تواصل الأزمة الاقتصادية إلقاء ظلالها الحالكة على روسيا المثقلة بالعقوبات نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا التي تدخل عامها الرابع، إذ يواجه الاقتصاد الروسي تهديدًا ثلاثيًا يتمثل في أزمة مصرفية، إلى جانب تخلي الشركات عن توزيع أرباحها، إضافة إلى تباطؤ حاد في النمو.
شهدت سوق الأسهم الروسية انخفاضًا حادًا عقب تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات جديدة، وسخريته من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد غارات الطائرات المسيّرة والصواريخ التي شنّتها موسكو على أوكرانيا.
ويتنبأ الاقتصاديون، بمشكلات في القطاع المصرفي الروسي، تشمل زيادة احتمالية سحب الودائع من البنوك، بحسب ما حذّر منه مركز التحليل الاقتصادي الكلي والتنبؤ قصير الأجل (CMASF)، الذي أكد أن تقلب سوق الأسهم كان أحد العوامل المساهمة في توتر الاقتصاد الروسي، بحسب مجلة "نيوزويك".
وعلى الرغم من صمود الاقتصاد الروسي حتى الآن أمام معظم العقوبات التي فرضها الغرب، التي كانت تهدف إلى معاقبة الرئيس الروسي جراء هجومه على أوكرانيا، كما أفسد التضخم ونقص العمالة، النمو الاقتصادي الروسي الجيد نسبيًا، الذي تأثر بالفارين من التجنيد الإجباري وخسائر القوات في أوكرانيا، فإن الخبراء يحذرون من مشكلات اقتصادية طويلة الأجل.
أزمة مصرفية نظامية
ومن المتوقع حدوث "أزمة مصرفية نظامية" في روسيا، تشمل هذه الأزمة أحد ثلاثة عوامل على الأقل: هروب المودعين من البنوك، أو تجاوز القروض المتعثرة 10% من إجمالي الأصول المصرفية، أو عمليات إعادة رسملة واسعة النطاق للبنوك تتجاوز 2% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وأضافت المؤسسة أنه لم يتم استيفاء أي من هذه الشروط حتى الآن، لكن المخاطر آخذة في التزايد، وتعكس الزيادة الحادة في نسبة المعروض النقدي إلى القاعدة النقدية الضغط المتزايد على سيولة النظام المصرفي الروسي، ويمكن لهذه العوامل مجتمعة أن تزيد من هشاشة الوضع المالي واحتمالية مواجهة البنوك "فجوات نقدية".
في أبريل الماضي، حذّر صندوق إدارة الأصول والأسواق المالية (CMASF) من تزايد احتمالية "هروب المودعين" أو تهافت الودائع على البنوك، ويعود ذلك جزئيًا إلى احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي نتيجة تحديد البنك المركزي الروسي لسعر فائدة رئيسي بنسبة 21% لكبح التضخم البالغ 10.2%، وسط تحذيرات من أن هذا سيخنق الإقراض والاستثمار.
انخفاض صافي الأرباح
يأتي هذا في الوقت الذي نصحت فيه مجالس إدارة 24 شركة روسية بعدم توزيع أرباح على المساهمين بسبب انخفاض عائدات التصدير والعقوبات.
ذكرت وكالة الإحصاء الحكومية "روستات" أن الشركات الروسية حققت في عام 2024 أرباحًا إجمالية بلغت 30.4 تريليون روبل (381.1 مليار دولار) بانخفاض قدره 6.9% مقارنة بعام 2023، أو بانخفاض قدره 15% عند تعديل التضخم.
وأضاف أن ارتفاع التكاليف، وتعريفات الطاقة، وتكاليف البنزين، والأجور، وتكاليف النقل والخدمات اللوجستية، يعني أن صافي الأرباح آخذ في الانخفاض.
تباطؤ النمو
في ظل معاناة الشركات المقترضة من سداد ديونها، وتراكم القروض المتعثرة على الأسر، أعلنت هيئة الإحصاء الروسية (روستات) الأسبوع الماضي أن النمو في الربع الأول من عام 2025 بلغ 1.4% فقط/ ما يعني أنه أقل بثلاث مرات من 4.5% في الربع الأخير من عام 2024، وأقل بأربع مرات تقريبًا من 5.4% للفترة نفسها من العام الماضي.
وأخيرًا أفادت صحيفة "ذا بيل" المستقلة بأن الاقتصاد الروسي لا يواجه تباطؤًا فحسب، بل ركود محتمل، مضيفةً أن أحدث البيانات الرسمية تشير إلى أن الاقتصاد قد ينزلق إلى نمو سلبي في وقت مبكر من هذا الصيف.