الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

معركة ذوبان الجليد.. القطب الشمالي رقعة ساخنة بين روسيا والناتو

  • مشاركة :
post-title
الصراع بين روسيا والغرب على القطب الشمالي

القاهرة الإخبارية - أحمد أنور

بات القطب الشمالي، بالنسبة لكل من روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، أكثر من مجرد رقعة على الكوكب تكسوها الجليد، إذ أصبح في السنوات الأخيرة ساحة واسعة للمنافسة الجيوسياسية وإثبات النفوذ، ومحور رئيسي لدفاعات الناتو، ففي مقابل تدريبات عسكرية غربية نجد تعزيزًا عسكريًا روسيًا، كل ذلك وسط اتهامات من جانب موسكو بسعي حلف الناتو لاستفزازها من خلال زيادة التدريبات في شمال النرويج، بحسب "تليجراف" البريطانية.

وتشكل النرويج والمملكة المتحدة معًا الخط الأمامي ضد أي محاولة روسية لدخول مياه شمال الأطلسي، حيث يمكن لسفنها أن تقطع خطوط الإمداد عبر الأطلسي، إضافة إلى تمتع التحالف بقبضة قوية على منطقة القطب الشمالي إذ إن الغالبية العظمى من الدول المحيطة بالقطب الشمالي هي أعضاء في حلف شمال الأطلسي، بدعم من انضمام فنلندا والسويد (المنضمتان حديثًا) للناتو، بعد اشتعال فتيل الحرب الروسية الأوكرانية في 2022.

الحرب بالذكاء الاصطناعي

وفي مناورات تدريبية لحلف شمال الأطلسي في الدائرة القطبية الشمالية في وقت سابق من هذا الشهر، شاركت القوات البحرية لكلا من النرويج والمملكة المتحدة في تدريبات أظهرت القدرة على إسقاط أحدث الصواريخ المجنحة الروسية .

وأمام المنافسة على القطب الشمالي، الذي أقر بها وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، وبدأ، أمس الثلاثاء، زيارة إلى النرويج وأيسلندا، وهما أقرب جارتين لبريطانيا في القطب الشمالي.

وسيقوم وزير الخارجية بمراقبة السفن البريطانية والنرويجية التي تقوم بدوريات مشتركة قبل الإعلان عن مخطط الذكاء الاصطناعي مع أيسلندا بهدف اكتشاف السفن المعادية.

وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي على متن سفينة خفر السواحل النرويجية
طرق شحن جديدة

وقال لامي: "مع ذوبان القمم الجليدية في المنطقة، ستُكشف طرق شحن وموارد جديدة، ما يُزيد من خطر المواجهة، ولهذا السبب، يجب علينا اتخاذ إجراءات لردع التهديدات في القطب الشمالي".

يُعيد تغير المناخ تشكيل القطب الشمالي، ما يفتحه أمام المزيد من حركة المرور وارتفاع النشاط في منطقة كان الوصول إليها صعبًا في السابق، وتكثّف موسكو حملتها للسيطرة على طريق البحر الشمالي الذي يقلّص إلى النصف تقريبًا المسافة التي يجب أن تقطعها السفن بين أوروبا وآسيا؛ وذلك عندما لا يكون متجمدًا.

وبدوره قال إد أرنولد، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، ومقره لندن، إن الرئيس الروسي حقّق التفوق على حلف شمال الأطلسي من خلال عقد من إعادة التسليح في القطب الشمالي قبل بدء الحرب في أوكرانيا.

 تمتلك روسيا أكبر حضور عسكري في منطقة القطب الشمالي بين جميع دوله، وتُشكل تهديدًا خطيرًا، وفقًا لتقييم الولايات المتحدة، كما صرّح مارك كانسيان، العقيد المتقاعد في سلاح مشاة البحرية الأمريكية الاحتياطي والمستشار الأول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بأن موسكو منشغلة بإعادة فتح عدد من منشآتها التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة، التي صُممت العديد منها لأغراض الاستطلاع والمراقبة، بحسب "نيوزويك".

وأضاف أن الكرملين ربما يكون منشغلًا بأوروبا الشرقية، لكن روسيا لديها قدرات لا يتم استغلالها حاليًا في أوكرانيا وما حولها التي يمكن نشرها في القطب الشمالي.

الأسطول الشمالي الروسي ضد القوات البحرية للمملكة المتحدة والنرويج وأيسلندا
كاسحات الجليد النووية

وتسعى روسيا إلى الحصول على المزيد من كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية والقادرة على فتح الطريق بعيدًا عن سواحلها، وقد استثمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل كبير في أسطوله الشمالي الثمين، الذي يمتلك 18 غواصة تعمل بالطاقة النووية وسفينة حربية مجهزة الآن بصواريخ تفوق سرعة الصوت.

كما قامت روسيا بتجهيز مناطقها القطبية الشمالية بقواعد عسكرية جديدة، وحدّثت أسطولها الشمالي ليحل محل السفن السوفيتية القديمة، أيضًا استثمرت في صواريخ كروز فائقة السرعة وعالية الدقة مثل صاروخ تسيركون، الذي يبلغ مداه 1000 كيلومتر (621 ميلًا) ما يجعل الأهداف الغربية سهلة المنال.

وبسبب طبيعة المنطقة القطبية الشمالية القاسية، فإنه من الصعب على روسيا إرسال الدبابات عبر الحدود بأعداد كبيرة، ولكن الطائرات بدون طيار قادرة على العمل أفضل بكثير من الطائرات النفاثة السريعة أو السفن، وعلى الرغم من ذلك تحلّق الطائرات الروسية على طول حافة المجال الجوي للمملكة المتحدة؛ ما يستدعي أن ينشر سلاح الجو الملكي البريطاني قواته كرد فعل سريع، كذلك تجري البحرية الروسية تدريبات عسكرية منتظمة في المياه غير الإقليمية في القطب الشمالي.

عدد كاسحات الجليد الرئيسية وسفن الدوريات القادرة على عبور الجليد
تهديد النرويج بالمسيّرات

ومن بين التطورات الأخيرة، جاءت على خلفية النجاح الذي حققته روسيا باستخدام الطائرات بدون طيار في أوكرانيا، هو إرسال موسكو "مسيرات" على طول حدودها الممتدة لمسافة 124 ميلاً مع النرويج.

وفي الوقت نفسه، نشرت المملكة المتحدة طائراتها الجديدة من طرازP-8 Poseidon "صائدة الغواصات"، كما تتقاسم التكنولوجيا والمنصات الدفاعية مع الجيش النرويجي.

بينما دعا المحللون إلى تعزيز الوجود العسكري في البحار وعلى الأرض، من أجل ردع التهديد الروسي بشكل حقيقي.

مقارنة بين تمركز القوات الروسية وحلف شمال الأطلسي الناتو البرية والبحرية
خطة مدتها 12 عامًا

اقترح السياسيون في أوسلو، خطة مدتها 12 عامًا لزيادة الإنفاق الدفاعي في ضوء التهديد الروسي، كما اشتروا تكنولوجيا جديدة مضادة للطائرات بدون طيار والغواصات.

كما أن هناك تكهنات بأن مراجعة خطط الدفاع الاستراتيجية المقبلة لحزب العمال ستؤدي إلى تمركز قوات بريطانية بشكل دائم في القطب الشمالي، مع تشكيل قوة دائمة على غرار القوة المنتشرة بالفعل في إستونيا.

بدوره قال بير إريك سولي، العقيد المتقاعد في سلاح الجو النرويجي والمحلل في المعهد النرويجي للشؤون الدولية، إن القوات البحرية الغربية بحاجة أيضًا إلى التحول من إجراء تدريبات رفيعة المستوى إلى عمليات مستمرة، وهذا يتطلب المزيد من السفن.

وأضاف: "أنت بحاجة إلى سفن حربية، وإلى غواصات وطائرات مقاتلة، مثل إف-35، قادرة على حمل معدات مضادة للسفن".