تزايد مخاطر الركود العالمي.. رسوم ترامب تدخل حيز التنفيذ

بدأ موظفو الجمارك في الولايات المتحدة، اليوم السبت، تحصيل الرسوم الجمركية أحادية الجانب البالغة 10% التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، على جميع الواردات من العديد من البلدان، مع فرض رسوم أعلى على السلع من 57 شريكًا تجاريًا أكبر، من المقرر أن تبدأ الأسبوع المقبل.

ودخلت التعريفة الجمركية الأساسية الأولية البالغة 10% حيز التنفيذ في الموانئ البحرية والمطارات ومستودعات الجمارك الأمريكية في الساعة 12.01 صباحًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (04:01 بتوقيت جرينيتش).

وكان ترامب أعلن في كلمة ألقاها بالبيت الأبيض، الأربعاء الماضي، فيما وصفه بـ"يوم التحرير"، فرض تعريفات جمركية متبادلة على دول عدة بنسب مختلفة، لافتًا إلى أن حدها الأدنى سيكون 10%.

ومن أبرز الدول التي فرض عليها ترامب رسومًا جمركية، فيتنام بنسبة 46%، و34% على الصين، و32% على تايوان، و24% على اليابان، و20% على الاتحاد الأوروبي، والهند بنسبة 26%، و25% على كوريا الجنوبية، و36% على تايلاند، و31% على سويسرا، و24% على ماليزيا.

كما سيتم فرض رسومًا جمركية على كمبوديا بنسبة 49%، و30% على جنوب إفريقيا و10% على بريطانيا، وستواجه البرازيل رسومًا متبادلة بنسبة 10%، وهي النسبة ذاتها المفروضة على كل من سنغافورة وتشيلي وتركيا وكولومبيا، في حين أن بنجلاديش ستواجه رسوما بنسبة 37%، أما إسرائيل فستتعرض لرسوم متبادلة بنسبة 17%، وهي النسبة ذاتها المفروضة على الفلبين.

وباكستان ستواجه رسومًا جمركية بنسبة 29%، في حين ستصل النسبة المفروضة على سريلانكا إلى 44%، أما الدول العربية، فجاءت سوريا ضمن أعلى الدول العربية التي فرض عليها ترامب رسومًا جمركية بنسبة 41%، يليها العراق بنسبة 39%، ثم ليبيا بـ31%، والجزائر بـ30%، وتونس بـ28% والأردن بـ20%.

وستواجه كل من مصر والسعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وعمان والمغرب والسودان واليمن ولبنان وجيبوتي رسوما جمركية بنسبة 10%.

وتم إعفاء كندا والمكسيك من الرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضها ترامب، لأنهما لا تزالان خاضعتين لتعريفة جمركية بنسبة 25٪ للسلع التي لا تتوافق مع قواعد المنشأ بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.

ويستثني ترامب السلع الخاضعة لرسوم جمركية منفصلة بنسبة 25% تتعلق بالأمن القومي، بما في ذلك الصلب والألمنيوم والسيارات والشاحنات وأجزاء السيارات، وأصدرت إدارته أيضًا قائمة تضم أكثر من ألف فئة من المنتجات المعفاة من الرسوم الجمركية.

وتقدر قيمة هذه المنتجات بـ 645 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وتشمل النفط الخام، ومنتجات البترول، وواردات الطاقة الأخرى، والأدوية، واليورانيوم، والتيتانيوم، والأخشاب، وأشباه الموصلات، والنحاس.

وباستثناء الطاقة، تحقق إدارة ترامب في العديد من هذه القطاعات لفرض المزيد من التعريفات الجمركية المتعلقة بالأمن القومي.

وأدت محاولة ترامب لقلب نظام التجارة الدولي بفرض رسوم جمركية ضخمة إلى خسارة 5.4 تريليون دولار من الأسهم الأمريكية في يومين، وتراجعت أسعار النفط والسلع، بينما لجأ المستثمرون إلى السندات الحكومية كملاذ آمن.

وانخفض مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 6% أمس الجمعة، بعد انخفاض بنسبة 4.8% في اليوم السابق، في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي عن "يوم التحرير" يوم الأربعاء، وكان انخفاض مؤشر الأسهم القيادية بنسبة 9.1% خلال الأسبوع، هو الأكبر منذ بداية الوباء قبل 5 سنوات.

وردَّت الصين بفرض رسومها الخاصة، ما أدى إلى تعميق المخاوف من حدوث ركود في الاقتصاد العالمي، وأضافت أكبر دولة مصدرة في العالم، إلى الشعور بالكآبة، عندما أعلنت عن فرض رسوم جمركية بنسبة 34% على جميع الواردات الأمريكية.

ونقلت صحيفة" فايننشيال تايمز" عن أجاي راجادياكشا، رئيس الأبحاث العالمية في باركليز: "إذا لم يتم إلغاء التعريفات الجمركية المتبادلة بحلول التاسع من أبريل، وهو ما لا أعتقد أنه سيحدث، فربما سننظر إلى الركود في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وحذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم بأول، من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب من شأنها أن تتسبب في "ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو".

ورفع محللو "جي بي مورجان" خطر حدوث ركود عالمي هذا العام إلى 60%، مقارنة بتقديراتهم السابقة البالغة 40%، وقال لاديسلاف يانكوفيتش، وهو استراتيجي في "جي بي مورجان": "أسواق المخاطرة تضغط على زر الذعر بسبب الرد الانتقامي الصيني".

وفي إشارة إلى تفاقم القلق في الأسواق، فر المستثمرون من سندات الشركات الأمريكية ذات التصنيف المنخفض وغيرها من الأصول الخطرة، وسارعوا إلى اللجوء إلى الملاذات الآمنة مثل سندات الخزانة.

واكتسبت عمليات البيع زخمًا مع مطالبة البنوك لعملاء صناديق التحوط بضخ أموال نقدية إضافية مع تعرض محافظهم لضربة بسبب اضطرابات السوق، في حين جمدت العديد من الشركات بما في ذلك شركة التكنولوجيا المالية "كلارنا" خطط الاكتتاب العام الأولي.

وامتد التراجع إلى أسواق السلع، إذ انخفض خام برنت، المرجع العالمي للنفط، أمس الجمعة بنسبة 6.5% ليستقر عند 65.58 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى له في ثلاث سنوات، كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 7.4% ليستقر عند 61.99 دولار للبرميل.

وانخفض سعر النحاس، الذي يعتبر في كثير من الأحيان مؤشرًا على وجهة نظر التجار بشأن صحة الصناعة العالمية، بنحو 9% في المملكة المتحدة.

وخسرت شركة "أبل" -الموصوفة بأنها عملاق التكنولوجيا الأكبر- 314 مليار دولار من قيمتها السوقية، بعد الإعلان عن رسوم ترامب الجمركية، إذ انخفضت أسعار أسهمها 9% في وول ستريت، مع انخفاض عام لحق بأسعار الأسهم، فخسر أثرياء العالم 208 مليارات دولار، حسبما أوردت وكالة " بلومبرج" الأمريكية.

ويأتي التأثير الأكبر على "أبل" من الرسوم المفروضة على مرافق إنتاج تابعة لها في الخارج. وكانت الصين -حيث يتم تصنيع 85% من هواتف أيفون- الأكثر تضررا، فقد كشف ترامب عن زيادة الرسوم الجمركية على الواردات من الصين من 34% إلى 54% ما أدى إلى زيادة تكاليف التصنيع لشركة "أبل" ولشركات التكنولوجيا الأخرى. وإضافة إلى ذلك، ستطبق التعريفات الجمركية أيضًا على مراكز إنتاج رئيسية أخرى للشركة، مثل فيتنام (46%) والهند (26%).

أما الأفراد، فكان الخاسر الأكبر بينهم من حيث قيم الأسهم، مارك زوكربيرج، مؤسس شركة "ميتا" المالكة لـ"فيسبوك" وغيره، فخسر17.9 مليار، تمثل 9% من صافي ثروته، تلاه جيف بيزوس، مؤسس "أمازون" الذي خسر 15.9 مليار من ثروته الشخصية، أما إيلون ماسك، فخسر 11 مليار دولار أيضًا، تلاه بالدرجة الرابعة من حيث قيمة الخسارة "إرنست جارسيا الثالث" الرئيس التنفيذي لشركة "كارفانا" بخسارة مقدارها 1.4 مليار دولار، حسب بلومبرج.