الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"تآكل الدعم الغربي".. أوروبا تنتقد إسرائيل بشأن الحرب على غزة

  • مشاركة :
post-title
الاحتلال الإسرائيلي يحول غزة إلى ركام

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

يبدأ الاتحاد الأوروبي، الذي طالما منح إسرائيل الغطاء الدبلوماسي في حروبها، في رفع صوته خارج السرب، من خلال انتقاد مباشر وغير مسبوق لعدوانها على قطاع غزة.

جاء انتقاد الاتحاد الأوروبي لدولة الاحتلال، عبر تصريحات لم تصدر عن محلل أو مراقب، بل من قلب الدبلوماسية الأوروبية ذاتها، حيث خرجت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في نبرة وُصفت بالتصعيدية، لتعلن أن "تصرفات إسرائيل تتجاوز حدود الدفاع المتناسب عن النفس".

تحذير صارم

في مؤتمر صحفي عُقد الاثنين، أكدت كايا كالاس، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، أن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها"، لكنها شددت على أن "الإجراءات الحالية تتجاوز الدفاع المتناسب عن النفس"، في إشارة واضحة إلى أن الدعم الأوروبي التقليدي لإسرائيل بدأ يتآكل أمام استمرار القتال في غزة، وتصاعد أعداد الضحايا، وتفاقم الكارثة الإنسانية.

تصريحات كالاس، التي نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" وموقع "واي نت"، مثّلت نقلة نوعية في لهجة الخطاب الأوروبي، وهو ما رآه مراقبون مؤشرًا على بداية شرخ سياسي داخل المعسكر الغربي بشأن كيفية التعامل مع إسرائيل خلال الحرب المستمرة.

دبلوماسية جديدة

كايا كالاس، البالغة من العمر 47 عامًا، والتي تولت منصب وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي مؤخرًا بعد أن شغلت سابقًا رئاسة وزراء إستونيا، لا تأتي من خلفية ناعمة في السياسة الخارجية. وقد خلفت جوزيب بوريل، الذي كانت علاقته متوترة بإسرائيل، ووُصف في الإعلام الإسرائيلي بأنه "شخص غير مرغوب فيه"؛ بسبب مواقفه الحادة ضد الحرب.

لكن خلافًا للتوقعات بأن يُشكّل تعيين كالاس تهدئة في العلاقات، بدا أنها اختارت التصعيد منذ اليوم الأول، حين أعلنت في زيارتها الأخيرة للقدس المحتلة أن "الأعمال العسكرية يجب أن تكون متناسبة".

كايا كالاس وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي

وفي مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أعربت كالاس عن رفض الاتحاد الأوروبي القاطع لخطة "ترامب المعدّلة" التي تدعو إلى ترحيل سكان قطاع غزة، وقالت إن "الاتحاد لديه تحفظات شديدة على أي محاولة لإخراج السكان قسرًا من بلادهم"، مُعتبرة أن مثل هذه السياسات من شأنها تأجيج الصراع وتدمير فرص السلام.

ترحيب بالخطة المصرية

ورغم هذا الرفض، أبدت وزيرة الخارجية الأوروبية ترحيبًا بالخطة المصرية التي طُرحت مؤخرًا كإطار محتمل للتسوية في غزة، لكنها شددت على وجود ثلاث قضايا مركزية يجب توضيحها قبل دعم الخطة بشكل كامل. أولها تمويل إعادة الإعمار، إذ قالت: "إن الاتحاد الأوروبي هو الممول الرئيسي حاليًا للمساعدات المقدمة للفلسطينيين، وهو أمر لم يعد مستدامًا وحده"، داعية دول الخليج إلى زيادة مساهماتها المالية في جهود إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في غزة، خاصة في ظل التصعيد العسكري غير المسبوق.

وأكدت كالاس أن مستقبل الحكم في غزة يجب أن يُحسم من خلال اتفاق واضح مع إسرائيل، مشددة على أن "حماس لا يمكن أن تكون جزءًا من إدارة القطاع، لأن وجودها في الحكم يُشكل تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل"، على حد وصفها.

كما أشارت إلى أن المسألة الأمنية تُعد من أعقد التحديات في أي خطة مستقبلية لغزة، مضيفة: "يجب أن نضمن بشكل لا لبس فيه، ألا تتكرر أحداث مثل السابع من أكتوبر مرة أخرى"، مطالبة بوجود جهة مسؤولة عن الأمن في غزة قادرة على منع النشاطات المسلحة وضمان الاستقرار.

نبرة أوروبية متغيّرة

تُعد تصريحات كالاس بمثابة أول اختبار حقيقي للاتحاد الأوروبي في الحرب الإسرائيلية على غزة، في ظل ما بات يُعرف إعلاميًا بـ"تآكل الدعم الغربي"، ومع أن أوروبا لم تعلن قطيعة رسمية مع إسرائيل، إلا أن حديثها المتكرر عن "عدم التناسب" و"رفض التهجير" و"وجوب المحاسبة" يُشير إلى تحوّل في التوجه السياسي تجاه تل أبيب.

ويرى مراقبون أن مواقف الاتحاد الأوروبي قد تفتح الباب لتكتلات دولية جديدة تطالب بإجراءات أكثر صرامة، وربما ضغوطات دبلوماسية على إسرائيل في حال استمر الوضع الإنساني في غزة بالتدهور دون أفق سياسي واضح.