الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

انتخابات نيويورك.. معركة بين "اشتراكي ديمقراطي" وحاكم سابق ومذيع راديو

  • مشاركة :
post-title
المرشح الديمقراطي زهران ممداني والحاكم السابق أندرو كومو

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يتوجّه ناخبو نيويورك، اليوم الثلاثاء، إلى صناديق الاقتراع لاختيار عمدة المدينة الجديد، في سباقٍ انتخابيٍّ وصفته شبكة "سي إن إن" بأنّه مليءٌ بالمفاجآت والتحوّلات.

ويتنافس على المنصب المرشّح الديمقراطي زهران ممداني البالغ من العمر 34 عامًا، والحاكم السابق أندرو كومو الذي يترشّح كمستقل، وشغل منصب الحاكم السادس والخمسين من 1 يناير 2011 حتى استقالته في 23 أغسطس 2021، بالإضافة إلى الجمهوري كيرتس سليوا.

يدخل أندرو كومو السباق الانتخابي بوصفه المرشّح الأقرب للفوز، رغم اتهامات التحرّش الجنسي التي أدّت إلى استقالته من منصب الحاكم عام 2021، إلّا أن اعتماده على شهرته ودعم المانحين بدلًا من بناء قاعدةٍ جماهيريةٍ قوية، أدّى إلى خسارته المفاجئة أمام ممداني في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في يونيو الماضي، ما جعله يترشّح كمستقل، بحسب ما أوردته "سي إن إن".

وأشارت "سي إن إن" إلى أن "التوسّع التاريخي في قاعدة الناخبين الذي حقّقه ممداني، واستغلاله للرغبة في التحوّل اليساري وظهور صوتٍ جديد، تحدّى تقريبًا كل استطلاعات الرأي وتوقّعات الخبراء"، وأوضحت أن القائمين على حملة كومو اعترفوا، على الأقل بشكلٍ خاص، بحجم الأخطاء التي ارتكبوها.

ترامب يهدّد ممداني 

في مقابلةٍ عبر قناة "فوكس نيوز"، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في يونيو الماضي، أن فوز ممداني، مرشّح الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك، سيكون "أمرًا لا يمكن تصوّره".

وقال ترامب: "لنفترض أنه فاز، فسأكون أنا الرئيس، وعليه أن يفعل الصواب، وإلّا فلن يحصلوا على أيّ أموال"، وأضاف: "إذا لم يتصرّف بشكلٍ لائق، فلن يحصلوا على التمويل الفيدرالي".

وتعتمد نيويورك على أكثر من 100 مليار دولار من التمويل الفيدرالي الذي يتدفّق من خلال برامج وكيانات مختلفة، ما يجعل تهديد ترامب ذا تبعاتٍ ماليةٍ خطيرة.

وفي خطوةٍ لافتةٍ عشية الانتخابات، يوم الاثنين، أعلن ترامب تأييده الصريح لأندرو كومو عبر منصّة "تروث سوشال"، وقال: "التصويت لكيرتس سليوا هو تصويتٌ لممداني"، مضيفًا: "سواء أعجبكم كومو شخصيًا أم لا، ليس لديكم خيارٌ آخر. يجب أن تصوّتوا له وتأملوا أن يقوم بعملٍ رائع. إنّه قادرٌ على ذلك، أمّا ممداني فلا".

وكرّر ترامب في تدوينته وصف ممداني بـ"الشيوعي"، محذّرًا من أن نيويورك ستصبح "كارثةً اقتصاديةً واجتماعيةً كاملةً وشاملة" في حال فوزه، وهدّد بخفض التمويل الفيدرالي للمدينة إلى "الحدّ الأدنى".

موجة اشتراكية 

منح فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية دفعةً قويةً للاشتراكيين الديمقراطيين في نيويورك، الذين بدأوا يفكّرون في تحدّياتٍ انتخابيةٍ ضدّ خمسة نوّابٍ ديمقراطيين في الكونجرس خلال انتخابات التجديد النصفي، من بينهم زعيم الأقلية حكيم جيفريز، كما ذكرت "سي إن إن".

وسعى ممداني إلى توسيع تحالفه الانتخابي من خلال التراجع عن خطابه السابق المناهض للشرطة، ومدّ جسور التواصل مع رجال الأمن، إذ التقى المرشّح الشاب بضبّاط شرطةٍ خارج أوقات العمل، وعقد اجتماعاتٍ حول المقترحات الواردة في أجندته الأمنية، التي تهدف إلى إصلاح الطريقة التي تتعامل بها المدينة مع سكّانها الأكثر ضعفًا، وعلى رأسها الأقليات، وفق ما نقلته "سي إن إن".

كيرتس سليوا
الجمهوري صاحب القطط الكثيرة

غاب الجمهوريون عن كرسي العمدة في نيويورك منذ انتهاء ولاية مايكل بلومبرج عام 2013، ويبدو أن فرصهم في العودة ضئيلة هذا العام، إذ إن الحزب نفسه لم يقف بقوةٍ خلف مرشّحه كيرتس سليوا، المذيع الإذاعي ومؤسّس حركة "الملائكة الحُرّاس" الأهلية لمكافحة الجريمة.

يتميّز سليوا بشخصيةٍ غير تقليدية، فهو معروفٌ بعشقه لتربية عشرات القطط في منزله، ويخوض حملته الانتخابية بطريقةٍ شعبية، حيث يقضي ساعاتٍ طويلة في مترو الأنفاق للقاء الناخبين وجهًا لوجه.

يراهن سليوا على أن علاقته العميقة بالمدينة ستفتح له أبواب ناخبين لا يميلون عادةً للجمهوريين، معتمدًا على برنامجٍ متشدّدٍ في مواجهة الجريمة.

وفي حديثه مع "سي إن إن"، قال سليوا إن المواطنين حين يلتقونه لا ينظرون إليه كجمهوري أو سياسي تقليدي، بل "يرونه واحدًا منهم، وهذا نادر الحدوث"، حسب تعبيره.

رغم ذلك، تصاعدت الضغوط عليه للانسحاب من السباق وإفساح المجال أمام كومو لتوحيد جبهة المعارضين لممداني، لكنه أصرّ على المواصلة حتى النهاية.

قضايا خلافية

تشير "سي إن إن" إلى أن المعركة الانتخابية لم تقتصر على البرامج والسياسات، بل امتدّت لتشمل قضايا اجتماعية حسّاسة أثارت انقسامًا حادًّا بين المرشّحين، إذ برزت منطقة في حيّ كوينز كنموذجٍ لهذا الخلاف، حيث تحوّل شارع روزفلت — وهو شارعٌ متعدّد الجنسيات يشهد انتشارًا لظاهرة الدعارة — إلى رمزٍ للصراع حول مفهوم الأمن وجودة الحياة.

شنّ خصوم ممداني هجومًا عليه بسبب موقفه من هذا الملف، فهو يدعو إلى وقف ملاحقة النساء العاملات في الدعارة قضائيًّا، وهو ما اعتبره منافسوه دليلًا على تساهله مع الجريمة واستهتاره بأمن المواطنين.

واستغلّ كومو هذه الورقة بذكاءٍ لاستمالة أصوات الجاليات الآسيوية والمسلمة المحافظة التي تقطن المنطقة وترفض مثل هذه الممارسات.

من جانبه، حاول ممداني تفنيد هذه الاتهامات في المناظرات، مؤكّدًا أن موقفه لا يعني تشريع الدعارة أو السماح بها رسميًّا، وإنّما يقصد عدم زجّ النساء المُجبرات على هذا الطريق في السجون.

وتابع في دفاعه عن هذا الأمر: "الأولى أن نعالج الأسباب الاجتماعية التي تدفع النساء المعوزات إلى هذا المصير، بدلًا من رميهنّ خلف القضبان كمجرمات".

القضية الفلسطينية حاضرة

أصبحت الانتخابات قضيةً مشحونةً عاطفيًّا بالنسبة للعديد من سكان نيويورك اليهود، كما أفادت "سي إن إن"، إذ عبّر ناخبون عن تردّدهم في دعم ممداني بسبب نشاطه المؤيّد للقضية الفلسطينية وانتقاداته لحكومة إسرائيل.

ويتعزّز هذا الموقف من خلال زوجته راما دوجي، الفنانة البالغة من العمر 28 عامًا، التي تتركّز أعمالها الفنية على النساء في الشرق الأوسط ومعاناة الفلسطينيين في غزة، كما حظي ممداني بدعم العديد من المشاهير المعروفين بمواقفهم المؤيّدة للقضية الفلسطينية.

وحاول ممداني التواصل مع اليهود في نيويورك للتخفيف من مخاوفهم، لكن استطلاعات الرأي الأخيرة قبل الانتخابات أظهرت حصول كومو على نحو 55% من أصواتهم.

حرب المشاهير

رصدت نيويورك تايمز انقسام المشاهير في دعمهم للمرشّحين عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، إذ أيّد ممداني نجومٌ مثل لوبيتا نيونجو ومارك روفالو وسبايك لي، بينما حظي كومو بدعم إيلون ماسك بمنشورٍ على منصة "إكس" سخر فيه من اسم ممداني، إضافةً إلى دعم إيمي شومر ومارك أنتوني.

أمّا سليوا، مؤسّس مجموعة "الملائكة الحُرّاس" المناهضة للجريمة والمعروف بتربيته للقطط، فلم يحظَ بدعم مشاهير بارزين، لكنه نال تأييد قياداتٍ جمهوريةٍ تاريخية مثل الحاكم السابق جورج باتاكي والعمدة السابق رودولف جولياني.