في خطوة تعكس التحولات العميقة، التي يشهدها قطاع التعدين بفضل الذكاء الاصطناعي، حقق أحد مناجم الفحم في الصين أرباحًا تفوق تلك التي تحققها بعض البنوك الاستثمارية الكبرى. هذا التحول الجذري لم يكن نتاج ارتفاع أسعار الفحم أو زيادة الإنتاج التقليدية، بل جاء مدفوعًا بتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى تحسين الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف وتعزيز السلامة في العمل.
مستقبل مشرق
لطالما عُرفت صناعة التعدين بأنها قطاع تقليدي يعتمد على العمالة الكثيفة وظروف العمل القاسية، إلا أن الصين، التي تعد أكبر مُنتج للفحم في العالم، بدأت إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز إنتاجية المناجم وتقليل المخاطر المرتبطة بها.
وفي السياق ذاته، قام منجم فحم في مقاطعة شانشي - منطقة غنية بالموارد الفحمية - بتطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة، التي ساعدت في أتمتة عمليات الحفر والاستخراج، وتحليل البيانات الجيولوجية بدقة أكبر، إضافة إلى تحسين مراقبة السلامة والتنبؤ بالمخاطر، حسبما ذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
وبحسب التقارير، فإن هذا التحول الرقمي أدى إلى زيادة الإنتاجية بنسبة 30%، وخفض التكاليف التشغيلية بنسبة 20%، ما جعل المنجم يحقق أرباحًا سنوية تفوق ما يجنيه أحد البنوك الاستثمارية الكبرى في الصين.
الذكاء الاصطناعي يصنع الفارق
وجاء تركيب أنظمة مراقبة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، قادرة على التنبؤ بانهيارات الصخور أو تسربات الغاز السامة، ليسهم في خفض عدد الحوادث بشكل ملحوظ، وأصبحت عمليات الصيانة أكثر دقة، إذ يتم استخدام أجهزة استشعار تعمل بالذكاء الاصطناعي لاكتشاف الأعطال قبل حدوثها، ما يقلل من التوقفات غير المخطط لها.
وساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة سلاسل التوريد، من خلال تحليل البيانات في الوقت الفعلي والتنبؤ بالطلب على الفحم. ونتيجة لذلك، انخفضت التكاليف اللوجستية، وتمكنت الشركة من تسعير منتجاتها بشكل أكثر تنافسية في الأسواق العالمية.
تفوق على البنوك الاستثمارية
في حين أن البنوك الاستثمارية تحقق أرباحها من تداول الأسهم وإدارة الأصول، إلا أن الأرباح التي حققها منجم الفحم المدعوم بالذكاء الاصطناعي، بحسب الصحيفة الصادرة عن هونج كونج، تفوقت على أداء العديد منها، ويرجع ذلك إلى التحسن الكبير في الكفاءة التشغيلية وخفض تكاليف العمالة والمخاطر، ما أدى إلى زيادة هامش الربح بشكل غير مسبوق.
ويقول محللون اقتصاديون لـ"ساوث تشاينا مورنينج بوست"، إن هذا المثال يعكس كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعيد تشكيل القطاعات التقليدية، إذ تصبح أكثر ربحية من الصناعات التي تعتمد على رأس المال المالي مثل البنوك الاستثمارية.