أعلن مسؤولون أمريكيون التوصل إلى إطار اتفاق تجاري مع الصين يتفادى فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 100% على الواردات الصينية، في تحول دراماتيكي ينهي أسابيع من التصعيد المتبادل بين أكبر اقتصادين في العالم، قبل ساعات من القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج.
نقطة تحول حاسمة
تمثل هذه التطورات تهدئة واضحة في الأجواء قبيل اللقاء المباشر الأول بين ترامب وشي في الولاية الثانية للرئيس الأمريكي، والمقرر عقده يوم الخميس المقبل في كوريا الجنوبية كذروة لجولة ترامب الآسيوية التي تستمر خمسة أيام.
ويُنتظر أن تشكّل هذه القمة نقطة تحول حاسمة في الصراع الاقتصادي الذي احتدم خلال الأشهر الماضية وسط تصاعد الحواجز التجارية التي فرضها ترامب على الصين والردود الانتقامية المتبادلة من قِبل الرئيس شي جين بينج.
إطار شامل
كشف وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في مقابلات تلفزيونية مع شبكتي NBC وABC ، أن المفاوضات البنّاءة مع المسؤولين الصينيين أسفرت عن اتفاق متعدد المحاور، إذ وافقت بكين على تأجيل القيود المفروضة على تصدير المعادن الأرضية النادرة لمدة عام تقريبًا، وهي المعادن الحيوية التي تدخل في صناعة معظم الأجهزة الإلكترونية والتي كان من شأن حظرها إلحاق أضرار بالغة بالاقتصاد الأمريكي، وفقًا لما نقلته صحيفة "واشنطن بوست".
وأوضح "بيسنت" أن التهديد الذي أطلقه ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% منحه نفوذًا تفاوضيًا قويًا، مضيفًا: "أعتقد أننا توصلنا إلى إطار عمل كبير سيتجنب ذلك ويسمح لنا بمناقشة العديد من الأمور الأخرى".
وأشار إلى إحراز تقدم ملموس في التوصل لصفقة تخفف الأعباء عن المزارعين الأمريكيين الذين تضرروا بشدة من مقاطعة الصين لفول الصويا الأمريكي.
ملفات تيك توك والفنتانيل
وفي تطور لافت، أعلن "بيسنت" التوصل إلى "صفقة نهائية" بشأن مستقبل تطبيق تيك توك، الذي كان محل جدل واسع بسبب مخاوف الأمن القومي المتعلقة بشركته الأم الصينية "بايت دانس".
وسنّ الكونجرس الأمريكي قانونًا لحظر التطبيق، ووقّعه الرئيس السابق جو بايدن، قبل أن يوقّع ترامب الشهر الماضي صفقة تقضي بنقل ملكية التطبيق إلى مجموعة من المستثمرين الأمريكيين، بينهم بعض حلفائه السياسيين البارزين.
إلى جانب ذلك، اتفق البلدان على تعزيز التعاون لمواجهة أزمة مخدر الفنتانيل، التي أعلن ترامب أنها حالة طوارئ واستخدمها مبررًا لفرض رسوم جمركية على المنتجات الصينية.
تمهيد للقمة الحاسمة
شهدت العاصمة الماليزية كوالالمبور أمس الأحد، مفاوضات مكثفة بين بيسنت والممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير من جهة، وكبير المفاوضين التجاريين الصينيين "لي تشنج قانج" ونائب رئيس الوزراء الصيني "هي ليفنج" من جهة أخرى، بينما كان ترامب في المدينة ذاتها يوقّع اتفاق سلام بين كمبوديا وتايلاند ويجتمع مع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
وبحسب وكالة أنباء شينخوا الصينية الرسمية، توصل المبعوثون إلى "إجماع أساسي" بعد مناقشة مجموعة واسعة من القضايا تشمل الرسوم الجمركية وضوابط التصدير والفنتانيل والتجارة الزراعية، على أن يتم الانتهاء من التفاصيل المتبقية والحصول على الموافقات المحلية في كلا البلدين.
مواقف متفائلة من الطرفين
شدّد نائب رئيس الوزراء الصيني "هي ليفنج" على أهمية العلاقة التجارية بين البلدين، واصفاً نتائج المفاوضات بأنها "جاءت بشق الأنفس وتحتاج إلى دعم مشترك"، معربًا عن أمله في أن "تلتقي واشنطن وبكين في منتصف الطريق وتبنيان الثقة المتبادلة وتديرا الخلافات"، حسبما نقلت وكالة "شينخوا".
في المقابل، وصف كبير المفاوضين الصينيين لي تشنج قانج المحادثات بأنها "مكثفة"، مؤكدًا أنه رغم "الموقف القوي الذي عبر عنه المسؤولون الأمريكيون"، فإن بكين "ملتزمة بحزم بحماية مصالحها"، وفقًا لما أوردته شبكة التلفزيون الصيني الرسمي CCTV.
أما الممثل التجاري الأمريكي جرير، فوصف المحادثات في كوالالمبور بأنها "بنّاءة"، لكنه أكد في حديثه لبرنامج "فوكس نيوز صنداي" أن القرار النهائي بشأن الاتفاق سيعتمد على القادة أنفسهم: "الأمر سيعتمد حقًا على ترامب والرئيس شي جين بينج".