أعلنت الصين فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 34% على جميع الواردات الأمريكية، في تصعيد خطير لحرب تجارية أشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حين يأتي هذا الرد الصيني عقب إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، مع فرض رسوم إضافية على دول معينة، بينها الصين بلغت 54%.
ووصفت لجنة التعريفة الجمركية في مجلس الدولة الصيني الإجراءات الأمريكية بأنها "ممارسة نموذجية للتنمر من جانب واحد"، وأكدت أنها "لا تتماشى مع قواعد التجارة الدولية، وتقوض بشكل خطير الحقوق والمصالح المشروعة للصين".
حزمة إجراءات صينية
أشارت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية إلى تصريح وزارة المالية الصينية، بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 34% على جميع السلع المستوردة من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية المطبقة حاليًا.
كما أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الإجراءات الصينية لم تقتصر على فرض الرسوم الجمركية فحسب، بل شملت قيودًا إضافية على صادرات المعادن النادرة، المستخدمة في صناعات التكنولوجيا المتقدمة، مثل البطاريات والسيارات الكهربائية.
وأضافت بكين 16 شركة ومنظمة أمريكية إلى قائمة مراقبة الصادرات، ما يعني تقييد الشركات الصينية من التعامل التجاري معها.
كما لجأت الصين إلى منظمة التجارة العالمية، إذ رفعت دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة، متهمة واشنطن بانتهاك قواعد التجارة الدولية، في خطوة تصعيدية تعكس عزم بكين على مواجهة السياسات الأمريكية على كل المستويات.
مخاوف من الركود
أدى التصعيد المتبادل بين أكبر اقتصادين في العالم إلى انهيار في أسواق المال العالمية لليوم الثاني على التوالي، إذ فقد مؤشر FTSE 100 في لندن أكثر من 300 نقطة منذ بداية التداول، في أكبر انخفاض يومي له منذ مارس 2023، وانخفض مؤشر ستوكس 600 لأكبر 600 شركة أوروبية بنسبة 4.4%.
كما تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية بشكل حاد، ما ينذر بمزيد من الخسائر في وول ستريت، بعد أن تسببت الرسوم الشاملة التي فرضتها إدارة ترامب في خسارة 2.4 تريليون دولار من قيمة الأسهم الأمريكية.
وانخفض سعر خام برنت بنسبة 6.6% ليصل إلى 65.50 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ أغسطس 2021.
وفي ظل هذه التطورات، رفع بنك الاستثمار "جيه بي مورجان" احتمالية دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود بحلول نهاية العام إلى 60%، بعد أن كانت 40% سابقًا.
ردود فعل متباينة
وردَّ ترامب على القرار الصيني بمنشور حاد على منصة "تروث سوشيال" قائلاً: "الصين أخطأت التقدير، لقد أصابها الذعر.. الشيء الوحيد الذي لا يمكنها تحمله".
وانقسم المحللون في تقييمهم للرد الصيني، إذ اعتبر وانج وين، عميد معهد تشونجيانج للدراسات المالية بجامعة رينمين الصينية، أن "الصين لن تستسلم أبدًا لترامب، لكنها لا تستبعد التعاون مع الولايات المتحدة على مستوى الاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين".
وأضاف أن رد الصين كان "مقيدًا" واقتصر على الإجراءات التجارية.
في المقابل، رأى محللون آخرون أن ردَّ الصين كان قويًا وغير متوقع، إذ قال ستيفان إيكولو، محلل السوق والأسهم في شركة تراديشن في لندن، لوكالة "رويترز": "الصين تخرج بقوة برد عنيف على رسوم ترامب الجمركية.. هذا أمر مهم ومن غير المرجح أن ينتهي، ومن هنا تأتي ردود الفعل السلبية في السوق.. المستثمرون يخشون من حالة حرب تجارية متبادلة".
ضربة قاضية
تستهدف الإجراءات الأمريكية بشكل خاص شركات الموضة السريعة الصينية التي هيمنت على سوق التجارة الإلكترونية الأمريكي، إذ نمت شركتا "تيمو" و"شين" بسرعة في السوق الأمريكي، مستفيدتين من ثغرة في قواعد الاستيراد الأمريكية، التي سمحت بشحن البضائع التي تقل قيمتها عن 800 دولار إلى الولايات المتحدة مجانًا.
لكن ترامب أغلق هذه الثغرة، اعتبارًا من 2 مايو، إذ ستخضع الطرود المعفاة من الرسوم الجمركية، والتي يأتي نحو 60% منها من الصين، لرسوم بنسبة 30% من قيمة البضائع، أو 25 دولارًا، ترتفع إلى 50 دولارًا في يونيو.
من جهتها، أدانت الاتحادات الصناعية الصينية بالإجماع الرسوم الجمركية الأمريكية.
وقال اتحاد الصين الوطني للمنسوجات والملابس إنه "يدعم الإجراءات القوية للحكومة" وأن الولايات المتحدة "أضرت بمرونة سلسلة توريد صناعة المنسوجات العالمية".
مستقبل غامض للعلاقات التجارية
كان بعض المحللين يتوقعون أن تتوصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق قبل الموعد النهائي في 9 أبريل لدخول الرسوم الجمركية الأمريكية حيز التنفيذ.
وكانت صحيفة فايننشيال تايمز ذكرت أن ترامب كان يفكر في استخدام تهديد الرسوم الجمركية للضغط على بكين للسماح لشركة بايت دانس ByteDance ببيع تطبيق تيك توك TikTok لكيان أمريكي.
وفي تقييم للوضع الراهن، وصف شامين براشانثام، الأستاذ في كلية الأعمال الدولية الصينية الأوروبية في شنجهاي، حرب التجارة المتصاعدة بأنها ضربة قاضية للتجارة العالمية، قائلًا: "لا أرى كيف يمكن أن يكون هناك العديد من الفائزين في هذا الصراع".