وصف موقع "أكسيوس"، خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية، بأنها واحدة من أكبر وأخطر المغامرات الاقتصادية في تاريخ الرئاسة الأمريكية، مضيفًا أنه "تصرف خلافًا لنصيحة معظم قادة الأعمال، والعديد من الاقتصاديين، وحتى بعض المسؤولين الجمهوريين".
ويسعى ترامب إلى إعادة تنظيم الاقتصاد العالمي بطريقة يعتقد أنها ستخلق عصرًا ذهبيًا للصناعة الأمريكية، وقال أمس، إن "اليوم هو يوم ولادة الصناعة الأمريكية من جديد"، لافتًا إلى أن هناك دولًا تسرق ثروات بلاده منذ سنوات.
وأضاف ترامب، في خطاب وصفه بـ"يوم التحرير"، أنه سيوقع خلال لحظات على أمر تنفيذي بشأن التعريفات الجمركية المتبادلة"، مؤكدًا أن ذلك سيجعل أمريكا ثرية من جديد"، لافتًا إلى أن بلاده تمت "سرقتها" و"نهبها" من قبل "الأعداء والأصدقاء" لعقود.
وتستهدف التعريفات الجمركية، التي تدخل حيز التنفيذ، خلال أسبوع واحد، شركاء تجاريين حيويين برسوم ضخمة، الأمر الذي يرفع من أسعار المستهلكين، ويعطل النشاط التجاري، ويزعزع التجارة العالمية، بحسب الموقع.
ارتفاع الأسعار
وبعد فرض ترامب الرسوم الجمركية، من المرجح أن ترتفع أسعار السلع المستوردة، وأن يكون الركود الاقتصادي واردًا، ومن المؤكد أن تأثيرات بعيدة المدى في الاقتصاد والدبلوماسية الدوليين ستمتد إلى ما لا نهاية.
وتمزّق نظام الأسواق المفتوحة في الغالب، الذي بُني على مدى ثمانية عقود من قِبل قادة كلا الحزبين، في لحظة نسبية، دون حتى تصويت من الكونجرس، واتُخذ الإجراء التنفيذي أمس، باستخدام سلطة طوارئ للأمن القومي.
وعندما تولى ترامب منصبه عام 2017، كان متوسط التعريفة الجمركية المرجح على السلع المستوردة من الولايات المتحدة نحو 1.5%، وتضاعف تقريبًا ليصل إلى نحو 3% بحلول وقت مغادرته منصبه عام 2021.
وبعد تطبيق التعريفات الجمركية المتبادلة، 9 أبريل، ومع احتساب التدابير الأخرى التي أعلنها ترامب بالفعل، سترتفع هذه النسبة بشكل كبير.
وتتضمن التقديرات الأولية أرقامًا تصل 21%، بحسب وكالة فيتش الأمريكية للتصنيف الانتمائي، أو 29% بحسب شركة إيفركور آي إس آي للخدمات المصرية، وكل هذه الأرقام هي الأعلى منذ أكثر من قرن.
وسيؤدي ذلك إلى زيادة قدرها 2.3 نقطة مئوية في التضخم الإجمالي بأمريكا هذا العام، وفقًا لتقديرات جديدة من مختبر الميزانية بجامعة ييل الأمريكية، أو ما يعادل نحو 3800 دولار للأسرة المتوسطة.
ومع فرض ضرائب باهظة على نحو 60 دولة يعتبرها ترامب أسوأ المخالفين، إذ ستخضع الواردات الصينية لرسوم جمركية بنسبة 54%، ابتداءً من الأسبوع المقبل، وهو رقم يزيد عن المعدل التبادلي البالغ 34% مع معدل 20% السابق الساري بالفعل.
وستواجه الواردات الأوروبية رسومًا جمركية بنسبة 20%، بينما تخضع المركبات المُصنَّعة هناك لرسوم جمركية بنسبة 25%، بدءًا من صباح اليوم، بموجب سياسة تم إعلانها الأسبوع الماضي.
وستواجه فيتنام رسومًا جمركية بنسبة 46%، وتواجه الواردات من اليابان وكوريا الجنوبية والهند رسومًا جمركية تزيد على 25%.
وتجدر الإشارة إلى أن الرسوم الجمركية مرتفعة للغاية، والأضرار المحتملة جسيمة، لدرجة أن بعض الاقتصاديين لا يعتقدون أن ترامب سيُطبِّقها.
وقال صامويل تومبس، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في "بانثيون ماكرو إيكونوميكس" للتحليلات المالية، إن الرسوم الجمركية المتبادلة لن تدخل حيز التنفيذ حتى 9 أبريل، ما يترك "الباب مفتوحًا للتراجع والمزيد من التأخير".
تصفية للحسابات
ووفقًا للموقع الأمريكي، فإن "المشكلة هي أن مسؤولي ترامب يرون أن هذه هي أفضل طريقة لتصفية الحسابات مع الزعماء العالميين، الذين يعتقدون أنهم بذلوا جهودًا كبيرة لإغلاق أسواقهم أمام السلع الأمريكية".
وصرّح مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية للصحفيين: "هذه ليست مفاوضات، إنها حالة طوارئ وطنية".
وأضاف: "أي دولة تعتقد أنها تستطيع ببساطة إصدار إعلان يعد بخفض بعض الرسوم الجمركية تتجاهل المشكلة الجوهرية الكبرى المتمثلة في حواجزها غير الجمركية الضخمة".