الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تمرد الجنرالات.. تفاقم الخلاف بين نتنياهو والجيش حول اجتياح مدينة غزة

  • مشاركة :
post-title
مخيم للنازحين الفلسطينيين قرب ميناء مدينة غزة

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

تصاعدت التوترات بين القيادة العسكرية والسياسية في إسرائيل، بشكل حاد خلال الأسبوع الماضي، بعدما دخل رئيس الأركان إيال زامير في مواجهة مباشرة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع عُقد أخيرًا بشأن خطط توسيع الحرب على غزة، وذلك وفق ما نقلته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، عن مسؤولين إسرائيليين.

بدأ عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين في التوجه إلى الخدمة استعدادًا للعملية الضخمة، على الرغم من أن رئيس الأركان زامير أبدى مرارًا وتكرارًا تحفظاته بشأن قرار السيطرة على مدينة غزة بعد ما يقرب من عامين من القتال.

وحسب مسؤولين إسرائيليين، طعن زامير في قرار تنفيذ الهجوم خلال آخر اجتماعين عقدا لمجلس الوزراء الأمني ​​بشأن عملية مدينة غزة، مركزًا على المخاطر المحتملة على المحتجزين الإسرائيليين الـ48 المتبقين في غزة، وعلى الجنود في ساحة المعركة. كما أبدى اعتراضاته على نزوح ما يصل إلى مليون فلسطيني خلال هذه العملية، وتداعياتها الإنسانية والاستراتيجية المحتملة.

وقال المسؤولان لـ"سي إن إن" إن زامير حثّ الوزراء مرة أخرى على النظر في أحدث اقتراح لوقف إطلاق النار قدمه الوسطاء المصريون والقطريون الذي قبلته حماس، في أحدث اجتماع عاصف لمجلس الوزراء الأمني، ​​مساء الأحد الماضي.

وقال زامير، بحسب مسؤولين إسرائيليين اطلعوا على الاجتماع: "هناك إطار على الطاولة، ويجب علينا أن نأخذه". واختار نتنياهو عدم طرح الاقتراح أو إدراجه على جدول أعمال مجلس الوزراء، لكن زامير أصر مع ذلك على عرض وجهة نظره.

وقال المسؤولون إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حذّر أيضًا من أن قرار السيطرة على مدينة غزة سيؤدي في النهاية إلى احتلال عسكري إسرائيلي كامل لقطاع غزة، مع تحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن سكانه.

وحذّر "زامير" في تعليقات تسربت إلى عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية وأكدتها "سي إن إن": "يجب أن تفهموا أن قراركم باجتياح مدينة غزة يعني أنكم ستذهبون إلى إدارة عسكرية كاملة - والوحيد الذي سيتحمل المسؤولية عن السكان المحليين سيكون الجيش الإسرائيلي".

وفقًا للمصادر، رفض نتنياهو تحفظات زامير، رافضًا مناقشة اتفاق وقف إطلاق النار الجزئي. ونقل رئيس الوزراء عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قوله: "انسوا الاتفاقات الجزئية.. ادخلوا بكل قوة وأنهوا هذا الأمر"، وأصر نتنياهو بدلا من ذلك على اتفاق شامل يطلق سراح جميع المحتجزين دفعة واحدة.

وحسب المسؤولين، أعربت أقلية من الوزراء عن دعمهم لموقف زامير، بمن فيهم أعضاء حزب الليكود بزعامة نتنياهو. في المقابل، اتهم حلفاء رئيس الوزراء السياسيون من اليمين المتطرف رئيس الأركان باتباع نهج ضعيف وانهزامي يحول دون تحقيق النصر على حماس.

وتعمّقت الخلافات بين زامير وحكومة نتنياهو، في الأسابيع الأخيرة، مع ظهور تقارير عن معارضته لتوسيع نطاق الحرب على غزة.

في أوائل أغسطس الماضي، سخر يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي، من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي، متهمًا إياه بقيادة "تمرد ومحاولة انقلاب عسكري تذكرنا بجمهوريات الموز في سبعينيات القرن الماضي". ولم ينكر نتنياهو تعليقات ابنه.

ويعكس هذا الصدام الأخير نمطًا أوسع نطاقًا، إذ تشهد حكومة نتنياهو توترات مزمنة مع القيادة العسكرية منذ أداء الحكومة اليمين الدستورية في يناير 2023، حيث غالبًا ما تتجاهل النصائح العسكرية. وكثيرًا ما يصطدم حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف مع الجيش الإسرائيلي بشأن سياساته في غزة والضفة الغربية المحتلة.

خلال ما يقرب من عامين من الحرب، تكررت التوترات بين حكومة نتنياهو والقادة العسكريين. وحاول نتنياهو مرارًا التنصل من مسؤولية الثغرات الأمنية خلال هجوم الفصائل على المستوطنات بغلاف غزة في 7 أكتوبر 2023، ملقيًا اللوم على قادة الأجهزة الأمنية.

وعلى مدى الأشهر التسعة الماضية، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي باستبدال جميع الشخصيات الأمنية الرئيسية التي كانت في مناصبها في يوم الهجمات، بما في ذلك وزير الدفاع، ورئيس أركان الجيش، ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).

مع ذلك، تم تعيين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الحالي، على عكس سلفه، مباشرة من قبل نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس. وكان زامير يشغل سابقًا منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، وقد رحّبت الحكومة في البداية بتعيينه. لكنه سرعان ما أصبح هدفًا لإحباط اليمين المتطرف من مجريات الحرب.

وأدت معارضة زامير للجهود الأخيرة لتوسيع الحرب إلى تصعيد التوترات بشكل أكبر، ما دفع بعض حلفاء نتنياهو إلى المطالبة باستقالة رئيس الأركان، بعد نصف عام فقط من تعيينه.

وأعلنت مجموعة متزايدة من جنود الاحتياط الإسرائيليين، أمس الثلاثاء، أنهم سيرفضون التقدم للخدمة إذا تم استدعاؤهم للعملية العسكرية الإسرائيلية المخطط لها للسيطرة على مدينة غزة، مشيرين إلى سلامة المحتجزين الإسرائيليين والمخاوف العميقة بشأن الخسائر الإنسانية للحرب.

جنود الاحتياط، الذين عقدوا مؤتمرًا صحفيًا في تل أبيب، جزء من حركة تطلق على نفسها اسم "جنود المحتجزين". وصرّح يوتام فيلك، المتحدث باسم الحركة، لـ"سي إن إن" أمس، بأن الحركة انطلقت ردًا على ما يراه الأعضاء "تخريبًا" من نتنياهو لمفاوضات تحرير المحتجزين، ما يعرّض حياة المحتجزين المتبقين في غزة للخطر.

بينما ينصب تركيز حركة "جنود المحتجزين" على تأمين إطلاق سراح المحتجزين، صرّح "فيلك" بأن أعضاء الحركة يعارضون أيضًا الحرب الدائرة على غزة، مجادلا بأن أهدافها أصبحت غامضة. وأضاف: "لقد خدمنا جميعًا في الجيش الإسرائيلي، وسيخدم بعضنا مجددًا، لكننا نعارض الحرب الدائرة والحملة الحالية".

وفي رسالة إلى المدعي العام العسكري، دعت المجموعة السلطة القانونية العليا في الجيش الإسرائيلي إلى وقف الهجوم المخطط له على مدينة غزة.

جاء في الرسالة: "من الواضح أن أمر احتلال مدينة غزة يتجاوز كل المعايير القانونية والأخلاقية. هذا الأمر غير قانوني بشكل صارخ، ويجب عدم الامتثال له، وقد يتحمل الجنود الذين يمتثلون له مسؤولية جنائية وشخصية". ولم تتلق الحركة أي رد، بحسب "فيلك".