سلّم العشرات من الصحفيين بطاقات الدخول الخاصة بهم وغادروا مبنى البنتاجون، أمس الأربعاء، رافضين الامتثال لقيود جديدة فرضتها الحكومة على عملهم، ما أدى إلى إبعاد الصحفيين الذين يغطون الجيش الأمريكي عن مركز السلطة، ووصفت القيادة الأمريكية القواعد الجديدة بأنها "منطقية" وتهدف إلى تنظيم "صحافة مقلقة للغاية".
وانتظر العديد من الصحفيين حتى الـ4 مساءً، الموعد النهائي الذي حددته وزارة الحرب لمغادرة المبنى. وعندما اقترب الوقت، امتلأت ممرات البنتاجون بصناديق تحوي وثائق، وكان الصحفيون ينقلون الكراسي وآلة تصوير وكتبًا وصورًا قديمة إلى ساحة انتظار السيارات من مكاتبهم التي أصبحت مهجورة فجأة. بعد الساعة الرابعة بقليل، غادر نحو 40 إلى 50 صحفيًا المبنى معًا بعد أن سلّموا بطاقاتهم.
كما قالت الصحفية نانسي يوسف من مجلة أتلانتيك، التي كانت تعمل من مكتب داخل البنتاجون منذ عام 2007: "إنه أمر محزنٍ، لكنني فخورة أيضًا بالصحافة لأننا بقينا متحدين".
وأضاف ترامب للصحفيين في البيت الأبيض، أول أمس الثلاثاء -مؤيدًا سياسة وزير الحرب بيت هيجسيث الجديدة-: "أعتقد أنه يرى أن الصحافة مزعجة للغاية فيما يتعلق بالسلام العالمي، الصحافة غير أمينة".
21 صفحة
قواعد جديدة فرضها البنتاجون بقيادة هيجسيث، للصحفيين ووسائل الإعلام مكونة من 21 صفحة، الأمر الذي تنظر له وسائل الإعلام باعتباره تحولًا كبيرًا في العلاقة بين الجيش الأمريكي والصحافة.
وأوضحت العديد من القنوات التلفزيونية والصحف، التي رفضت التوقيع على القواعد الجديدة إلى تبعات طويلة الأمد على الشفافية والمساءلة وإمكانية وصول الجمهور إلى المعلومات المتعلقة بالدفاع الوطني.
وبحسب وكالة رويترز -إحدى وسائل الإعلام التي رفضت التوقيع- فإن قواعد جديدة من 21 صفحة تحل محل مجموعة سابقة من القواعد كانت بسيطة وتقتصر على صفحة واحدة فقط.
قيود مشددة
وأصبح من الصعب على الصحفيين الوصول إلى الأفراد العسكريين، والمنشآت، والمعلومات، وهناك إجراءات عقابية لمجرد طلب معلومات حساسة قد يؤدي إلى سحب تصاريح الصحافة.
شرط الموافقة: كان يجب على الصحفيين التوقيع على الشروط الجديدة للاحتفاظ بتصاريحهم الخاصة بالبنتاجون.
وغادر العشرات من الصحفيين الذين يغطون وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" مكاتبهم وأعادوا تصاريحهم، أمس الأربعاء، بعد أن دخلت سياسة جديدة لتقييد وصول الصحافة حيّز التنفيذ.
وأمهل البنتاجون وسائل الإعلام، حتى يوم الثلاثاء، لتوقيع السياسة الجديدة، وإلا فسيتم سحب تصاريحهم ومنعهم من دخول أماكن عمل الصحافة داخل الوزارة.
الرافضون
ما لا يقل عن 30 مؤسسة إعلامية، منها وكالة رويترز ونيويورك تايمز وفوكس نيوز -التي عمل بها وزير الدفاع سابقًا قبل تعيينه من قبل ترامب- رفضت التوقيع، هذه المؤسسات اعتبرت السياسة تهديدًا لحرية الصحافة، وقدرتها على جمع الأخبار بشكل مستقل عن الجيش الأقوى في العالم.
رابطة الصحافة في البنتاجون، التي تضم 101 عضو يمثلون 56 وسيلة إعلامية- عارضت هذه القواعد الجديدة بشدة.
ما تتضمنه السياسة الجديدة؟
يُطلب من الصحفيين الإقرار بما يلي:
أنهم قد يُعتبرون "مخاطر أمنية" إذا طلبوا من موظفي الوزارة تقديم معلومات سرية أو حتى بعض المعلومات غير السرية.
قد يتم سحب تصاريحهم الصحفية نتيجة لذلك.
قال الناطق باسم البنتاجون: "لسنا نطلب منهم الموافقة، فقط الإقرار بأنهم يفهمون السياسة".
ردود الفعل
وبحسب "رويترز"، وصفت رابطة صحفيي البنتاجون اليوم، الذي بدأ فيه تطبيق السياسة بـ"اليوم المظلم لحرية الصحافة".
الصحفي جي جي جرين، قال: "لم أرَ هذا المكان فارغًا بهذا الشكل من قبل. دائمًا ما كان يعجّ بالحركة".
ستيفن لوسي، صحفي يغطي أخبار القوات الجوية، قال: "لم نُسمح أبدًا بدخول المناطق السرية، لم يكن أحد يتنصت كما يصور البعض".
بعض الصحفيين أشاروا إلى أن التواصل الحساس يحدث عبر تطبيقات مشفرة مثل سيجنال، وليس في ممرات البنتاجون، في إشارة إلى فضيحة تسريبات سيجنال؟
ما السياسة الجديدة؟
تأتي هذه القواعد ضمن سلسلة قيود متزايدة على حرية الوصول الإعلامي منذ تولي بيت هيجسيث وزارة الدفاع.
كثيرون يرون في هذه الخطوة تسييسًا واضحًا للعلاقة مع الصحافة، وخطوة تقلل من الشفافية والمساءلة في واحدة من أهم المؤسسات الحكومية الأمريكية.
وبحسب نيويورك تايمز، فإن الصحفيين فقدوا مكاتبهم داخل البنتاجون، وتحوّلت أماكن العمل التي كانت تعج بالحركة إلى أماكن مهجورة. رغم ذلك، تؤكد العديد من المؤسسات الإعلامية أنها ستستمر في تغطية أخبار وزارة الدفاع، لكن من خارج جدرانها.
يقول المنتقدون إن هذه القواعد تنتهك التعديل الأول في الدستور الأمريكي وحق الجمهور في المعرفة، رد قانوني متوقع: تفاوض محامو وسائل الإعلام مع مسؤولي البنتاجون لأسابيع، ما يعكس جدية الوضع.
الآثار الأوسع
قالت رويترز، إن هناك مخاطر على الشفافية بسبب انخفاض الرقابة الإعلامية قد يسمح بوقوع تجاوزات أو فشل إستراتيجي دون أن يتم كشفها، كما قد يؤدي ذلك إلى توتر مدني-عسكري وتوتر العلاقة بين الجيش والجمهور الذي يخدمه، كما إنها سابقة خطيرة قد تحذو وزارات اتحادية أخرى حذو البنتاجون إذا تم تمرير هذه القواعد دون اعتراض.