الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين.. السينما تفضح جرائم الاحتلال وترصد حكايات الألم والأمل

  • مشاركة :
post-title
بوستر فيلم "صوت هند رجب"

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

تلعب السينما دورًا مهمًا في نقل تجربة الفلسطينيين بكل ما فيها من ألم وأمل، من خلال أفلام روائية ووثائقية، تستطيع رؤية حياتهم اليومية تحت الاحتلال وصمودهم وتحديهم للظروف الصعبة، كما تقدم هذه الأفلام قصصًا إنسانية تضع الشخص الفلسطيني في قلب الحكاية، وتوثق ذكرياتهم، مقاومة لكل محاولات الطمس.

وخلال السنوات الأخيرة، شهدت الساحة السينمائية ظهور مجموعة من الأعمال المؤثرة التي نجحت في إعادة تسليط الضوء على الحكاية الفلسطينية من زوايا إنسانية وفنية عميقة.

وفي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني نستعرض أبرز هذه الأعمال ودورها في تشكيل خطاب سينمائي فلسطيني أكثر قوة ووضوحًا.

كان يا ما كان في غزة

عمل روائي جريء من إخراج الأخوين ناصر، يأخذنا إلى غزة عام 2007، حيث تتقاطع مصائر شخصيتين من عالمين مختلفين تمامًا: يحيى، الطالب الحالم، وأسامة، تاجر المخدرات صاحب القلب الطيب، واللذين تنشأ بينهما صداقة غير متوقعة تقودهما إلى مغامرة تبدأ داخل مطعم فلافل يتحوّل إلى مركز لبيع المخدرات، قبل أن تشتد الضغوط عليهما إثر صدام خطير مع شرطي فاسد ومتغطرس، لتتشابك الأحداث في سرد يعري هشاشة العلاقات وينبش في قسوة الحياة اليومية داخل مجتمع أثقلته الانقسامات والأزمات.

يشير المخرج الفلسطيني طرزان ناصر إلى أن فكرة فيلم "كان يا ما كان في غزة" وُلدت عام 2015 وتطورت على مدى سنوات حتى وصلت إلى صيغة ناضجة عام 2023، حيث اكتمل السيناريو في 6 أكتوبر، قبل أن تتغير الحياة في اليوم التالي ويصدم الفريق بما جرى، فيتوقف العمل لأشهر نتيجة شعور بالعجز وانطفاء الأمل بقدرة الفن على مواجهة ما يحدث. 

ويقول لموقع "القاهرة الإخبارية ": "عند العودة إلى السيناريو، اكتشفنا أننا لم نحتج إلى تغيير شيء، وكأن الفيلم كُتب لما نعيشه اليوم، أو كأنه كان يتنبأ بالأسئلة التي سيطرحها العالم بعد 7 أكتوبر، حيث غابت محاولة الفهم وحضر الاتهام.. الفيلم لا يقدم إجابات، بل يسعى إلى فهم ما وراء الحدث".

ويشير إلى أن ما يميز أعمالهما دائمًا هو وضع الإنسان في قلب الحكاية، بعيدًا عن الشعارات والطرح المباشر، والتركيز على تفاصيل الحياة اليومية وشفافيتها، إذ تفرض السياسة نفسها تلقائيا في حياة الفلسطيني ولهذا اختاروا تقديم الواقع كما هو وترك الصورة تتكلم.

بوستر فيلم "كان ياما كان في غزة"
صوت هند رجب

فيلم وثائقي إنساني يوثق قصة الطفلة هند رجب التي هزَّت شهادتها العالم، والتي تُركت ساعات طويلة وسط القصف بينما كانت تتواصل مع الإسعاف قبل أن تُقتل مع عائلتها، ويقدم الفيلم سردًا صوتيًا بصريًا للقصة، مع شهادات لمن تابعوا الحدث وشاركوا في توثيقه.

تشير وسام حمادة، والدة الطفلة الفلسطينية الشهيدة هند رجب، إلى أنها شعرت بالألم والمواساة في نفس الوقت عندما علمت بنية تحويل قصة ابنتها إلى فيلم سينمائي، معتبرة ذلك عزاء رمزيًا، إذ سيظل صوت هند حاضرًا رغم صمته الأبدي، يخترق الزمان والمكان، ويصل إلى العالم كله، ليصبح ذكرى خالدة في ذاكرة الإنسانية.

وتقول لموقع "القاهرة الإخبارية": "هذا الفيلم أكثر من مجرد عمل سينمائي، إذ شعرت بأن المخرجة التونسية كوثر بن هنية تحتضن الوجع وتحمله معي.. ورغم أهمية الفيلم، لم أستطع حضور عرضه خوفًا من إعادة سماع صوت هند وهي تستغيث، ما كان يفوق قدرتي على التحمل".

من المسافة صفر

مشروع سينمائي يتضمن 22 فيلمًا قصيرًا تُوثق الحياة اليومية في غزة تحت الركام، يقدم العمل شهادات متنوعة لفلسطينيين عاديين وصانعي أفلام وناجين يوثقون لحظات واقعية، من البحث عن الماء، إلى النجاة من القصف، إلى خسارة الأحبة، ويعتبر من أكثر الأعمال تأثيرًا في السنوات الأخيرة.

وحول هذه التجربة يقول المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: "عادةً أذهب لتصوير فيلم وثائقي روائي عن الأحداث، سواء كان طويلًا أو قصيرًا، وأعرضه في مهرجانات دولية، لكن هذه المرة قررت أن أمنح الشباب والفتيات في غزة فرصة التعبير عن تجاربهم مباشرة من المسافة صفر، ليحكوا قصصهم الحقيقية عن الحرب".

ويضيف: "لم يكن الأمر سهلاً على المخرجين الشباب تصوير أعمالهم تحت القصف، لكن حرصنا أن تكون الأفلام موثقة على مستوى فني وتقني عالٍ ليتم عرضها في أهم المهرجانات الدولية.. في مشروعي شارك 22 مخرجًا، وبدأنا بفكرة لتوثيق الواقع الفلسطيني من غزة مباشرة".

وتابع: "في نوفمبر 2023 أعلنت في مهرجان الجونة السينمائي إطلاق مؤسسة مشهراوي لدعم السينما والفنانين بغزة.. بعدها جاءت فكرة (من المسافة صفر)، وعملنا عليها لمدة 8 أشهر بين التصوير والمونتاج".

لقطة من تصوير "المسافة صفر"
فيلم فلسطين 36

دراما تاريخية من تأليف وإخراج آن ماري جاسر، ويضم طاقمًا عالميًا يضم: جيريمي آيرونز، وهيام عباس، وكامل الباشا، وياسمين المصري، وجلال الطويل، وروبرت أرامايو، وصالح بكري، ويافا بكري، وكريم داود عناية، وبيلي هاول، وظافر العابدين، وويليام كننشهام. 

ورشحته وزارة الثقافة الفلسطينية لتمثيل فلسطين رسميًا في فئة الفيلم الدولي الطويل ضمن جوائز الأوسكار في دورتها الثامنة والتسعين لعام 2026.

يقدم الفيلم سردًا عميقا لجذور المأساة الفلسطينية، موثقًا الدور الذي لعبته القوى الاستعمارية، وعلى رأسها بريطانيا، في صياغة واقع جيوسياسي خانق للفلسطينيين.

ويستعرض العمل مرحلة تاريخية مفصلية، تداخلت فيها قسوة الاستعمار مع المقاومة الوطنية وما صاحبها من تبعات إنسانية قاسية، إذ أسهم الدعم البريطاني للمليشيات الصهيونية وقمع ثورة 1936-1939 في تمهيد الطريق لاستمرار النكبة.

ضايل عنا عرض

فيلم وثائقي من إخراج مي سعد، وبمشاركة الفلسطيني أحمد الدنف، يتتبع رحلة سيرك غزة الحر الذي أسسه مجموعة من الشباب الفلسطينيين الرافضين لليأس رغم الإبادة الجماعية في القطاع. 

بين الملاجئ والشوارع المهدمة، يواصل أعضاء السيرك تقديم عروضهم للأطفال، مانحين إياهم لحظات من الفرح والضحك وسط أصعب الظروف.

لقطة من فيلم "فلسطين 36"
لا أرض أخرى

الفيلم من إخراج رباعي يضم الثنائي الفلسطيني باسل عدرا وحمدان بلال، والثنائي الإسرائيلي يوفال أبراهام وراحيل تسور، المعروفين بنشاطاتهم الداعمة للقضية الفلسطينية.

يعد العمل بمثابة مقاوم يوثق معاناة الفلسطينيين في مواجهة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، مركزًا على التهجير القسري في منطقة مسافر يطا بالضفة الغربية.

ويستعرض الفيلم ممارسات الهدم والتهجير التي نفذتها سلطات الاحتلال منذ 2019 وحتى 2023، ويكشف بأسلوب وثائقي تأثير هذه الاعتداءات على حياة السكان اليومية، مسلطًا الضوء على حجم المعاناة الإنسانية الناجمة عنها.

لقطة من فيلم "حبيبي حسين"
حبيبي حسين

رحلة سينمائية وثائقية تمزج بين الإنسان والمكان للمخرج الفلسطيني أليكس بكري، تروي قصة الصمود والإبداع في قلب مدينة جنين. من خلال شخصية حسين درابي، آخر مشغّل سينما في المدينة.

يقدم الفيلم شهادته الفريدة على تاريخ المكان وحياة الناس اليومية، متتبعًا خطواته في إعادة إحياء قاعة السينما بعد سنوات من الإغلاق.

على مدى 17 عامًا من التصوير والعمل المتواصل، نجح بكري في تحويل مشروع وثائقي إلى أرشيف حي للذاكرة الفلسطينية، حيث يلتقي الفن بالواقع، وتصبح السينما نفسها رمزًا للمقاومة، للهوية، وللتمسك بالأمل رغم كل التحديات.

دخلت المنتجة والمخرجة الفلسطينية مي عودة إلى مشروع الفيلم بعد سنوات طويلة من تصوير أليكس بكري، مؤكدة أن "حبيبي حسين" يتجاوز كونه مجرد توثيق لسينما جنين أو لشخصية حسين درابي، ليصبح رمزًا لكل الفلسطينيين الذين يكافحون للحفاظ على إرثهم الثقافي رغم الاحتلال والمعوقات اليومية.

وتضيف مي عودة لموقع "القاهرة الإخبارية": "هذا الفيلم لكل فلسطيني يواجه صعوبات لكنه يظل صامدًا، مثابرًا، يسعى للحياة، ويحول الألم إلى أمل.. جائزة فوزنا في مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام أهديتها لكل فلسطيني يحيي الحياة، ولكل صانع سينما يقاوم ليصنع أعماله، يثبت روايته، وينقل الحكاية الفلسطينية.. فيلم "حبيبي حسين" هو أفضل مثال على ذلك: مثال للسينما الفلسطينية، للفلسطيني المثابر، لمقاومة الاحتلال، ليس فقط بالأداء، بل بالثقافة والصمود، واستمرار سرد قصتنا".