تقف أكبر جالية إيرانية في الولايات المتحدة، والمتركزة في كاليفورنيا، أمام لحظة حاسمة بينما يدرس الرئيس دونالد ترامب الانضمام للضربات الإسرائيلية ضد إيران، إذ إن هذه الجالية المتنوعة ثقافيًا ودينيًا، ويبلغ عددها نحو 400 ألف شخص على مستوى البلاد، تسعى الآن للتأثير على السياسة الأمريكية رغم انقساماتها الداخلية حول النظام الإيراني والتدخل العسكري المحتمل.
تحرك عاجل لمنع التورط الأمريكي
عقدت منظمة "الديمقراطيون الإيرانيون الأمريكيون في كاليفورنيا" اجتماعًا طارئًا هذا الأسبوع لمناقشة خطواتها المقبلة، بحسب ما ذكرته صحيفة "بوليتيكو".
وبادرت قيادات المنظمة فور إطلاق إسرائيل ضرباتها الأولى في 12 يونيو إلى الاتصال بجميع أعضاء الوفد النيابي لولاية كاليفورنيا، بما في ذلك السيناتوران آدم شيف وأليكس باديلا، لحثهم على منع التورط الأمريكي في الهجمات.
قال سودي فاروخنيا، رئيس المنظمة المقيم في لوس أنجلوس، وفقاً لـ"بوليتيكو": "هذا هو الوقت المناسب للسياسيين في كاليفورنيا للتحدث، وليس فقط التحدث، بل التحدث بسرعة والتحديد الدقيق للتأكد من أنهم يلزمون ترامب بقوانين وقواعد هذا البلد".
جالية متنوعة بحضور سياسي محدود
يتركز أكثر من ثلث المهاجرين الإيرانيين في الولايات المتحدة في منطقة لوس أنجلوس، بينما يعيش أكثر من النصف في ولاية كاليفورنيا بشكل عام، وكشف استطلاع أجراه "تحالف الشؤون العامة للأمريكيين الإيرانيين" العام الماضي عن انقسام شبه متساوٍ في الجالية حول انتخابات 2024 الرئاسية، إذ أيد 45% على المستوى الوطني كامالا هاريس مقابل 41% لترامب.
ورغم هذه الأرقام الكبيرة، تواجه الجالية تحديًا في التحرك كتكتل سياسي موحد بسبب تنوعها الهائل، حيث تضم مسلمين ويهودًا ومسيحيين وزرادشتيين.
هذا التنوع، إلى جانب ما وصفه ناشطون إيرانيون أمريكيون بـ"التردد في الانخراط علنًا في قضايا معقدة للغاية"، أدى إلى "حضور خافت نسبيًا في السياسة"، كما ذكرت صحيفة "بوليتيكو".
موقف معقد
تضع الأوضاع الحالية الإيرانيين الأمريكيين، الذين فرَّ كثير منهم من إيران بعد ثورة 1979، في موقف صعب ومعقد، فرغم انتقادهم الشديد للنظام الإيراني ورغبتهم في سقوطه، إلا أنهم منقسمون حول الوسائل المناسبة لتحقيق ذلك، وتحديدًا حول مسألة ما إذا كان التدخل العسكري الأمريكي يجب أن يكون جزءًا من هذا التغيير.
يمثل سام يبري، المرشح السابق لمجلس مدينة لوس أنجلوس والناشط في المنظمات الإيرانية الأمريكية، الرأي المؤيد لسقوط النظام، وقال لـ"بوليتيكو": "نحن في لحظة تاريخية تشبه سقوط جدار برلين، ونعلم أن الوقت قد حان لسقوط هذا النظام وقيام حكومة إيرانية حرة وديمقراطية".
في المقابل، يدفع مسؤولون في منظمة "الديمقراطيون الإيرانيون الأمريكيون" مسؤولي كاليفورنيا لدعم "قانون عدم شن حرب ضد إيران" للسيناتور بيرني ساندرز، بالإضافة إلى تشريعات من النائب رو خانا وأعضاء آخرين في مجلس النواب تهدف لمنع الإدارة من "الأعمال العدائية غير المصرح بها" مع إيران.
من جهته، قال أليكس مهاجر، نائب رئيس المنظمة والمرشح السابق لمجلس الشيوخ بالولاية: "الجالية الإيرانية في جميع أنحاء العالم، وخاصة هنا في جنوب كاليفورنيا، تدعو للديمقراطية في إيران، ومع ذلك فإننا لا نريد تدخلًا عسكريًا، ولا نريد ضربات عسكرية على أحبائنا".
استجابة سياسية متباينة
ردًا على هذه الضغوط، كرر السيناتور آدم شيف في حديثه مع شبكة "سي إن إن"، الأربعاء الماضي، إيمانه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه انتقد بشدة ترامب لدراسته اتخاذ إجراء عسكري أمريكي دون تصريح من الكونجرس.
في المقابل، لم يرد متحدث باسم السيناتور باديلا على طلب التعليق، بحسب "بوليتيكو".
من جهة أخرى، دافعت شارونا نازاريان، عمدة بيفرلي هيلز والمرأة الإيرانية الأمريكية الأولى في هذا المنصب، عن الضربات الإسرائيلية باعتبارها مهمة لمنع "الخطر الجسيم" من إيران.
لكنها أكدت أيضًا أن النظام يحتاج للسقوط من داخل إيران، قائلة في بيان: "التغيير الحقيقي في إيران يجب أن يأتي من شعبها".