أحدثت موجة الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صدى واسعًا في الأسواق العالمية، حيث تسود حالة من القلق والترقب بين الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، خاصة في آسيا، بشأن مستقبل العلاقات التجارية ومصير المفاوضات المقبلة.
وقد دخلت العديد من الدول في سباق دبلوماسي للتفاوض مع واشنطن أملًا في التخفيف من تداعيات هذه الرسوم، بينما كانت الصين الأكثر حدة في رد فعلها، متهمة الولايات المتحدة بـ"البلطجة الاقتصادية".
رد الصين
ردّت بكين على الخطوة الأمريكية بفرض رسوم انتقامية بنسبة 34% على المنتجات الأمريكية، واتخذت عدة إجراءات أخرى، منها حظر تصدير بعض المعادن المهمة، وفتح تحقيقات بحق شركات أمريكية.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، "لين جيان"، وصف سياسة "أمريكا أولًا" بأنها تمثل "أحادية الجانب وحماية اقتصادية وتنمر دولي"، مؤكدًا أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي.
ورغم تراجع الأسواق الصينية بشكل حاد، حيث هبط مؤشر "هانج سنج" في هونج كونج بنسبة 13.2%، ومؤشر شنجهاي بنسبة 7.3%، حاول الإعلام الرسمي الصيني بث رسائل طمأنة.
وقالت صحيفة "الشعب" التابعة للحزب الشيوعي الصيني: "السماء لن تسقط. نحن نعرف ما نفعل ولدينا الأدوات اللازمة".
تحرك آسيوي جماعي
وفي الوقت ذاته، سارعت دول آسيوية أخرى إلى اتخاذ خطوات تفاوضية لتقليل الخسائر. وزارة التجارة الكورية الجنوبية أعلنت أن كبير مفاوضيها "إنكيو تشيونج" سيتوجه إلى واشنطن هذا الأسبوع لمناقشة أثر رسوم بنسبة 25% على الصادرات الكورية، خصوصًا السيارات والصلب.
كما أعلنت باكستان إرسال وفد تجاري إلى واشنطن خلال الشهر الجاري للتفاوض حول رسوم جمركية بنسبة 29% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، وهي صادرات تقدر بنحو 5 مليارات دولار سنويًا وتشمل منتجات نسيجية وغيرها، وتعد حيوية لاقتصاد يعتمد بشكل كبير على قروض من صندوق النقد الدولي.
وفي جنوب شرق آسيا، قالت ماليزيا إنها ستقود جهودًا موحدة من رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) للتعامل مع الرسوم الجديدة. وزير التجارة الماليزي، زفرول عبد العزيز، أوضح أن بلاده ستستضيف اجتماعًا الخميس المقبل في كوالالمبور لمناقشة تداعيات الحرب التجارية على الاستثمارات والتدفقات الاقتصادية في المنطقة.
ونفى الوزير الماليزي تقارير عن فرض رسوم بنسبة 47% على الواردات الأمريكية، مؤكدًا أن متوسط الرسوم الماليزية لا يتجاوز 5.6%، وأن بلاده تسعى لفهم كيفية احتساب الرسوم الأمريكية التي وصلت إلى 24%.
أما إندونيسيا، فقد اختارت مسارًا مختلفًا، فرغم تعرض صادراتها لرسوم بنسبة 32%، أعلنت الحكومة أنها لن ترد بإجراءات مماثلة، بل ستسعى إلى زيادة وارداتها من القمح والقطن والنفط والغاز الأمريكية في محاولة لخفض فائضها التجاري الذي بلغ 18 مليار دولار عام 2024.
وزير الشؤون الاقتصادية الإندونيسي، إيرلانجا هارتارتو، صرّح بأن بلاده "لن تستخدم التصعيد، بل ستستخدم الدبلوماسية"، وأشار إلى نية إندونيسيا شراء مكونات أمريكية لمشروعات استراتيجية مثل المصافي النفطية، مشيرًا إلى أن بعض جيرانها في المنطقة مثل فيتنام وكمبوديا ولاوس وميانمار يواجهون رسومًا تفوق 40%.