شهدت المنظومة الصحية في مصر تحولًا جذريًا على مدار الـ12 عامًا الماضية، عقب ثورة 30 يونيو، وتحت قيادة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. هذا التحول مدفوع بسلسلة من المبادرات والإجراءات الحكومية الطموحة التي تهدف إلى الارتقاء بجودة الرعاية الصحية، وتوسيع نطاق الوصول إليها، ورفع كفاءة النظام الصحي ككل.
وتؤكد الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الصحة والسكان، التزامها الراسخ بمواصلة جهودها الحثيثة نحو بناء نظام صحي قوي، عادل ومرن، يضع التغطية الصحية الشاملة في صدارة أولوياته.
وتتجسد هذه الرؤية الطموحة في تنفيذ التوجهات الاستراتيجية متوسطة المدى (2024–2030)، والتي تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في قطاع الصحة المصري، ليصبح ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ورفاهية المواطنين.
استثمار متزايد
يُعد نظام التأمين الصحي الشامل في مصر، الذي أُطلق عام 2019، حجر الزاوية في هذه الجهود. تستهدف مصر من خلاله تغطية 12.8 مليون مواطن بنهاية المرحلة الثانية، مع خطط طموحة لمواصلة التوسع في تطبيق المنظومة لتشمل جميع محافظات الدولة بحلول عام 2030، وصولًا إلى تغطية 100% من السكان، مقارنة بنحو 66% في عام 2022.
ويعكس هذا الالتزام الزيادة الكبيرة في ميزانية الصحة، التي تضاعفت أربع مرات منذ عام 2014. فقد حرصت الحكومة المصرية على زيادة موازنة قطاع الصحة بنسبة 30% في العام المالي 2023/2024، مع خطط لزيادة إضافية بنسبة 25% في موازنة 2025/2026. وتستهدف الحكومة المصرية دعم مخصصات الإنفاق العام على الصحة لتصل إلى ما لا يقل عن 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
مشروعات قومية ضخمة
تم تخصيص أكثر من 120 مليار جنيه لتطوير البنية التحتية الصحية في أنحاء مصر، ويجري حاليًا تنفيذ 1300 مشروع لتحسين خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك تجديد وإنشاء 3100 منشأة صحية (100 مستشفى و3000 وحدة صحية) بحلول عام 2030، مقابل 452 منشأة في الأعوام الماضية.
تعزيز الأمن الدوائي
تولي وزارة الصحة المصرية اهتمامًا كبيرًا بملف مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، حيث تم إطلاق خطة وطنية في عام 2018 تستهدف الوصول إلى نسبة 60% من الاعتماد على المضادات الحيوية من فئة الإتاحة، لتقليل خطر ظهور المقاومة.
كما تسعى الحكومة المصرية لتعزيز صناعة الدواء المحلية لتغطي نحو 95% من احتياجات السوق بحلول عام 2030، وزيادة صادرات الدواء إلى ما لا يقل عن 5 مليارات دولار.
ويُشير التقرير إلى أن الأمراض غير المعدية تتسبب في 86% من الوفيات، بالإضافة إلى تحديات الصحة النفسية وتغير المناخ. وفي مواجهة هذه التحديات، تتبنى الدولة المصرية نهجًا يجمع بين التوسع في مشروعات البنية التحتية الصحية وتعزيز دور القطاع الخاص في دعم المنظومة.
أهداف طموحة لتحسين المؤشرات الصحية
تؤكد وزارة الصحة والسكان المصرية، وفقًا لرؤية مصر 2030، سعيها نحو تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص في الرعاية الصحية، من خلال تحسين جودة الخدمات، والاعتماد على التكنولوجيا، وتنمية الكوادر الطبية.
وتمضي الدولة المصرية قدمًا نحو بناء نظام صحي قوي يستطيع مواجهة التحديات من خلال التعاون المحلي والدولي، والاستثمار في القوى البشرية والبنية التحتية، والاعتماد على التحول الرقمي كركيزة أساسية.
أهداف الحكومة المصرية
خفض معدل وفيات الأمهات إلى معدلات تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة، وإنهاء جميع أشكال سوء التغذية بين الأطفال دون سن خمس سنوات لتصل النسبة إلى صفر، والقضاء على قوائم الانتظار باستهداف تسعة تخصصات طبية حرجة، وتحسين ترتيب مصر في المؤشر العالمي للوصول إلى خدمات الرعاية الصحية لتصنف من بين الدول الثلاثين الأولى عالميًا.
إن هذه الاستراتيجية الطموحة ترسم خارطة طريق واضحة لوضع مصر ضمن الدول الرائدة عالميًا في مجال الرعاية الصحية، مؤكدة على التزام الدولة بتحسين جودة حياة جميع مواطنيها.