رغم أنّ العطلات وُجدت للراحة والانفصال عن ضغوط العمل، إلا أن الواقع المهني اليوم يكشف عكس ذلك، حيث أصبح البريد الإلكتروني شبحًا يُطارد الموظفين حتى على الشواطئ وفي الجبال.
كشف استطلاع أجرته شركة "روبرت والترز" لخدمات التوظيف، شمل 2580 موظفًا من ذوي الياقات البيضاء في إسبانيا والمملكة المتحدة وفرنسا، أن معظمهم لا يهدأون أثناء إجازاتهم، وفقًا لـ"يورونيوز".
البريد لا ينام.. والموظفون أيضًا
البريطانيون كانوا الأكثر توترًا، إذ أقرّ 78% بأنهم يشعرون بالقلق قبل العودة إلى العمل بعد إجازة طويلة. أكثر من نصفهم (51%) يتحققون من بريدهم الإلكتروني خوفًا من تراكم الرسائل، بينما يقوم 43% بالمراقبة الدورية تفاديًا لأي طارئ أثناء غيابهم.
في إسبانيا، يشارك 40% هذا السلوك، ويتحول إلى عادة يومية لدى 28% من الموظفين. أما في فرنسا، فالوضع ليس مختلفًا، حيث يشعر 64% من الموظفين بالقلق من العودة إلى العمل بعد العطلة السنوية.
وبينما يُفترض أن تكون الإجازات فترات للتجديد، فإن القليل فقط من الموظفين يشعرون بالنشاط عند العودة: 15% من البريطانيين، و22% من الفرنسيين، و25% من الإسبان.
إجازة جماعية.. حل أم عائق؟
يخشى الكثير من الموظفين أن تُبعدهم إجازاتهم عن التواصل مع فرق عملهم. وقد يكون أحد الحلول المحتملة هو ذهاب مكان العمل في الإجازة في الوقت نفسه.
بعض الشركات طرحت فكرة "الإغلاق الجماعي" خلال الإجازات، لضمان عدم تفويت أحد أي تطور أو ضغط عمل، لكن هذه الخطوة قوبلت بانقسام.
أكثر من نصف البريطانيين (54%) يعارضون الفكرة، معتبرين إياها معرقلة ومقللة للمرونة. الإسبان أيضًا لا يفضلونها، حيث عارضها 47% من المشاركين. في المقابل، أبدى الفرنسيون نظرة أكثر إيجابية، مشيرين إلى أن إجازة موحدة قد تخفف التوتر وتزيد من ترابط الفريق، بينما لا يرى 31% فقط أي إيجابيات في الحصول على إجازة كاملة في وقت واحد.
بين القلق والمقايضة
يرى الرئيس التنفيذي لـ"روبرت والترز"، كريس إلدريدج، أن ضغط الإجازات قد يدفع الموظفين إلى تأجيلها أو البقاء على اتصال مستمر. يقول: "البعض يؤخر حجز الإجازة خشية فقدان السيطرة أو فرصة مهنية".
الحق في قطع الاتصال
فرنسا كانت السباقة في إدخال "الحق في قطع الاتصال" ضمن قوانين العمل عام 2017، إلا أن الالتزام به ما زال رمزيًا في ظل غياب العقوبات. وتبعتها إسبانيا عام 2018 وتسعى لتشريعات أكثر صرامة، فيما تبنت البرتغال هذا الحق في 2021، ووسعته بلجيكا عام 2023 ليشمل القطاع الخاص في الشركات الكبيرة. أما المملكة المتحدة، فلا يزال الأمر قيد النقاش دون إطار قانوني، مع تزايد الدعوات لتطبيقه.
أما بلجيكا، فقد وسّعت نطاق هذا الحق ليشمل القطاع الخاص عام 2023، لكنها اقتصرت على الشركات التي تضم 20 موظفًا على الأقل.