في ظل تصاعد الآثار السلبية لسياسات الرسوم الجمركية التي تتبناها الإدارة الأمريكية الحالية، بدأت الأصوات المعارضة تتزايد من داخل الأوساط الاقتصادية والأكاديمية وحتى السياسية، وسط تحذيرات من تبعات كارثية على الاقتصاد الأمريكي تشمل ارتفاع الأسعار، وتراجع القدرة الشرائية، وتهديدات مباشرة لقطاعات صناعية حساسة مثل السيارات والخدمات اللوجستية والسياحية.
نداء أكاديمي
أطلق عدد من الاقتصاديين والباحثين الأمريكيين، من بينهم اثنان من الحائزين على جائزة نوبل – فيرنون سميث وجيمس هيكمان – حملة إلكترونية عبر موقع anti-tariff، دعوا فيها إلى رفض سياسات الرسوم الجمركية، محذرين من أن هذه الإجراءات تنطلق من "فهم خاطئ للواقع الاقتصادي"، وقد يدفع ثمنها المواطن الأمريكي العادي.
وأكد البيان أن "الرسوم المفروضة تفتقر إلى الأسس الاقتصادية السليمة، وتُحسب باستخدام صيغ مرتجلة، كما أن الفرصة لعكس هذه السياسات غير المتماسكة تتقلص بسرعة".
انتقادات من الرؤساء السابقين
وفي مشهد نادر، خرج ثلاثة رؤساء أمريكيين سابقين – جو بايدن، باراك أوباما، وبيل كلينتون – عن صمتهم، محذرين من تبعات هذه السياسات، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
في الوقت نفسه، أعرب بعض الجمهوريين عن أملهم في أن تتدخل المحكمة العليا لتقييد سلطة الرئيس في فرض الرسوم، وسط ترددهم في إعلان معارضتهم علنًا خوفًا من ردود فعل سياسية.
صناعة السيارات تدفع الثمن
وتُعد شركات السيارات الأمريكية من أبرز المتضررين من هذه الرسوم، إذ كشفت تقارير أن الطرازات الثلاثة الأكثر مبيعًا من "بويك" يتم تصنيعها خارج البلاد، ما يجعلها عرضة لرسوم جمركية جديدة قد ترفع أسعارها بمقدار آلاف الدولارات. كما حذّرت شركة فورد وكلاءها من زيادات مرتقبة في الأسعار ابتداءً من يونيو المقبل.
ووفقًا لتحليل لبنك باركليز، من المتوقع أن تنخفض أرباح جنرال موتورز بنسبة 40% في عام 2025 بسبب الرسوم، فيما ستتراجع أرباح فورد بنسبة 60%، وسط تأثيرات مالية إجمالية تُقدّر بـ16.5 مليار دولار للشركتين معًا.
سلاسل التوريد تنهار
من جانبه، حذّر الخبير التجاري تشو مي من أن استمرار الرسوم الجمركية يعمّق أزمة سلاسل التوريد، مشيرًا إلى أن المكونات الأساسية أصبحت غير متوفرة بأسعارها السابقة، ما قد يدفع الشركات إلى تقليص الإنتاج ورفع الأسعار، الأمر الذي قد يهدد التوظيف والاستقرار الاقتصادي في البلاد.
خدمات لوجستية وسياحية
ضمن تداعيات هذه السياسات، أعلنت شركة DHL عن تعليق مؤقت لخدمات الشحن إلى الأفراد في الولايات المتحدة للشحنات التي تتجاوز قيمتها الجمركية 800 دولار، بسبب تأخيرات متزايدة ناجمة عن اللوائح الجمركية الجديدة.
أما على صعيد السياحة، فقد شهدت الولايات المتحدة انخفاضًا بنسبة 12% في عدد الزوار الأجانب خلال الشهر الماضي مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، بما في ذلك تراجع بنسبة 17% من أوروبا الغربية و26% من منطقة الكاريبي – وهو أول تراجع ملموس منذ تفشي جائحة كوفيد-19.