة مفرغة".

ضغوط الائتلاف الحاكم

يتعرض رئيس الوزراء لضغوط شديدة من الائتلاف الرئاسي الداعم للحكومة لاستخدام المادة 49.3.

وقال مارك فيسنو، من حزب موديم، لإذاعة RMC، يوم السبت، إنه لا يرى بديلًا عن تحمل الحكومة للمسؤولية.

أما برونو روتايو، رئيس حزب الجمهوريين ووزير الداخلية، فطالب، في حديث لصحيفة أوست فرانس، بالتراجع الفوري واستخدام المادة 49.3 لمنح فرنسا ميزانية مسؤولة بضرائب ونفقات أقل.

كما أيَّده جان فرانسوا هوسون، مقرر الميزانية في مجلس الشيوخ، محذِّرًا من أن القانون الخاص سيمثل "إضعافًا شاملًا للسلطة".

ويصر جيرار لارشيه، رئيس مجلس الشيوخ، على تفضيل المادة 49.3 منذ أوائل ديسمبر.

وشدد الأستاذ الجامعي جان فرانسوا ديروزييه، المختص في القانون الدستوري بجامعة ليل، على استحالة إقرار الميزانية دون المادة 49.3 في أي توقيت؛ لأن النواب الاشتراكيين يرفضون التصويت الإيجابي بخلاف موقفهم من ميزانية الضمان الاجتماعي.

مفاوضات مصيرية مع الاشتراكيين

بدأ ليكورنو، مساء الأحد، دورة جديدة من المشاورات باستقبال رؤساء الكتل البرلمانية في الجمعية الوطنية بول كريستوف من هوريزونز، وجابرييل أتال من حركة النهضة، إضافة لاتصالات هاتفية مع فيسنو وكريستوف نايجيلن.

وينتظر أن يستقبل قادة أحزاب اليمين واليسار يوم الاثنين، مؤكِّدًا أنه سيستشير المسؤولين السياسيين لإيجاد حل يحمي الفرنسيين.

ويطالب فيليب جوفان، المقرر العام للميزانية بالجمعية الوطنية، بتحرير ليكورنو من وعده بعدم استخدام المادة 49.3، مؤكِّدًا في حديثة لصحيفة لو باريزيان أن رئيس الوزراء وصل لنهاية الطريق.

وفي موقف يحمل مفارقة سياسية، أيَّد الرئيس الأسبق فرانسوا هولاند قبل أسبوعين استخدام المادة 49.3، مجاهرًا بما يقوله نواب من الحزب الاشتراكي سرًا لرئيس الحكومة.

لكن أوليفييه فور، الأمين الأول للحزب الاشتراكي، حذَّر في تصريحات لصحيفة ليبراسيون من أن استخدام المادة دون تفاهم مسبق سيعرِّض الحكومة للإسقاط عبر حجب الثقة.

ويبدو أن النجاة الوحيدة أمام ليكورنو تكمن في التفاوض على اتفاق عدم إسقاط مع الحزب الاشتراكي، يمكّنه من تمرير الميزانية قبل نهاية العام كما وعد.

ويحذِّر جان جاك أورفواس، وزير العدل السابق، من أن عناد ليكورنو في رفض المادة 49.3 أصبح مُضِرًّا، مضيفًا أن الطرفين كان بإمكانهما الفوز معًا، لكنهما يخاطران بالخسارة معًا.