الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وسط خسائر تريليونية.. ترامب في مواجهة شرسة مع عمالقة التكنولوجيا

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في مواجهة بين رؤيتين متضادتين لمستقبل أمريكا يقع دونالد ترامب، الرئيس العائد للبيت الأبيض حاملاً راية "أمريكا أولاً" في مواجهة مع نخبة وادي السيليكون من عمالقة التكنولوجيا، وفي تلك المواجهة يختلط الشعبوي بالتقني، والنوستالجيا بالمستقبل، ليُرسم على وقعها مصير الاقتصاد الأمريكي في العقود المقبلة.

تلك الرؤيتان المتضادتين يقف في الأولى دونالد ترامب، الذي يمؤمن بأن الخلاص يكمن في الرسوم الجمركية والإنتاج المحلي، بينما في الزاوية المقابلة، رؤساء تنفيذيون ومستثمرون يرون في الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة محركات نهضة صناعية جديدة.

رؤيتان متضادتان لمستقبل أمريكا

بحسب تقرير نشره موقع "أكسيوس" الأمريكي، فإن التوترات المتصاعدة بين دونالد ترامب وقيادات قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة تعكس تصادمًا جوهريًا بين رؤيتين متناقضتين لمستقبل البلاد

فبينما ترى شركات التكنولوجيا أن أمريكا تقف على أعتاب "عصر الذكاء الاصطناعي"، الذي سيُعيد رسم الأسواق ويُحيي الطبقة المتوسطة، يعتقد ترامب أن البلاد تعيش حالة "انحدار حاد" لن تُصححها التقنيات الحديثة، بل القوة الاقتصادية القومية المتجسدة في الرسوم الجمركية الصارمة.

ويرى مؤيدو التكنولوجيا أن الولايات المتحدة تملك تفوقًا مبكرًا في الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُفضي إلى ازدهار صناعي واسع، حيث تبرز شركات الرقائق والمعادن والبيانات والطاقة كرافعات للنمو، في المقابل، يعتقد ترامب أن الطريق إلى النهضة يمر عبر إعادة بناء قاعدة صناعية تقليدية، تعتمد على سياسات حمائية وتدخل مباشر في السوق.

صدام مع نخب الخوارزميات

في روايته الخاصة، يصف ترامب أمريكا بأنها تعرضت على مدار عقود "للسرقة والنهب والاغتصاب" من قِبل قوى خارجية واتفاقيات تجارية فاسدة، ويرى أن الإصلاح الحقيقي لا يأتي عبر ثورة صناعية رقمية، بل من خلال سياسة حمائية تُغلق الثغرات التجارية، وتُعيد بناء المصانع، وتُعيد للعامل الأمريكي مكانته وهيبته.

لا ينكر ترامب أن هذه السياسات ستُسبب ألمًا اقتصاديًا على المدى القصير، لكن في المقابل، يعد بـ"مبانٍ ضخمة، ومصانع جديدة، ووظائف ذات أجور عالية" تتوزع بين مجالات الذكاء الاصطناعي والمهن التقليدية مثل السباكة والكهرباء.

التقرير يكشف عن خلافات متصاعدة بين ترامب وكبار رموز التكنولوجيا في البلاد، مثل إيلون ماسك، وريد هوفمان، وبيل أكمان، وستان دراكنميلر.

هذه الشخصيات تعتبر الرسوم الجمركية تهديدًا مباشرًا للنمو الاقتصادي، بل وتحذّر من أنها قد تدمر سلاسل التوريد التي تعتمد عليها الصناعات الأمريكية، لا سيما في مجالات التكنولوجيا الحيوية والرقائق.

في تغريدة حُذفت لاحقًا، هاجم ماسك مستشار ترامب للشؤون التجارية بيتر نافارو، واصفًا إياه بأنه "ليس جيدًا"، رد "نافارو" في مقابلة مع قناة CNBC قائلاً إن "ماسك ليس مصنّع سيارات حقيقي، بل مجرد مُجمِّع"، هذه المشاحنات تعكس عمق التوترات داخل معسكر ترامب، خاصة مع محاولة بعض مؤيدي السوق الحرة داخل التيار الشعبوي إيجاد مقاربة متزنة للسياسات التجارية".

تحذيرات من الداخل

من داخل وادي السيليكون، غرّد المستثمر براد جيرستنر قائلاً إن "الرسوم الجمركية النووية ليست ما صوّت عليه الناس إنها ستدمر الاقتصاد الأمريكي"، وأشار إلى أن الرؤساء التنفيذيين الذين يدعمون ترامب إنما يؤيدون نسخته المؤيدة للأعمال، التي وعدت برسوم ذكية ومتبادلة، لا شاملة وعشوائية.

أما المستثمر المؤيد لترامب جو لونسديل، فاقترح أن تُنفّذ التعريفات الجمركية "بطريقة أفضل"، فيما عبّر بالاجي سرينيفاسان، وهو داعم للعملات الرقمية، عن مخاوفه من أن خطة ترامب لـ"يوم التحرير" تعني عمليًا تدمير سلاسل التوريد العالمية التي تمر عبر أمريكا.

رسوم للعقاب والنهضة

في الجهة المقابلة من الجبهة، يُمثل ستيف بانون، أحد أبرز منظّري الشعبوية في أمريكا، صوتًا راديكاليًا يدافع بشراسة عن فكرة الرسوم الجمركية كوسيلة لمعاقبة العالم على ما يصفه بـ"استغلال العمال الأمريكيين".

بانون، الذي شغل منصبًا بارزًا في إدارة ترامب الأولى ويُعد اليوم من أبرز أصوات البودكاست اليميني، يرى أن "خبراء التكنولوجيا نرجسيون عالميون"، ويؤكد أن "البلاد والمواطنين الأمريكيين أولاً".

يرى "بانون" وأتباعه أن الذكاء الاصطناعي ليس منقذًا بقدر ما هو تهديد جديد للعمال الأمريكيين، يشبه في أثره المدمر اتفاقيات التجارة الحرة، ومن هنا، فإن فرض رسوم جمركية مرتفعة، حتى وإن كانت مؤلمة، هو خطوة ضرورية لإعادة تشكيل الاقتصاد الوطني.

عقب إعلان إدارة ترامب عن بدء مفاوضات تجارية مع اليابان، كتب "بانون" لموقع "أكسيوس": "عزل الصين.. دعونا نبدأ عصرًا ذهبيًا جديدًا الآن".

تحالف مضطرب

في خلاصة التقرير، يشير "أكسيوس" إلى أن تحالف ترامب مع قطاع التكنولوجيا كان دومًا هشًا وغير متوازن، فبينما يعتمد على جاذبية "الصدمة والتغيير"، ويُروّج لنفسه كقوة قادرة على تحريك الاقتصاد، يفتقر إلى التركيز الحقيقي على الابتكار التكنولوجي. ومن جهة أخرى، لا يثق رؤساء شركات التكنولوجيا تمامًا في أجندته التجارية الشعبوية، خاصة مع تذبذب مواقفه وتشكيكه في العولمة.

تُختبر هذه العلاقة اليوم مع معركة الرسوم الجمركية التي تعصف بالأسواق. فعلى مدار ثلاثة أيام تداول فقط، خسرت الشركات السبع الكبرى في مجال التكنولوجيا أكثر من تريليون دولار.

ورغم قدرتها على تحمل هذه الخسائر مؤقتًا، فإن مكونات التكنولوجيا الأساسية مثل الرقائق والهواتف المحمولة لا يمكن تصنيعها بسرعة داخل أمريكا، ولا تملك البلاد المواد الخام أو العمالة الكافية لذلك.