الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أكوام أنقاض.. فاينانشال تايمز: سكان غزة يعودون إلى الخراب بعد وقف الحرب

  • مشاركة :
post-title
دمار هائل في غزة جراء العدوان الإسرائيلي

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

مع سريان وقف إطلاق النار في غزة، الأحد الماضي، استقل أحمد عليان البالغ من العمر 22 عامًا، سيارته وقادها جنوبًا إلى مسقط رأسه في رفح الفلسطينية جنوب القطاع، التي نزح منها قبل 8 أشهر. وبينما كان يقترب، بدأت أكوام الأنقاض تتزايد، حتى حاصرته واختفى الطريق أمامه، فأوقف السيارة وواصل سيره على قدميه.

وسار عليان عبر الأماكن التي كان يرتادها قديمًا، أحياء مثل تل السلطان والبلد والجنينة، قبل أن يصل منطقته "حي البرازيل". ولم يكن هناك أي أثر للحديقة التي كانت قائمة ذات يوم على زاوية الشارع، ولم يبق في الحي كله سوى منزلين، لم يكن منزله من بينهم.

وكان عليان يعلم أن الأمر سيكون سيئًا، لكنه لم يتوقع أن يجد ما وجده، أرض قاحلة، وقال: "كل ما رأيناه كان أنقاضًا. لقد تهدمت المدينة".

وتشير صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إلى أنه على مدى أشهر من الحرب الإسرائيلية على غزة، كان نحو مليوني فلسطيني نازح مثل عليان يتوقون بشدة للعودة إلى ديارهم.

وذكرت الصحيفة أن وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ، الأحد الماضي، كان يعني أن بعض الناس تمكنوا أخيرًا من العودة إلى ديارهم، لكن من رفح في جنوب غزة إلى جباليا شمال القطاع، كانت مشاعر الارتياح ممزوجة بالحزن على الخسائر التي لحقت بهم. وكانت هناك طرق ومتاجر وحدائق في السابق، لم يجد الناس سوى أكوام الأنقاض، ويواجه العائدون صعوبة كبيرة في التعرف على منازلهم.

وكل ما تبقى من المبنى السكني المكون من خمسة طوابق، الذي نشأ فيه عليان مع جدته وأعمامه وأبناء عمومته، هو كومة من الأنقاض. وقال عليان: "كعائلة، نحن سنعود. لن نترك منازلنا أو أرضنا. نريد العودة، لكن في الوقت الحالي لا توجد بنية تحتية، ولا مجاري، ولا مياه".

وذكرت "فاينانشال تايمز" أن الحرب التي استمرت 15 شهرًا، دمرت غزة أكثر من أي عدوان إسرائيلي سابق، واستشهد نحو 47 ألف شخص، منذ بدء العدوان 7 أكتوبر 2023.

ونزح نحو 1.9 مليون شخص من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. وتقول الأمم المتحدة إن 92% من المنازل دمرت أو تضررت، وتقدر أن هناك أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض التي قد يستغرق إزالتها ما يصل 21 عامًا وتكلف نحو مليار دولار.

وبدأت بسمة مهدي -45 عامًا- التي اضطرت للفرار من بيت لاهيا في الشمال إلى مدينة غزة، طريق العودة، الأحد الماضي، وأعربت عن صدمتها مما رأته، وقالت: "شعرت وكأنني في حلم. اختفت المباني والشوارع بأكملها. أردت فقط أن أغمض عيني لتجنب رؤية أي شيء".

ووجد الفلسطينيون العائدون إلى أحيائهم المهجورة جثامين أحبائهم مسحوقة تحت أنقاض منازلهم. وقالت هيئة الدفاع المدني في غزة، إن هناك 10 آلاف جثمان لا تزال محاصرة تحت الأنقاض.

ولا توجد خطة واضحة لإعادة الإعمار بعد الحرب، ويعتمد المشروع الضخم المتمثل في إزالة الأنقاض على مدى استمرار وقف إطلاق النار، الذي لا يزال في مرحلته الأولية التي تستمر 6 أسابيع. ولا تزال المرحلتان الثانية والثالثة بحاجة إلى التفاوض من أجل إنهاء الحرب بشكل دائم، وهو أمر غير مضمون، قبل أن تبدأ عملية إعادة الإعمار.

ومن غير الواضح من أين ستأتي المبالغ الضخمة المطلوبة. وهذا ما جعل الفلسطينيين يتساءلون عن المدة التي سيضطرون فيها إلى العيش في خيام فوق أنقاض منازلهم. وقال مهدي: "سننام الليلة في أنقاض منزلنا. إنه حطام لكنه لا يزال منزلنا. أنا سعيد للغاية بوجود هدنة. لكن لا شيء سيكون على ما يرام بالنسبة لنا حتى يمر وقت طويل".

وكان حق سكان غزة في العودة إلى أرضهم أحد المبادئ الأساسية لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن العديد من الناس ما زالوا غير قادرين على البدء في هذه العملية. فبموجب الاتفاق، يتعين على الفلسطينيين الانتظار لمدة أسبوع قبل أن يتمكنوا من عبور الحاجز الإسرائيلي المعروف باسم ممر نتساريم، الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه.

وخاطرت مجموعة من الناس، الذين يأتون من أجزاء من غزة لا تزال تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحياتهم من أجل إلقاء نظرة على منازلهم، لكنهم فروا عائدين إلى مخيمات النازحين، بعد تعرضهم لنيران الاحتلال.